بعد النفايات المنتشرة في الشارع… لبنان على موعد مع طوفان الشوارع
البلديّات تستعيد مهام ما قبل العام 1990
تؤكّد الإجراءات التي بدأت تتّخذها البلديّات في الضاحية الجنوبية لبيروت أنّ أزمة النفايات المتكدّسة في مناطق وأحياء أقضية بعبدا والشوف وعاليه قد تطول، وسط غياب المؤشّرات الإيجابية للوصول الى حلّ لتأمين المستحقّات اللازمة لشركة “سيتي بلو” وشركة “آرامكو” التّي من المرتقب أن تتوقّف عن العمل مطلع الأسبوع المقبل.
الأزمة وبحسب الإداري في شركة “سيتي بلو” أحمد دياب هي “نتيجة تراكم مستحقّات شركات جمع النفايات ومعظمها بالدولار الأميركي، فضلاً عن القيود التي تفرضها المصارف. وتفاقمت الأزمة مؤخراً مع إنهيار قيمة الليرة اللبنانية، لا سيّما أنّ عقود العمّال هي بالدولار، يضاف اليها حاجة الشركة الى شراء قطع الغيار والمحروقات، ما جعل الاستمرار على هذا الحال غير ممكن، ودفعنا الى التوقف عن رفع النفايات، مع الإشارة الى اننا نقوم ببعض عمليات رفع النفايات، حيث تستوجب الضرورة، ونحاول قدر المتاح الإيفاء بالتزاماتنا، وعدم حرمان العاملين من حقوقهم، والذين باتت رواتب بعضهم لا تتخطى المئة دولار لتقاضيهم الرواتب على سعر الـ1515”.
مستحقات الدولة لدى الشركة تقارب الـ 16 مليون دولار عن العام الجاري، وبحسب دياب لم يحمل الاجتماع مع المصرف المركزي أي مؤشرات إيجابية على آلية للحل، ما يعني أنّ لا جدول زمني لعودة مزاولة العمّال مهام الكنس ورفع النفايات”.
حول الازمة، أصدر “المكتب الإعلامي لوزير المال في حكومة تصريف الاعمال غازي وزني، بيانا أكد فيه أن “الوزارة دفعت منذ بداية العام 2020 مراسيم دفع بقيمة 82.2 مليون دولار و7.4 مليار ليرة ومشاريع مراسيم بقيمة 21 مليون دولار، ولم يبق لدى الوزارة أي مراسيم عالقة لشركات النفايات”.
ولفت إلى أن “الدولة تدفع جميع مستحقاتها وعقودها للشركات بالعملة الوطنية أي الليرة، وأزمة شركات النفايات التي عبرت عنها في أكثر من لقاء، هي حاجتها الى الدولار Fresh وتحويل مستحقاتهم من الليرة الى الدولار، وليست مسؤولية وزارة المال”، مشيرا إلى أن “وزارة المال كانت أرسلت كتابا في 20 تشرين الأول الى مصرف لبنان لتوفير التمويل بالدولار لعقود مع مجلس الإنماء والإعمار لإدارة النفايات المنزلية الصلبة، ولم تتلق جوابا”.
على خط الأزمة، وفي محاولة لعدم تحوّل الأمر الى كارثة صحيّة وبيئيّة، في ظل إنتشار كورونا، تحرّكت آليات وعماّل بلديات الضاحية الجنوبية، لرفع النفايات من الشوارع.
رئيس بلدية الغبيري معن الخليل، وفي بيان صادر عن البلدية قال:
ما بين رياض سلامة (لأنو غلط نحكي عن مصرف لبنان. المسؤول هو من أخذ المصاري) وشركة سيتي بلو النفايات تتراكم وتقفل طرقات. سيتي بلو متوقفّة عن العمل منذ عدة أيام ولا حل في الافق.
المشهد يتكرر والعودة الى البلديات لتتحمل مسؤولية إضافية. بدأ من هذا المساء باشر عمال المفرزة الصحية في بلدية الغبيري رفع ما امكن من النفايات لفتح الطرقات وسنعمل بطاقة قصوى لنخفف عن اهلنا”.
وفي إتّصال معه، أكد الخليل لأحوال أن “إتّحاد بلديّات الضاحية بدأ بالتحرك لمحاولة تخفيف المعاناة عن الناس، وبدأت البلديات تقوم بمهام كانت مناطة بها قبل العام 1990، وبدأنا باستئجار آليات كبيرة تتيح تحجيم النفايات حيث هناك ما يقارب يوميا 180 طون من النفايات تقوم البلديّة برفعها من أصل خمسمئة طون من النفايات تراكمت في نطاق البلديّة، جرّاء توقّف الشركة عن رفع النفايات، وبعد الجمع والرفع نقوم بنقها الى معمل الفرز في العمروسية “.
ولفت خليل الى أن “نهار الاثنين سيبحث اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية، توزيع المهام، لان كل حيّ له طبيعته، ولا يمكن وصول الآليات الكبيرة اليه”.
وتابع ” نحن نعمل بكل طاقاتنا، للتّخفيف من معاناة أهلنا، لكن في هذه المرحلة على الناس أن تتمتّع بحسٍّ عال من المسؤولية وعدم رمي النفايات بشكل عشوائي، لأن إزالة النفايات لا تكفي، بل يجب أن يتابع الأمر بعملية كنس منظّمة لا سيّما أننا على أبواب الشتاء، ما يهدّد بالإطاحة وتضييع كل الجهود المبذولة بين الأول من تموز والعشرين من أيلول لتنظيف المجاري، ما يهدد بطوفان الطرقات مع أول تساقط للأمطار”.
وأشار الخليل الى أن “ما نشهده اليوم هو أنعكاس طبيعي لإنهيار الدولة وعجزها، كما يشكف القدرات المتواضعة للبلديات، حيث أؤكد أن المليارات التسعة المتبقية في بلدية الغبيري على سبيل المثال، لن تكفي لأكثر من ثلاثة أو أربعة أشهر، كحدّ أقصى في حال استمرت المسؤولية الملقاة على عاتقتنا، في إزالة النفايات”.