هوكشتاين “خارج السمع” ويُحضّر مفاجأة نهاية الشهر.. هل يوقّع عون المرسوم 6433؟
النابلسي لـ"أحوال": حزب الله سيستخدم السلاح لكسر الحصار الأميركي على لبنان
مُنذ مغادرة الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين لبنان الى الأراضي الفلسطينية المحتلة بداية الشهر الجاري، وملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية في دائرة الغموض، فيما الوسيط الأميركي خارج السمع واختفت أخباره، ما يرسم مخاوف جدية لدى لبنان من أمر سلبي ما يدبر سيكون على حساب مصالح لبنان وحقوقه السيادية، ويمنح إسرائيل فرصة إضافية للمناورة وتمرير استحقاقاتها السياسية والنفطية وترك لبنان صريع الأزمات التي تكاد تقضي على آخر معاقل الصمود لديه.
أين أصبحت مفاوضات الترسيم؟ وهل تبخرت الأجواء الإيجابية والوعود الأميركية لإنجاز ترسيم الحدود؟
جهات مواكبة لملف الترسيم تشير لـ”أحوال” إلى أن “هوكشتاين ومنذ مغادرته لبنان الى الأراضي الفلسطينية المحتلة غابت أخباره ولم يُرصد له اتصال أو رسالة مع أي مرجعية سياسية أو مسؤول لبناني، وبالتالي لم تتبلغ الدولة اللبنانية أي رد إسرائيلي على الموقف اللبناني الذي سمعه الوسيط الأميركي في اجتماع بعبدا الأخير”.
وعلم “أحوال” في هذا السياق أن أحد المعنيين بملف الترسيم والتفاوض مع هوكشتاين، حاول تقفي أثر الوسيط الأميركي لكنه لم يجد أثراً له ولم يتمكن من التواصل معه.
وإذ تؤكد مصادر رسمية لـ”أحوال” تمسك الدولة اللبنانية بالمقترح الذي تبلغ به الوسيط الأميركي في بعبدا وعدم التنازل تحت أي ضغط، تكشف مصادر أخرى عن ثغرات عدة في الموقف اللبناني رغم الظهور بموقف الوحدة والتماسك الوطني في اجتماع الرئاسي الأخير في بعبدا، متخوفة من أن تكرّ سُبحة التنازلات، بعد التنازل عن الخط 29، وبالتالي أن تؤدي الضغوط الأميركية على مسؤولين سياسيين رسميين الى التنازل عن جزء من حقل قانا لضمان مرور أنبوب الغاز الاسرائيلي غلى أوروبا عبر هذا الحقل.
تساؤلات عدة تُطرح في المقرات الرسمية ولدى قيادة حزب الله والتداول بكافة الخيارات المطروحة والتعامل معها: ماذا لو حسمت حكومة الاحتلال قرارها وأرجأت موعد استخراج الغاز من كاريش الى ما بعد الانتخابات التشريعية ومضت باستخراج الغاز في الحقول الأخرى الخارجة عن المنطقة المتنازع عليها والمحاذية للمياه الإقليمية اللبنانية؟ ما هو موقف الدولة اللبنانية وكيف سيتصرف حزب الله؟ هل سيلتزم بالاستحقاقات والمهل الإسرائيلية، أم سيمضي وفق جدول أعماله والمهلة الزمنية الذي حددها أمينه العام السيد حسن نصرالله وبالتالي ينفذ تهديداته في مطلع أيلول؟
المطلعون يؤكدون أن قيادة المقاومة ترصد حركة الوسيط الأميركي وتراقب مواقفه والموقف الإسرائيلي وتدرس كافة الخيارات، وتنتظر ماذا سيفعل الوسيط الأميركي قبل انتهاء المهلة، لكنها ليست معنية بأي مواعيد وظروف واستحقاقات عند العدو وستتعامل مع كل موقف بالشكل والوقت المناسبين وستستكمل مسارها العسكري ولن تتقيد بأي مهلة لضمان حقوق لبنان السيادية في ظل قرار لدى المقاومة بإنهاء الحصار المالي والاقتصادي الخارجي المفروض على لبنان منذ ثلاث سنوات. ما يعني أن منتصف الشهر الجاري سيكون العد العكسي لاستكمال المسار العسكري من إرسال المسيرات الحربية هذه المرة وبالتالي سيكون شهر أيلول ساخناً.
وقد يلجأ رئيس الجمهورية ميشال عون وفق المطلعين الى توقيع مرسوم تعديل الحدود 6433 وإرساله الى الأمم المتحدة ودعوة أكثر من شركة أجنبية للبدء باستكمال التنقيب والاستخراج من كافة الحقول الواقعة ضمن الخط 23 الذي يتمسك به لبنان حتى قبل ترسيم الحدود.
وفيما يرى خبراء استراتيجيون أن قرار تأجيل استخراج الغاز هو توجه أميركي – إسرائيلي كمخرج لنزع فتيل التوتر على الحدود وإبعاد الحرب مؤقتاً ومنح إسرائيل فرصة لالتقاط أنفاسها لمعالجة التداعيات الداخلية بعد حرب غزة وإنجاز انتخاباتها للتفرغ لملف الترسيم، يضع أستاذ العلوم السياسية د. الشيخ صادق النابلسي جولة هوكشتاين في إطار الحراك الوهمي، مستبعداً حصول لبنان على جواب نهائي من الوسيط الأميركي يسهل التوصل الى اتفاق على ترسيم الحدود في المدى المنظور، ويُرجح فرضية هروب الحكومة الإسرائيلية من المواجهة العسكرية مع حزب الله ولتجنب التداعيات السياسية والاستراتيجية على الداخل الإسرائيلي للرضوخ لتهديدات الحزب وشروطه.
ويحذر النابلسي في حديث لـ”أحوال” من أنه في حال استمرار العدو بالمناورة والمكابرة فإن الأمور ستتجه إلى المواجهة المحدودة أو المفتوحة، لكن المؤكد أن حزب الله لن ينتظر طويلاً لتفعيل تحركه العسكري للجم مناورات العدو واللعب على الوقت. ويوضح أن أحد أهم أسباب تأجيل إسرائيل لاستخراج الغاز من كاريش هو تجنب الحرب مع حزب الله وبالتالي هو ليس قرار بالتأجيل بل خديعة والحزب لن يقع في الفخ.
ويلفت النابلسي إلى أن السيد نصرالله لم يتدخل بالخطوط والحزب يعتبر أن كل المنطقة متنازع عليها بما فيها الخط 29 حي حق للبنان، لكنه ترك أمر تحديد الحدود والخطوط للدولة اللبنانية. ويكشف النابلسي أن “الحزب لن يربط استثمار الثروة النفطية والغازية اللبنانية باستخراج الغاز من كاريش، بل بضمانات جدية لوقف الحصار على لبنان، أي أن الحزب سيستخدم القوة العسكرية لكسر الحصار الأميركي الغربي الخليجي على لبنان في ظل الظروف الإقليمية والدولية المناسبة لا سيما الحاجة الأميركية والأوروبية للغاز والصراع الأميركي الروسي في الحرب الأوكرانية”.
ويعرب النابلسي عن مخاوفه من أن يأتي الوسيط الأميركي قبل نهاية الشهر الجاري بمهمة الضغط على الدولة اللبنانية وتجميد رد حزب الله أو تعطيله مقابل وعود وهمية ومؤجلة”.
محمد حمية