سقوط “الكابيتال كونترول” يهدد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وميقاتي بين المطرقة والسندان
عبد المسيح لـ"أحوال": "المشروع" يقضم الودائع ويفرض قيوداً على مقاضاة المصارف ويفلت الدولار
لم يمُر مشروع قانون “الكابيتال كونترول” الذي نوقِش في جلسة اللجان النيابية المشتركة في المجلس النيابي، إذ تحول النقاش الى “سوق عكاظ” وفق ما تشير جهات مشاركة في الجلسة، بسبب الفوضى والآراء المتناقضة، بين النواب من جهة وبين الحكومة من جهة ثانية وجمعية المصارف ومصرف لبنان المتمثلين في اللجنة ببعض النواب. ما أدى الى سقوطه وتطييره علماً أنه أحد شروط صندوق النقد الدولي.
وقد سجلت أغلب الكتل النيابية اعتراضها على مشروع القانون بصيغته المطروحة والتي قدمها نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، لوجود الكثير من الثغرات فيه.
ووفق معلومات موقع “أحوال” فقد تحول النقاش الى سجال عنيف بين بعض النواب من كتل مختلفة من جهة ونائب رئيس الحكومة سعادة الشامي من جهة ثانية، بعد رفض الأخير مناقشة ملاحظات النواب على “الكابيتال كونترول”، ووجه النواب عدداً من الأسئلة الى الشامي تتركز حول القوانين الإصلاحيّة وخطة التعافي الاقتصادية والمالية والسبب الذي دفع برئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لسحب خطة النهوض وتأخير القوانين الإصلاحية الضرورية التي يجب أن تقر بالتزامن والتوازي مع “الكابيتال كونترول”.
ووفق المعلومات فإن ميقاتي المتمثل بنائبه سعادة الشامي في جلسة اللجان المشتركة يتعرض لضغوط من قطاع المصارف لتعطيل إقرار أي قانون يضر بمصالح المصارف، لذلك فإن ميقاتي يجد نفسه بين مطرقة صندوق النقد الدولي الذي يعتبر “الكابيتال كونترول” أحد الشروط الرئيسية، وبين سندان المصارف ومصرف لبنان، كون أي قانون لضبط التحويلات يجب أن يتزامن مع خطة للتعافي المالي والاقتصادي تتضمن توزيعاً للخسائر بين الدولة والمصارف ومصرف لبنان، لذلك يسعى ميقاتي لتأجيل البت بالملف وهذا أحد أسباب تعطيل تأليف الحكومة.
وتكشف جهات نيابية لـ”أحوال” أن التحويلات المالية الى الخارج عبر المصارف لم تتوقف ومستمرة حتى الساعة، وبطريقة استنسابية ومن دون معايير موحدة وقواعد قانونية لتنظيم وضبط التحويلات الخارجية وإعادة الودائع لأصحابها.
لذلك دعا بعض النواب الى إقرار بند أساسي ووحيد هو وقف التحويلات الى الخارج وإعادة ودائع الناس تدريجياً عبر خطة على المدى المتوسط. فيما دعا نواب آخرون الى تقسيم “الكابيتال كونترول” الى قسمين: الأول يتعلق بضبط التحويلات الخارجية، والثاني تنظيم السحوبات المصرفية للمودعين واعادتها كاملة. ودعوا ايضاً الى فصل القسمين.
وتضع الجهات علامات استفهام عدة حول أهمية وجدوى إقرار “الكابيتال كونترول” بعد تهريب وتحويل عشرات مليارات الدولارات الى الخارج قبل أحداث 17 تشرين 2019 وبعدها بتسهيل من المصارف ومصرف لبنان وقوى خارجية على رأسها الولايات المتحدة الأميركية؟، واضافت: “ما الجدوى من إقرار هذا القانون اذا لم يقترن مع إقرار قانون استعادة الأموال المحولة والمنهوبة والمهربة الى الخارج؟.
وفي سياق ذلك، يشير عضو كتلة “الاعتدال” النائب أديب عبد المسيح لـ”أحوال” إلى أن “مشروع قانون الكابيتال كونترول بصيغته الحالية لا يحقق الأهداف المتوخاة ويُخفي أهدافاً مصلحية لا سيما حماية مصالح المصارف وقضم أموال المودعين وتحميلهم المزيد من الخسائر، ولا يضمن وقف التحويلات الى الخارج”، مشيراً الى أن “المشروع يمنح المصارف مكاسب قانونية لجهة منع المودعين من ملاحقة المصارف قضائياً لاستعادة أموالهم مع مفعول رجعي أي اسقاط كافة الدعاوى المرفوعة سابقاً على مصارف عدة”.
كما يحذر من أن “الصيغة الحالية ستشجع على خروج رؤوس الأموال من لبنان لفقدان الثقة بالقطاع المصرفي، ما سيؤدي الى تقلص الكتلة النقدية وبالتالي ارتفاع سعر صرف الدولار الى 40 ألف ليرة وأكثر، لذلك يجب استعادة الثقة بالمصارف قبل أي شيئ”.
رئيس مؤسسة جوستيسيا المحامي د. بول مرقص يقول لـ”أحوال” إن “ملاحظات نائب رئيس المجلس على الكابيتال كونترول، أبقت على التحاويل الداخلية باللبناني وقيّدت الشيكات وفتح الحسابات بما فيها للشركات الجديدة وتركت الخيارات لمصرف لبنان في الكثير من النواحي كالسحب النقدي الشهري وتركت خيارات استراتيجية مفتوحة كالدعاوى”.
ويشير خبراء في الملف لـ”أحوال” الى أن صندوق النقد يشترط إقرار قانون ضبط التحويلات الخارجية لكي يغلق أبواب الهدر ونوافذ تهريب الأموال التي ستأتي الى لبنان من صندوق النقد أي 3 مليار دولار. ويحذر الخبراء من أن سقوط قانون “الكابيتال كونترول” يهدد الاتفاق مع صندوق النقد برمته الأمر الذي سيزيد الانهيار الاقتصادي خلال الشهرين المقبلين.
محمد حمية