“الترسيم” الى الحسم.. مفاوضات الناقورة منتصف آب وتوقيع الاتفاق في أيلول؟
جابر لـ"أحوال": شرطان لكسب المعركة التفاوضية.. الحق القانوني وسلاح المقاومة
دخل ملف ترسيم الحدود البحرية مرحلة الحسم، بموازاة سباق مع الوقت بين بدء العدو الإسرائيلي استخراج الغاز من حقل كاريش، وبين عودة الجانبين اللبناني والإسرائيلي الى طاولة مفاوضات الناقورة والتوصل الى حل تحت ضغط معادلات الردع والتهديد التي أطلقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير واطلالته أمس الأول على قناة “الميادين”.
بين الحل والحرب وبين الانفراج أو الانفجار، الى أين يتجه الملف وما هو السيناريو المتوقع وما طبيعة الحل المفترض في ضوء مواقف نصرالله والمسؤولين الإسرائيليين والزيارة المرتقبة للوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين الى لبنان مطلع الشهر المقبل، لإحياء المفاوضات ونقل الرد الإسرائيلي على المقترح اللبناني.
يرى الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية العميد د. هشام جابر أن “لبنان والاحتلال الإسرائيلي وصلا الى المباراة النهائية في ملف ترسيم الحدود البحرية، وبالتالي دخلنا مرحلة شد الحبال وعض الأصابع وعلينا انتظار ما سيحمله الوسيط الأميركي في جعبته، لذلك على الدولة اللبنانية إظهار الصمود وصلابة ووحدة الموقف واعتماد خط موحد للترسيم لكسب المعركة التفاوضية وحماية حقوق لبنان وثروته في بحره”.
وإذ يحذر من فخ في معادلة “قانا مقابل كاريش” لعدم تأكيد الدراسات وجود غاز فيه، مقابل المسح الشامل الذي أجراه العدو للمنطقة البحرية الحدودية، ما يعني أن العدو يفاوض تحت الماء وفي باطن الأرض فيما لبنان يفاوض من فوق المياه الاقليمية، يُشدد جابر في حديث لـ”أحوال” على أن الملف الذي أعدته قيادة الجيش في ملف الترسيم ثابت ومتكامل ومتماسك أكثر من الملف الإسرائيلي.
ويدعو جابر الدولة الى استدعاء أصحاب الاختصاص بهذا الملف من خبراء قانونيين وتقنيين وعسكريين واقتصاديين للاجتماع وتوضيح الصورة وحسم الموقف اللبناني والدخول الى طاولة المفاوضات المقبلة من موقع القوة والاطلاع على كافة جوانب وتفاصيل الملف لا سيما حسن اختيار حدود لبنان والحقول التي تختزن الثروة الغازية.
كما يُحذر من فخ التطبيع عبر استدراج لبنان للاستثمار المشترك في حقل كاريش ومحيطه.
ويؤكد جابر على أهمية إظهار السيد نصرالله عناصر القوة في اطلالته الأخيرة وما قبلها، ويلفت الى شرطين لكسب لبنان المعركة التفاوضية وضمان حقوقه في المفاوضات المقبلة: الأول الحق القانوني من مستندات وخرائط وهذا أعدته قيادة الجيش عبر الوفد العسكري برئاسة العميد بسام ياسين وأعضاء الوفد، والثاني القوة الميدانية وهذا ما توفره المقاومة.
وينتقد الجهات التي تتهم نصرالله بمصادرة قرار الحرب والسلم، ويشير الى المبدأ العسكري: “أظهر القوة لكي لا تستعملها”، ويضيف: “حزب الله لن يطلق الطلقة الأولى للحرب كونه يعرف التداعيات على من يبدأ الحرب، وكذلك إسرائيل لن تتجرأ على إطلاق الطلقة الأولى”.
ويلقي الخبير الاستراتيجي الضوء على أن مسيرات الحزب أرعبت العدو وشغلت وسائل اعلامه بتساؤلات كبيرة عما يُخفيه حزب الله من مفاجآت في أي حرب مقبلة وما سيقدم عليه من خطوات في حال بدأ الإسرائيلي باستخراج الغاز قبل ترسيم الحدود، والحديث عن امتلاك الحزب لـ 2000 مسيرة وصواريخ متعددة الأنواع والأحجام”.
ويتوقع جابر أن يقوم الحزب بإرسال المزيد من المسيرات الحربية التي تحمل على متنها قنابل أو صواريخ صغيرة الحجم تلقيها على محيط الباخرة الإسرائيلية، إضافة الى إرسال زوارق حربية أو غواصات لإعاقة أعمال استخراج الغاز، الأمر الذي سيؤدي الى إخلاء الشركات العاملة المنطقة التي ستتحول الى منطقة عسكرية غير آمنة، وبالتالي ليست منطقة جاذبة للاستثمار الاقتصادي في النفط والغاز.
لذلك لا مصلحة لإسرائيل بذلك ما سيحرمها من استثمار حقول النفط في فلسطين المحتلة التي أنفقت مئات ملايين الدولارات على “مشروع تصدير الغاز الى أوروبا”.
ويشير جابر الى أن حزب الله يستطيع تدمير منصة الاستخراج الإسرائيلية بصواريخ أرض بحر التي يملكها. مرجحاً العودة الى طاولة مفاوضات الناقورة منتصف آب المقبل وتوقيع الاتفاق في منتصف أيلول.
ويواجه التوصل الى حل عقدة البلوك 8 لسببين: احتوائه على ثروة غازية وتشكيله نقطة عبور لأنابيب نقل الغاز الإسرائيلي الى أوروبا، لذلك تتمسك به إسرائيل، فيما لبنان يعتبره من حصته.
ويرى جابر أن هذه التفاصيل القانونية والتقنية تبحث على طاولة المفاوضات وليس في الاعلام والمواقف، لكن الأهم أن يستعيد لبنان حقه في الخط 23 وقانا شرط التأكد من وجود كميات جيدة من الغاز.
إلا أن الخطر الذي يحذر منه المطلعون على الملف وفق معلومات “أحوال” هو لجوء إسرائيل الى المناورة عبر خيارين: تجميد العمل في حقل كاريش تجنباً للتنازل عما تعتبر حقها في المنطقة المتنازع عليها وتجنب الحرب وتبدأ الاستخراج في الحقول المحيطة بحقل كاريش وتصدر الى أوروبا وتأجيل البت بكاريش الى وقت لاحق، فيما لبنان يبقى بلا ترسيم وبلا استخراج، أما الخيار الثاني فهو أن ترسم الحدود البحرية مع لبنان وتبدأ بالاستخراج من كاريش والحقول الأخرى ويبقى الوضع عليه في لبنان.
جهات مواكبة للملف وقريبة من المقاومة تؤكد لـ”أحوال” أن المعادلة التي رسمها السيد نصرالله “ما بعد بعد كاريش” تعني التالي: “غاز ونفط شاطئ لبنان مقابل غاز ونفط شاطئ فلسطين المحتلة” وهذه رسالة ليست للإسرائيلي فحسب، بل للأميركيين الذين يمنعون الشركات الأجنبية من استكمال أعمال الحفر والتنقيب وكذلك الاستخراج في الشاطئ اللبناني. لذلك سيبقى شاطئ فلسطين المحتلة تحت دائرة تهديد المقاومة حتى ترسيم الحدود وتفعيل عمل الشركات في لبنان.
محمد حمية