منوعات

النظام اللبناني برأي محلّلين: لا حلول في الأفق

لطالما تردّد مصطلح “أزمة نظام” في أصداء الإعلام والأورقة السياسية وحتى عند الدول الإقليمية المهتمة بالشأن اللبناني؛ وتجمع كل الأطراف أنَّ النظام اللبناني بحاجة إلى تغيير، ولكن أحد لم يوضح ما هو التغيير  المطلوب، ولا شكل النظام الجديد المفترض.

وهذا ما أكده الصحافي والكاتب السياسي جوني منيّر في حديث لـ “أحوال” الذي اعتبر أنّ الجميع مختلفون على شكل النظام الجديد ولو متفقون على أنَّ البلد في أزمة نظام وأنَّ الطائف فعلياً انتهى. وشرح منيّر في هذا السياق أنّ الثنائي الشيعي يفضل المثالثة، بينما سعد الحريري يبدو مستعداً لتعديل بعض بنود الطائف، أمّا جبران باسيل فكان واضحاً بخطابه الأخير حيث طرح استعداده للذهاب إلى أبعد من اللامركزية الموسعة (الفدرالية)؛ ولفت الكاتب السياسي إلى أنَّ البحث بنظامٍ جديد هو نقاشٌ طويل، سيواكبه انهيارات على الأرض، وهو يحتاج إلى رعاية خارجية مثلما عُقد الطائف برعاية سعودية بالاتفاق مع سوريا ورضا أميركي، لافتاً أنّ الرعاية الخارجية غير متوفرة اليوم، مستدركاً أنّ عدم تشكيل حكومة قد يشّكل دافعاً للذهاب نحو نظامٍ جديد.

الأنظمة الأكثر شيوعاً في العالم

بالمقابل، لفت الباحث القانوني والسياسي د. سامر عبد الله في حديثٍ لـ “أحوال” أنَّ كل دولة في العالم تعتمد نظام حكمٍ يناسبها ويناسب خصوصيتها، حيث تعمل هذه الدول دائماً على تطوير أنظمتها بما يناسب التغيّرات المحلية والإقليمية والدولية، وتكون الأنظمة الأكثر شيوعاً هي الأنظمة البرلمانية والرئاسية؛ وللنظامين حسناتهما وسيئاتهما، بحسب عبدالله: فالنظام الرئاسي يؤدي إلى استقرار السلطة بسبب مركزية قراره، بينما على النظام البرلماني الدخول في دوامة الأقلية والأغلبية والتحالفات والتوازنات. إلى ذلك، يتعرّض النظام الرئاسي لانتقادات بسبب عدم وجود رقابة فعلية على الرئيس، فهو يستطيع أن يُسقط حكومة بسهولة بينما لا يمكن إسقاطه إلا بشروط  قاسية جداً مثل الخيانة العظمى مثلاً. لذلك، يحاول المنحى الديمقراطي دوماً الابتعاد عن النظام الرئاسي كما يفعل النظام البرلماني،بحيث يتم محاسبة أداء أي حكومة  في المجلس النيابي ولا تكون السلطة بيد شخصٍ واحد.

وأشار الباحث القانوني والسياسي أنّ لبنان يتمتع بنظام طائفي مذهبي قلّ نظيره، حيث تحكم في بعض الحالات التوازنات المناطقية، لافتاً إلى أنَّ مشكلة البلد الأساسية هي عدم وجود مركزية قرار فيه، مردفاً أنَّ النظام اللبناني بحالة تصريف أعمال فعلياً منذ عام 2005، تغيب عنه الضوابط السياسية والدستورية، ويفسّر كل طرفٍ في البلد الدستور كما تقتضي مصلحته مُغلّبها على المصلحة الوطنية، مردفاً أنَّ الشرخ الموجود لدى الرأي العام اللبناني هو مصدر مشاكل البلد.

عقد اجتماعي جديد مع محظورات ليس حلاً

الأزمة اليوم أزمة تطبيق الدستور، حتى لو اتجهنا إلى عقدٍ سياسي واجتماعي جديد وبقيت الاستثنائات والمحظورات، فلن يتغير شيء وستبقى الأزمات مستفحلة، بحسب عبدالله، الذي حذّر من اعتماد أي نظام لا يشمل صيغة الطائف التي تنص على أنَّ لبنان وطن نهائي لجميع أبناءه، مردفاً أنَّ الجميع متفق أنَّ البلد بحاجة إلى نظامٍ جديد ولكن لم يقدّم أحد أي فكرة عن شكله، بل الجميع يصرّ على رفض للمثالثة ورفض للفدرالية، لافتاً إلى خطورة الأخيرة على الكيان اللبناني، مذكراً بالنموذج العراقي حيث فشل فشلاً ذريعاً وكاد أن ينهي الكيان فيها. ورأى عبد الله أنَّ الاتجاه إلى الدولة المدنية هو الحل الأنسب، ولكن يجب تطوير قانون الأحزاب، الذي ما زال كما هو منذ زمن السلطنة العثمانية، كي يصبحوا أحزاباً عابرة للطوائف.

من جهة أخرى، اعتبر منيّر أنّ القوي على الساحة الداخلية والإقليمية سيفرض شروطه، والتوجه نحو نظامٍ جديد سيؤدي إلى خسارة لدى المكوّن المسيحي الذي يملك اليوم نصف السلطة.

يجمع اللبنانيون على وجوب تغيير النظام ولكن يختلفون على شكل النظام الجديد، وبينما يشد كل طرفٍ في البلد نحو نظامٍ يحفظ مصالحه ومصالح طائفته بدل تغليب المصلحة الوطنية، يعاني المواطن الأمرين في بلدٍ يتجه نحو نفقٍ مظلم لا يبدو أن هناك مخرجاً له.

 

محمد شمس الدين

 

 

محمد شمس الدين

كاتب وناشر على مواقع التواصل الإجتماعي ومعد برامج وتقارير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى