صحة

الأزمة المالية ترخي ثقلها على المستشفيات والمريض “كبش محرقة”

مع استفحال الأزمات المالية والصحية في لبنان، علت الأصوات المحتجّة على التعامل “غير الإنساني” في بعض المستشفيات الحكومية. فالأزمة المالية التي يعاني منها القطاع الصحي يدفع بموظفيه إلى تحويل المريض الى “كبش محرقة”، في ظل عجز المستشفيات الحكومية عن تقديم الجراحة المنقذة للحياة والرعاية الطبية العاجلة للمرضى بسبب عدم سداد المؤسسات الضامنة للمستحقات المتوجبة عليها بما فيها مستحقات وزارة الصحة، بحسب تقرير هيومن رايتس ووتش.

وكثرت الشكاوى مؤخرًا بسبب المعاملة السيئة للمرضى في عدد من المستشفيات،  وعمدت هذه المشافي إلى إدخال المرضى عبر القسم المخصص لفيروس كورونا، بالإضافة الى رفض إدخال المصاب لإجراء الإسعافات الأولية في بعض الأحيان، وغيرها الكثير من التجاوزات التي يصحّ وصفها بالـ “لا انسانية”.

في هذا السياق، دخل محمد أ.ز. إلى  المستشفى الحكومي في صيدا بتاريخ 15 تشرين الأول الجاري، مطعوناً في عينه بسكين حادة، حيث تمّ إدخاله لقسم الطوارئ من مدخل قسم الكورونا، وقاموا بإجراء الإسعافات الأولية اللّازمة، إلّا أنّ حالة الشاب كانت خطيرة، فلازم المستشفى لليوم الثاني، ومن هنا، بدأت رحلة “التشمشط” مع الأطباء، الذين رفض معظمهم القيام بالواجب بعد معرفتهم أن الشاب دخل على حساب وزارة الصحة.

حالة محمد تشبه إلى حدّ بعيد ما تعرّضت له الشابة زينة الزيون التي لم تتلقَ الإسعافات الأوّلية في المستشفى الحكومي في النبطية  بعد أن دخلتها بسبب ألم شديد في المعدة لأنها مضمونة على حساب الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بحسب حجة المستشفى. وتضيف أن الممرضين تعاملوا معها بشكل غير إنساني.

وفي وقت سابق، كانت زينة قد أدخلت خالتها التي تعاني من خلل عقلي إلى مستشفى النبطية نفسه، وتمّ طردها للاشتباه بإصابتها بكورونا بعد أن تبيّن أن حرارتها 37.5، وهو رقم لا يُصنف طبيًا على أنه حرارة مرتفعة.

في المقابل نفى مصدر رسمي في وزارة الصحة لـ”أحوال” ما يتردّد حول عدم دفع مستحقات المستشفيات الحكومية،  وأوضح أن لكل مستشفى، مجلس إدارة خاص بها، إلّا ان التوظيف العشوائي والسياسي رتّب أعباء كبيرة عليها، مما أدّى إلى ظلم الأطباء والممرضين العاملين فيها.

وقال إنّ المستشفيات تلقت كل المساعدات التي وصلتها في الآونة الأخيرة من تبرعات وتقديمات، كما أعلن أن الوزارة قد دفعت ما يتوجب عليها عن عام 2019، وسيتم دفع المبالغ المتبقية للعام الجاري في الفترات القادمة.

أما عن معاملة بعض الممرضين أوالأطباء السيئة للمريض، فيؤكد أن الوزارة تفتح تحقيقاً بالقضية وتعاقب المخالفين إذا تلقت شكوى رسمية من جانب المريض/ المصاب.

وفيما يخص الإسعافات الأولية، يُمنع على أي مستشفى أن ترفض استقبال جريح أو مصاب أو مريض تحت طائلة الملاحقة القانونية.

من البديهي أن تتخطى أخلاقيات مهنة الطبيب كل الإعتبارات السياسية والمصاعب الاقتصادية والحياتية، إلّا أنّ الأزمة المعيشية الراهنة طالت كل الفئات وإنسحبت سلباً على  كافة القطاعات الحيوية والخدماتية، بالإضافة إلى غياب خطة مدروسة لإدارة المستشفيات ما يجعل الموظف مظلوماً ومن ثم ظالماً.

 

 

جويل غسطين

جويل غسطين

صحافية لبنانية تهتم بالشؤون الاجتماعية والثقافية، حائزة على شهادة البكالوريوس في الإعلام من الجامعة اللبنانية الدولية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى