منوعات

تأجيل الاستحقاقات الدستورية يُهدد بانهيار اقتصادي كامل وانفجار اجتماعي وأمني

الحاج وغبريل لـ"أحوال": رفع الدولار الجمركي بلا خطة إصلاحية سيرتب تداعيات سلبية

فيما يتعثر إنجاز الاستحقاقات الدستورية من تأليف حكومة جديدة الى توقعات بفراغ ينتظر اللبنانيون في سدة الرئاسة الأولى في تشرين المقبل، تزداد المخاوف والمخاطر من ذهاب البلاد الى انهيار مالي واقتصادي واجتماعي شامل يؤدي الى انفجار أمني بدأت طلائعه من التوجه الحكومي لرفع الدولار الجمركي الى 20 ألف ليرة في ظل أزمات بالجملة تتفاقم الواحدة تلو الأخرى، من أزمة كهرباء ومحروقات وأدوية واستشفاء واضراب وعصيان في القطاع العام وغيرها من ارتفاع جنوني في أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية في ظل عجز الحكومة عن إقرار الموازنة والقوانين الإصلاحية وارتفاع بسعر صرف الدولار يمكن أن يصل الى 40 ألف ليرة إذا ما استمرت الأوضاع على هذا النحو.

كيف يقرأ الخبراء الاقتصاديون هذه التطورات وما هي التوقعات؟

كبير الاستشاريين في بنك بيبلوس الدكتور نسيب غبريل يشير لموقع “أحوال” إلى أن “مشروع الموازنة أرسل إلى مجلس النواب في شهر شباط الماضي على أساس أرقام أواخر العام 2021 وبالتالي لا علاقة لها بالواقع، ما يفرض إعادة تغيير الأرقام لمواكبة التطورات والتغيرات التي حصلت خلال هذه المدة”. ويوضح أنه “أن رفع الدولار الجمركي على سلع سيؤدي الى ارتفاع أسعار بقية السلع الأخرى”.

وعلى الرغم من التطمينات الحكومية، يحذر من أن “رفع الدولار الجمركي بلا إصلاحات وإجراءات قانونية ومالية كضبط الحدود سيؤدي الى زيادة التهريب والاحتكار سيؤدي الى مشاكل اجتماعية ومالية كبيرة”، ويرى بأن هدف الحكومة من رفع الدولار الجمركي هو تغطية النفقات العامة لا سيما الرواتب والأجور والمساعدات التي أقرت للقطاع العام في وقت يمكن تحصيلها من إيرادات بكثير من الأماكن والمواقع:

*مكافحة التهرب الضريبي
*تعزيز الجباية كالكهرباء ومكافحة التهرب الجمركي

وتساءل: “لماذا استهداف القطاع الخاص الذي يصرح عن رواتبه ومصادر دخله ويدفع الضرائب، في حين لا تفرض هذه الإجراءات على القطاع الغير منظم والذي يمارس التهرب الضريبي”. ويعتبر أن ما يحصل في لبنان يعكس جذور الأزمة المزمنة عبر العقود والحكومات المتعاقبة من سوء استخدام السلطة وسوء إدارة القطاع العام وسوء إدارة الازمة منذ ثلاث سنوات.

ويرى غبريل أن “وقف سداد اليوروبوندو في العام 2020 غيّب لبنان عن النظام المالي والمصرفي العالمي، وكان لدينا آنذاك 29 مليار دولار احتياط في البنك المركزي وكان هناك خيارين أمام الحكومة: دفع الديون للمؤسسات المحلية والخارجية الدائنة أم استخدام هذا المبلغ لدعم السلع والمواد الغذائية الأساسية، وهذا ما حصل ما أدى إلى تخزين وتهريب واحتكار المشتقات النفطية والسلع الغذائية والأدوية والمعدات الطبية واستفاد من الدعم التجار والمهربون وليس المواطن، واليوم تقلص الاحتياط الى 10 مليار ومئة مليون دولار”، ويوضح بأن “لا يمكن معالجة الأزمة المصرفية من دون إعادة الثقة للقطاع المصرفي وانتظام عمل المؤسسات والإصلاحات المالية والاقتصادية الأساسية”.

بدوره انتقد عضو كتلة القوات اللبنانية والخبير الاقتصادي النائب رازي الحاج مقاربة الدولار الجمركي بمدى تغطيتها للنفقات في الوقت الذي يجب أن تكون موازنة إصلاحية تطويرية”.

وقال في حديث لـ”أحوال”: “هناك أسعار صرف متعددة في الموازنة السعر الرسمي والدولار الجمركي ونفقات حكومية على دولار السوق السوداء ورواتب القطاع العام، وهذا يشكك بالأرقام الحقيقية للموازنة”.

واستغرب الحاج تأخر الحكومة عن القيام بمسح شامل للقطاع الوظيفي وهيكلته، وتجاهل الإيجارات الوهمية التي تكلف الدولة ملايين الدولارات، وقبل البحث عن إيرادات وهمية، يجب تخفيض الانفاق الغير مفيد في المؤسسات والقطاع العام، وبدل معاقبة القطاع المنظم أي الشركات والمؤسسات التجارية التي تقدم دفاتر مالية وجداول ضريبية وتصرح وتدفع الضرائب مقابل استمرار القطاع الغير منظم علماً أن لجنة المال النيابية أقرت بوجود التهرب الضريبي ونسبته 50 بالمئة أي ملياري دولار سنوياً”.

ويعتبر أن “هدف الموازنة تخفيض النفقات وزيادة النفقات الاستثمارية وليس التشغيلية ويجب الاستفادة من قروض البنك الدولي لتحقيق التحول الرقمي وانشاء شبكة نقل عام لتخفيف الضغط على المحروقات وحل أزمة الكهرباء”، وأيضاً منذ سنوات ونتحدث عن إعادة هيكلة القطاع العام، في ظل سياسية نقدية خاطئة، لذلك نحن بحاجة الى برنامج إصلاحي وسياسة نقدية ومالية وسياسة استثمارية مع استعادة الثقة”.

وينتقد الحاج التعاميم التي تعطي للمودعين مئة ألف دولار، متسائلاً: “هل ستوضع هذه المبالغ في المنازل؟ وما الجدوى من ذلك؟ لذلك يجب أن يستعيد النظام المصرفي دوره في إعادة بناء الاقتصاد”.

وعن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي يشير غبريل إلى أن “الحكومة وقعت اتفاقاً مبدئياً وليس كاملاً، وهناك تسع إجراءات أو شروط ثمانية منها تستهدف القطاع المصرفي من ضمنهم 4 قوانين “الكابيتال كونترول” وموازنة 2022 وتعديل السرية المصرفية وإعادة هيكلة القطاع المصرفي، لكن لم يتم تنفيذ هذه القوانين منذ 7 نيسان الماضي باستثناء إقرار السرية المصرفية، فضلاً عن تجاهل الحكومة إعادة هيكلة الديون وتوحيد سعر صرف الدولار، منتقداً تجاهل المصارف في هذا الاطار.

ويشير غبريل الى أن “الانتخابات لم تؤدِ إلى صدمة إيجابية في الأسواق، أو تغير العقلية لا بالإصلاحات ولا بإدارة الدولة”، مبيناً أن “أهمية صندوق النقد ليست بمبلغ 3 مليار دولار بل بالمصداقية والثقة للبرنامج الإصلاحي وتنفيذه ما يفتح الباب للدولة على مصادر تمويل أخرى”.

ويعتبر غبريل أن ملف ترسيم الحدود واستخراج الغاز والنفط موضوع حيوي، لكن لا يمكن التعويل عليه في المدى المنظور، وبالتالي تأجيل الإصلاحات، كون النفط ليس سريع الإنتاجية ويحتاج الى وقت، وإن وقِع اتفاق الترسيم وبدأت الشركات بالاستخراج، لن نرى النتائج المرجوة قبل 8 سنوات، وبالتالي لا تلغي الإصلاحات”.

محمد حمية

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى