رياضة

عبد الرحمن شبارو في ذاكرة المدرب محمود برجاوي

يعاني نجوم كرة القدم اللّبنانيين السابقين الكثير على الأصعدة كافة بعدما سطروا الملاعب بأقدام وأكف من ذهب وكانوا سبباً رئيساً في تطور اللّعبة منذ انطلاقها وازدياد شعبيتها بشكل كبير.

وكما هو معروف، فإنّ لعبة كرة القدم بشكل عام هي للفقراء وأبرز نجومها العالميين جاؤوا من الأحياء الشعبية وكانت أكثريتهم الساحقة من الأميين الذين لم يكملوا مسيرة العلم ولم يحملوا الشهادات الجامعية وخلافها، وهو ما ينسحب على النجوم اللّبنانيين بنسبة كبيرة.

“لا مستقبل للنجوم اللّبنانيين”، هو العنوان الأبرز الذي أطلقه النجم السابق محمود برجاوي “أبو طالب” الذي كان من اللّاعبين الأساسيين في نادي النجمة والمنتخب الوطني ثم أصبح من المدربين الوطنيين البارزين في نادي الأنصار والمنتخبات الوطنية بعد اعتزاله في مطلع السبعينات، إلى أن أصبح مختاراً لمنطقة المزرعة وما يزال وهو على مشارف الثمانين من العمر.

يقول “أبو طالب”: “انا ورفاقي من الزمن الجميل لم نلقَ أيّ اهتمام بعد اعتزالنا وكثيرون منا عاش في ظروف صعبة وما يزال وآخرهم حارس المرمى العملاق عبد الرحمن شبارو الذي توفي اليوم بعد معاناة طويلة مع المرض، هذا الحارس الذي تألّق في دورة ألعاب البحر المتوسط في نابولي العام 1963 وكان من أفضل حراسها، ما دفع بنادي “انتر ناسيونالي” للتعاقد معه لكنّ الراحل سمير العدو أجبره على الرفض لأنّ كرة القدم اللّبنانية بحاجة اليه”.

يضيف “أبو طالب”: لم يكن شبارو مجرد حارس مرمى، كان انساناً كريماٌ وصرف معظم ما جناه من كرة القدم ومن عمله الخاص في مخرطة للحديد مع أشقائه على المحتاجين في الطريق الجديدة، ولللأسف بعد اعتزاله لم ينل أي تكريم معنوي أو مادي، مثله مثل بقية النجوم وأنا منهم، لدرجة أنّه عند كل حالة مرض كان يلجأ إلى بعض المحسنين لتأمين تكاليف علاجه”.

الإهمال مستمر!

من خلال عملي الطويل في الإعلام والإدارة الرياضية منذ العام 1965 وحتى الآن، واجهت مئات الحالات المشابهة لوضع شبارو الآن، ورأيت بأم العين ما واجهه مئات النجوم، ليس بكرة القدم فقط إنّما في كل الألعاب الرياضية، وسألت “أبو طالب” عن رأيه حول ذلك، أجاب:”في كل بلاد العالم يتم تكريم النجوم السابقين حيث تهتم بهم أوطانهم عن طريق تسمية ملاعب بأسمائهم ومساعدتهم مادياً وبعضهم تم تعيينهم وزراء إلى مناصب عالية في اللّجان الأولمبية والاتحادات المحلّية إلّا في لبنان فقد أصبحوا من المنسيين، أمّا لماذا فأرجو توجيه السؤال إلى المسؤولين اللّبنانيين وإلى اتحادات كرة القدم المتعاقبة، لكن اسمح لنفسي بتكرار صرخة أطلقتها منذ عشرات السنين ولم تجد أي  صدى، وهي إنشاء صندوق مستقل للنجوم المعتزلين تساهم فيه الدولة واللّجنة الأولمبية واتحاد كرة القدم وأنديته، لأنّه من غير الجائز على الإطلاق أن يصبح النجوم بلا مستقبل بعد اعتزالهم وأن يتسوّلوا حتى لتأمين علاجهم، هذا امر خطير جداً واذا استمر الحال على ما هو فانّ كلّ النجوم الذين جاؤوا بعدنا وكذلك الحاليين سيعانون كما يعاني شبارو وغيره الآن، واسمح لنفسي بالتذكير أنّه لو لم ينتخب مختاراً لما كنت قادراً ايضاً على تأمين أبسط متطلبات الحياة لي ولعائلتي”.

باختصار، هل من يستجيب لصرخة “ابو طالب” لحفظ مستقبل النجوم المعتزلين؟

 

 

 

يوسف برجاوي

عميد الصحافة الرياضية العربية والآسيوية. الرئيس الفخري لجمعية الاعلاميين الرياضيين اللبنانيين. مدير تحرير الرياضة في جريدة السفير من العام 1974 الى حين توقفها عن الصدور في العام 2017.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى