“اسرائيل” ستؤجل استخراج “غاز كاريش” لتفادي المواجهة مع حزب الله
شحيتلي لـ"أحوال": اتفاق "الترسيم" مُنجز لكن لن يوقع.. العدو يسعى لجر لبنان للتطبيع
يدخل ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية مرحلة حساسة ودقيقة مع اقتراب الموعد الذي حدده كيان الاحتلال الاسرائيلي لاستخراج الغاز من حق كاريش، فيما لم يعرف حتى الساعة موعد زيارة الوسيط الأميركي في ملف الترسيم عاموس هوكشتاين الى لبنان لاستكمال التفاوض.
لكن معلومات “أحوال” تفيد بأن المسؤولين اللبنانيين لم يتبلغوا بعد أي رسالة أو موقف من الوسيط الأميركي حيال الزيارة ولا الرد الاسرائيلي على المقترح اللبناني ولا احتمال العودة الى طاولة التفاوض في الناقورة.
وتعزو جهات متابعة للملف البرودة الأميركية، لتوجه حكومة العدو الى تأجيل استخراج الغاز الى موعد لاحق بذرائع تقنية لتفادي المواجهة مع حزب الله.
وقد كشف اعلام العدو منذ أيام قليلة عن توجه لدى حكومة الكيان لارجاء الاستخراج الى ما بعد الانتخابات في اسرائيل.
فهل تذهب اسرائيل لاستخراج الغاز قبل انجاز اتفاق الترسيم مع لبنان؟ وما مدى احتمال الاتفاق والتوقيع؟ وما موقف حزب الله في حال بدأ العدو استخراج الغاز قبل الترسيم؟
الرئيس السابق للوفد المفاوض حول الحدود البحرية اللواء عبد الرحمان شحيتلي يشير في حديث لموقع “أحوال” الى أن “اتفاق الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل شبه منجز، لكن لن يوقع في المدى المنظور لأسباب عدة. أولها عدم وجود حكومة أصيلة ودستورية في لبنان لكي توقع على أي اتفاقية دولية، فضلاً عن عدم وجود حكومة في اسرائيل يمكنها اتخاذ قرار موحد بتوقيع الاتفاق.
ويُعبر شحيتلي عن خشيته من أن يكون اتفاق الترسيم على حدود اقتصادية وليست سيادية، أي اتفاق مؤقت وليس نهائي، ورسم خط الحقول الغازية وليس الحدود السيادية، لأن لبنان يطلب حقل قانا الغازي، واسرائيل تطلب بضعة كيلومترات داخل الخط 23.. فهل سيُعتمد الخط 23 كحدود بحرية وم ثم يُعطى لبنان حق الاستفادة الاقتصادية خارج الخط 23؟ وهل ستأخذ إسرائيل شيئاً بالمقابل؟.
وحذر شحيتلي من أن “اسرائيل تعمل لجر لبنان على ترسيم الحدود البرية وهذا هدف استراتيجي بالنسبة لها”. وتوقع أن “تبدأ اسرائيل باستخراج الغاز في كاريش أواخر أيلول المقبل، وحتى لو لم توقع اتفاق الترسيم مع لبنان، وستراهن على الانقسام اللبناني وعلى مزيد من الانهيارات الاقتصادية والمالية والفوضى الاجتماعية والأمنية في لبنان بعد دخول لبنان في الفراغ الرئاسي في تشرين المقبل من دون حكومة جديدة، وكان الرهان الاسرائيلي الدائم على عدم وجود سلطة مركزية في لبنان لاتخاذ القرار”.
كما يحذر اللواء شحيتلي من الأهداف المبيتة للعدو الاسرائيلي ومحاولة جرّ لبنان اليها عبر جملة كمائن وأفخاخ، وعلى رأسها التطبيع الاقتصادي تحت شعار التعاون التقني في البلوكات النفطية المشتركة.
ويُذكّر شحيتلي بأن الخط 29 لم يُكتشف حديثاً في العام 2019، بل الجيش اللبناني كان يعرف هذا اللخط منذ العام 2010. مبيناً أن “الخط 23 رسم في العام 2009 وأعطى اسرائيل أكثر مما يمكن أن تأخذه بأي محادثات”.
ويتحدث شحيتلي عن أن اتفاقية الترسيم بين “اسرائيل” وقبرص أثرت سلباً على الوضعية التفاوضية للبنان، وطالب الوفد اللبناني المفاوض حينها قبرص بالتراجع عن الاتفاقية، كما أن “اسرائيل” آنذاك رفضت الخط 23 الذي طرحته الحكومة اللبنانية حينها، وطرحت منطقة نزاع بمساحة 860 كلم مربع، فقمنا يومها بتوسيع منطقة النزاع الى 1350 كلم مربع. ويضيف: “كان بإمكان لبنان الحصول على الخط 23 في جولات المفاوضات الأخيرة في الناقورة لو لم يتشبث بالخط 29 وتنسحب اسرائيل من المفاوضات”.
ويُثني شحيتلي على المعادلة التي أرساها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، التي ربطت استخراج الغاز والنفط في شاطئ فلسطين، باستخراج النفط والغاز في الشاطئ اللبناني. مرجحاً أن تبدأ “اسرائيل” باستخراج الغاز مقابل ضمانات أميركية للبنان بتوقيع اتفاق الترسيم بعد الانتخابات الاسرائيلية والسماح للشركات الأجنبية باستئناف العمل لاستخراج الغاز اللبناني.
لكن الرئيس السابق للوفد التفاوضي اللبناني، يشدد على أن “اسرائيل لم توافق حتى الساعة على الخط 29 ومازالت تناور فيما لبنان لا يريد الشراكة مع اسرائيل بحقل قانا”.
ويكشف أن “لبنان لم يقم باستكشاف خارج الخط 23 ولا يمكنه إثبات وجود غاز في حقل قانا، وهو يبني على تكهنات وليس على وقائع، لكنه تنازل نظراً للحاجة الاقتصادية”.
ويرى أن “أمام لبنان فرصة تاريخية للحل والتفاصيل يمكن تجاوزها، لأن ارادة الدولة اللبنانية جدية بالوصول الى حل”.
ويؤكد أن “حزب الله سيقف خلف أي اتفاق تنجزه الدولة مع العدو ولا يمكن للحزب العمل خارج حدود الدولة، لا سيما وأن الخط المعلن ليس خط حدود، وبالتالي يستطيع لبنان أن يفترض حدوده في الخط 29 وتبقى البقعة المتنازع عليها غير آمنة، ولكل لبناني تبعاً للقانون الدولي الحق بتحريرها، لكن إذا أعلنت الدولة خطاً حدودياً معنياً وتم الاتفاق عليه سيلتزم الحزب”.
لكن السؤال: هل يتحول لبنان الى دولة غازية ونفطية اذا تم توقيع اتفاق الترسيم؟
يرى شحيتلي بأن ذلك يتعلق بضمانات أميركية للبنان باستخراج الغاز، لا سيما وأن هناك ضغطاً دولياً على كافة الشركات لعدم العمل في البلوكات اللبنانية وظهر ذلك بخروج شركة توتال الفرنسية من حقل 4 من دون إعلان أي نتيجة.
ويعتقد بأن مفتاح الحل ونزع التوتر يكون بإعلان “اسرائيل” بوضوح ورسمياً وبرعاية الامم المتحدة أن للبنان الحق بالاستخراج بكافة مياهه البحرية. ويتوقع شحيتلي أن يرمي الوسيط الأميركي الكرة الى الملعب اللبناني عبر الايحاء بأن اسرائيل جاهزة للتوقيع على الاتفاق وفق المطالب اللبنانية لكن غياب حكومة لبنانية يعرقل ذلك، وقد يكون تأخير تأليف الحكومة سبباً لاضعاف الموقف التفاوضي اللبناني، وما قد يطيح بملف الترسيم برمته هو نهاية ولاية رئيس الجمهورية الحالي ميشال عون من دون انتخاب رئيس لاستكمال التفاوض وتوقيع الاتفاق.
محمد حمية