مجتمع

بدء قطاف الزيتون في الجنوب: الأزمة والاهمال يهدد الانتاج

بوتيرة بطيئة، انطلق موسم قطاف الزيتون في الجنوب، اذ ينتظر العدد الأكبر من أصحاب أشجار الزيتون “الشتوة الأولى” لري أشجارهم، التي عانت من انحباس المطر في شهر نيسان، ومن انقطاع مياه الدولة طيلة فصل الصيف وحتى يومنا هذا.

لكن رغم كل ذلك فان “الموسم مقبول، وأشجار الزيتون ممتلئة بالحبوب” تقول فاطمة قشمر، ابنة بلدة رب ثلالثين (مرجعيون)، التي قررت قطاف زيتون أشجارها باكراً، بعد أن بدأت الحبوب بالتساقط أرضاً بسبب مرض “عين الطاووس” الذي أصيب به عدد كبير من الأشجار.

ليست المرة الأولى التي يجتاح فيها المرض أشجار الزيتون، لكن بحسب قشمر “هذه السنة لم نتمكن من محاربة هذا المرض، لأن وزارة الزراعة غابت بشكل كلّي وغابت معها أدوية مكافحة الأمراض التي تصيب أشجار الزيتون، أما المبيدات المتوفرة في الأسواق فهي تباع بالعملة الصعبة ولا نقدر على شرائها”.

لم تستعن قشمر وغيرها من أبناء المنطقة بالعمال لقطاف أشجار الزيتون، “أجرة العمال باتت مرتفعة أيضاً ولا نقدر على دفعها، فمعظم العمال يطالبون بتقاضي ما يزيد على 500 ألف ليرة يومياً، ويحتاج كرم الزيتون الى العديد من العمال، كما لم يعد مقبولاً دفع بدل القطاف من المحصول، لأن ثمن تنكة زيت الزيتون يزيد على 110 دولارات”.

علي بو طعام، بدأ قطاف زيتوناته أيضا في بلدة الطيبة المجاورة، وهو يؤكد على “مشكلة تساقط حبات الزيتون بكثافة، أما انتاجها من الزيت فهو أدنى بكثير من السنوات الماضية”، محيلا السبب الى “العطش وانتشار مرض عين الطاووس”، يستدل بو طعام على كلامه بأن “مد الزيتون أنتج حوالي كيلو ونصف من الزيت، بينما كان ينتج سابقا حوالي ٣ كلغ”. وينصح المزارعين بتأخير القطاف الى ما بعد “الشتوة الأولى”.

وبحسب سليم بزي، صاحب معصرة حديثة للزيتون في بنت جبيل، فان “معظم المزارعين وأصحاب أشجار الزيتون المقيمين في المنطقة يمتنعون اليوم عن استئجار العمال ويفضلون قطاف الثمار بأيديهم، أما البلديات فقد حددت البدل اليومي للعامل في قطاف الزيتون ب 400 ألف ليرة، لكن يبدو أن العمال يفرضون تسعيرة أعلى من ذلك بكثير، مستغلين غياب أصحاب الرزق، لا سيما المغتربين منهم، وغياب رقابة البلديات والمعنيين”، لافتاً الى أن “أجرة عصر الزيتون في المعاصر هي 10% من الانتاج، فالمعاصر تحتاج الى تشغيل مولدات الكهرباء فترات طويلة”، معتبراً أن “كلفة الغلاء يتحملها المزارع وأصحاب المعاصر معاً، حتى أن ثمن غالون الزيت الفارغ ارتفع ثمنه من 4000 ليرة الى 120 ألف ليرة، لذلك وصل ثمن تنكة زيت الزيتون الى 120 دولار أميركي”.

ويرى رئيس مركز وزارة الزراعة في مرجعيون فؤاد ونسة أن “على المزارعين الاستغناء عن العمال في قطاف أشجارهم واستخدام آلات قطاف الزيتون الصغيرة، والتي يتراوح ثمنها بين 400 و1000 دولار، لأنها ستساهم في الحفاظ على أشجار الزيتون ونسبة حمولتها في السنوات القادمة، اضافة الى أنها تخفض من كلفة القطاف”، مطالباً البلديات أو أي جهة عامة بشراء هذه الآلات واستثمارها “لأنها ستساهم في توظيف عمال لبنانيين، وتخفض كلفة القطاف على المزارعين، وتساهم في تحسين انتاج أشجار الزيتون، لا سيما في جنوب لبنان الذي تنتشر فيه أشجار الزيتون بكثافة”.

ونسة الذي بات عضواً في اللجنة الوطنية لزراعة الزيتون يشارك اليوم في مؤتمر في ايطاليا للتدرب على محاربة مرض ” البكتيريا المستعصية” الذي أصاب أكثر من مليون شجرة زيتون في ايطاليا وأسبانيا، ومن الممكن جداً أن ينتقل الى لبنان، يقول “إن وزارة الزراعة تيقنت مؤخراً أن البكتيريا التي أصابت أشجار الزيتون في أوروبا موجودة اليوم في لبنان في بعض النباتات، لذلك يجب العمل سريعاً على مكافحتها قبل انتقالها الى اشجار الزيتون”، مؤكداً على “ضرورة اهتمام المزارعين بكيفية تقليم أشجار الزيتون، واستخدام مصائد للذباب الذي يتكاثر على أشجار الزيتون، ابتداء من 15 أيار من كل سنة، ورش الأشجار بعيد قطافها وتشحيلها مباشرة بمادة الجنزارة منعاً لانتشار مرض عين الطاووس، ومنع العمال من استخدام العصيّ أثناء القطاف”.

ويرى مسؤول جهاد البناء في الجنوب سليم مراد أن شتول أشجار الزيتون التي تستحضر من سوريا لها مواصفات جيدة لكنها في مناطقنا تعاني من نمو بطيء وهي غير قادرة على مواجهة الأمراض، لأن المزارعين في سوريا يعتمدون على تجذيرها بالاعتماد على طريقة “الأقلام” دون الاعتماد على طريقة زرع البذار والتطعيم وهذا يجعل الأشجار تتأثر سلباً بالجفاف. وبحسب دراسة أعدها مراد، فانه في لبنان 13500000 شجرة زيتون، 45% منها في الجنوب، و55% في الكورة وعكار، ويوجد في المنطقة الأولى في الجنوب ( بنت جبيل، مرجعيون، حاصبيا، الخيام وصور) 4000000 شجرة زيتون، ويعادل متوسط انتاج الشجرة الواحدة 25 كلغ من الزيتون، أي ما يعادل 5 كلغ من الزيت.

ومتوسط انتاج هذه المنطقة يعادل 1250000 تنكة زيت، تستهلك هذه المنطقة منها حوالي 70% والباقي يباع خارج البلاد. ويطالب مراد “بضرورة ايجاد مشاتل خاصة لأشجار الزيتون لزرع ما يزيد على 25000 شتلة سنويا، واعتماد صنف الزيتون البلدي ( الصوراني) لأهميته في التأقلم مع المناخ ومقاومة الأمراض، وايجاد برامج ارشادية متخصصة حول قطاف الزيتون وحصاده وعصره وتعبئته وحفظه والسعي لايجاد أسواق خارجية خصوصاً في بلاد الاغتراب”.

داني الأمين

داني الأمين

صحافي وباحث. حائز على اجازة في الحقوق من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى