هل تشهد العلاقة بين الضاحية ومعراب مزيدًا من التأجّج؟
يبرز الاختلاف الكبير بين حزب الله وحزب القوّات اللّبنانية لجهة القرارات الإستراتيجية والخيارات الإقليمية. ومع عودة الحديث عن تقصير ولاية مجلس النواب وإجراء انتخابات نيابية عامة تعيد فرز سلطة جديدة، برزت تقارير تتحدّث عن معادلات سياسية جديدة قد تفرضها نتائج الانتخابات النيابية، خصوصاً أن المزاج الشعبي تغير كثيرًا بعد أحداث 17 تشرين 2019 و إنفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020.
وأكدت أوساط مصادر نيابية بارزة، أن “المشروع المقدّم من قبل القوات اللبنانية لن يحظى على موافقة أغلبية مجلس النواب، وبالتالي لن يكون هناك انتخابات نيابية مبكرة”.
ولفتت إلى أنّ “الثنائي الشيعي هما خط الدفاع الأول عن مجلس النواب وبقائه، ورئيس المجلس النيابي نبيه برّي لن يسمح بأي طرح قد يؤدي إلى سقوط البرلمان الذي يترأسه، لا سيّما أن الغالبية النيابية في المجلس هي لقوى 8 آذار، وأنّ أيّ قرار يتعلّق بالاستقالات الجماعية أو بتقصير ولاية المجلس لا يحصل دون موافقة حزب الله وحركة أمل”.
هذا وأشارت مصادر القوّات اللّبنانية، إلى أنّ “تقصير ولاية مجلس النواب ليس جريمة، بل خطوة ديمقراطية تلجأ إليها كلّ الدول الديمقراطية التي إما فيها أحداثًا تؤدي إلى تبدّل المزاج العام كما حصل في لبنان بفعل 17 تشرين و 4 آب وبفعل الأزمة المالية ومطالبة الناس بانتخابات نيابية، وبالتالي أصبح هناك شكوك حول مشروعية هذا المجلس حيث حصلت أحداث وتطورات تستدعي هذا التقصير، أو عندما يدخل أيّ بلد في عملية انسداد في الأفق السياسي وتغيب الحلول، بدليل أنّ الحكومة المستقيلة لم تنجح بإخراج لبنان من أزمته ولا تأليف الحكومة بعد تكليف الرئيس سعد الحريري ذهب باتجاه التحقق، لذلك يجب الذهاب لفتح آفاق في السياسة، والآفاق السياسية لن تفتح إلّا من خلال تقصير ولاية مجلس النواب وإعادة إنتاج السلطة”.
وعن نتائج الانتخابات المقبلة، أوضحت المصادر أنّ “القوّات اللّبنانية تسعى إلى إخراج اللبنانيين من أزمتهم، وهدفها الأساس هو الإنقاذ والخروج من هذه الدوامة والمراوحة والفشل القائم. أما إذا أصبحت القوات هي الكتلة النيابية الأكبر، فهذا سيكون دليلاً إضافياً حول المزاج الجديد الذي يريد تثبيت خيارات القوات التاريخية ببناء دولة سيدة على أرضها ممسكة بسلاحها وقرارها الإستراتيجي على أكثر من مستوى”.
واعتبرت أنّ “الحوار بين الجانبين مرهون بـ ظروف خارجية إيرانية أميركية تدفع حزب الله إلى تسليم سلاحه إلى الدولة اللّبنانية، وبناء عليه هناك قناعة مشتركة لكلا الطرفين أنّ أيّ حوار اليوم غير مفيد ولا يؤدي إلى أي نتيجة، في ظل هذا التباعد الكبير بين فكرتين وايديولوجيتين ومدرستين ومنطقين وفلسفتين مختلفتين”.
من جهة أخرى، أشارت أوساط مطلعة على أجواء حزب الله إلى أنّ “العلاقة بين الحزب والقوات عادية جدًا، واللّقاءات التي تحصل لها علاقة بالعمل داخل مجلس النواب لا أكثر”، لافتة إلى أنّه “لا يوجد علاقة سياسية وتفاهمات بين الحزبين، وإنّما علاقات زمالة لأشخاص يعملون في مكان عمل واحد”.
وأوضحت أنّ “ليس هناك قطيعة بين حزب الله والقوّات اللّبنانية، ولكن ليس هناك حرارة تفاهمات، وأحيانًا تحصل تقاطعات على موضوع معيّن ينعكس في وسائل الإعلام”.
وعن الخصومة السياسية بين الطرفين، قالت الأوساط المقرّبة من حزب الله: “الظاهر أنّ دور القوات مخصص لهذا الغرض، بمعنى أنّه حتى لو لم ترد القوات أن تكون خصمًا لحزب الله لوجب ان يلعب هذا الدور بإيعاز من الخارج”.
وذكرت أنّ “القوّات اللّبنانية يمكنها أن تتصالح مع نفسها بحيث تتقاطع مع حزب الله وأحزاب سياسية أخرى في عملية الإصلاح وبناء الوطن، ولكن لا يُسمح لها ذلك بسبب إرتباطاتها وتحالفاتها الخارجية”.
وأكّدت أنّ “القوات لن تكون خصمًا دائمًا لحزب الله لأنّ لا شيء يبقى على حاله في السياسة، لكن في المرحلة الراهنة فإنّ هذا هو الدور المطلوب من القوّات اللّبنانية، أن تبقى رأس حربة في مواجهة حزب الله داخلياً”.
وعن احتمال أن تصبح القوّات اللّبنانية أكبر كتلة نيابية مسيحية، قالت الأوساط: “لا شك أنّ العمل جار منذ سنوات لكي لا يكون هناك حليف لحزب الله في الطائفة المسيحية، ولم يكن ضرب العلاقة وتصديعها من خلال استغلال التباين في الملفات الداخلية إلّا بهذا الغرض. ولذلك سيكون يومًا سعيدًا لخصوم حزب الله وأعدائه أن يصلوا لمرحلة لا يكون فيها لحزب الله أي صديق في الساحة المسيحية”.
وأضافت “ولا شكّ أنّ عدم وجود أصدقاء وحلفاء للحزب في البيئة المسيحية سيضعف مشروعية حزب الله الداخلية، ويقلّل من حجم داعميه وحضانتهم له في مواقفه وخياراته”.
محمد المدني