في سنوية “الثورة”: مجموعات الحراك تنتظر “المومنتم”.. هدوء ما قبل العاصفة؟
تطفئ ثورة 17 تشرين شمعتها الأولى، مع ذكرى مرور عام على ولادتها، في مشهدٍ مغايرٍ لما طبعته الانتفاضة في أذهاننا، فالساحات أُفرغت من ثوارها، والخيم وُضّبت، والمواطنون الذين أسقطوا حكومة سعد الحريري آنذاك، التزموا منازلهم، ليعود “الشيخ سعد” إلى الواجهة من جديد، طارحًا نفسه رئيسًا للحكومة المقبلة.
نعم المشهد تبدّل، فأين هي مجموعات الحراك اليوم، وتحديدًا تجمّع “لحقي” الذي كان أوّل من دعا المواطنين للنزول الى الشارع، مشعلًا فتيل الاحتجاجات؟ وأين “حزب سبعة” الذي احتلّ اسمه صدارة المشهد السياسي حينها؟ أين هما اليوم، وكيف يقرآن المشهد؟
الأمين العام السابق لحزب سبعة، جاد داغر، أكد في حديث لموقع “أحوال” أنّ الثورة لم تمت، معتبرًا بالمقابل أن لا ضرورة لبقاء الناس في الشارع، علمًا أن المسار الثوري مستمر وسيرتكز في المرحلة المقبلة على إقناع المواطنين بأهمية الانضمام إلى منصة واحدة ورؤية سياسية موحّدة، بحسب تعبيره.
من هنا، شدّد داغر على ضرورة أن تكون تحركات الشارع موجّهة لهدف معين، قائلًا: “ثورتنا سياسة وليست مطلبية، وقد أتت نتيجة “مومنتم” وجوّ عام ناقم على ممارسات السلطة، وهدفه تغييرها”، مؤكدًا أن المواطن اللبناني سئم، بعد 30 عامًا، من التظاهرات المطلبية.
داغر الذي رفض عودة الحريري لرئاسة الحكومة، وصف مبادرة الأخير بالـ “وقحة”، معتبرًا أنّ الحلّ يكون بأن يأتي الشعب برئيس مستقل للحكومة، إلى جانب إحياء الثورة في صناديق الاقتراع، ومنع كل وجوه السلطة الحالية من العودة مجددًا، فهذه السلطة، بحسب تعبيره، “فاسدة ومسلحة، ومستعدّة لجرّنا إلى حرب أهلية لضمان بقائها في مراكزها”، خاتمًا كلامه بالقول: “نحن اليوم أمام خيارين: إما المواجهات الخطيرة في الشارع، وإما المواجهة في صناديق الاقتراع”.
أما بالنسبة لغياب الزخم من الشارع، برّر داغر هذا “الفراغ” بأنّ الرأي العام متعب، والناس منهمكة في تأمين لقمة عيشها بانتظار أي فرج، ولو كان على أيدي من سبّبوا الأزمة، مضيفًا: “لكن رغم ذلك قد نرى عودة للتحركات في الشارع وأمام منازل الزعماء، في الوقت المناسب”.
من جهته، ينفي عضو تجمّع “لحقي”، ماهر أبو شقرا، في حديث لموقع “أحوال”، غياب التظاهرات، محمّلا الوسائل الإعلامية مسؤولية عدم تغطية التحركات، فقد لكونها لم تعد في الصخب الذي كانت عليه في الأيام والأشهر الأولى من انطلاقة الثورة.
من هنا، أكد أبوشقرا أن المواطنين لم ينزلوا الى الشارع في 17 تشرين الماضي تلبية لدعوة “لحقي”، بل لأنهم كانوا متضررين من سياسات الحكومة آنذاك، ومن الجو “المشحون” الذي كان سائدًا في البلد، مضيفًا: “اما اليوم، فلا وجود لـ”مومنتم” لتحريك الناس، التي تخشى الإصابة بفيروس كورونا أيضًا، ولا تملك ترف النزول الى الشارع”.
وفي السياق، كشف أبو شقرا في حديثه لموقعنا أنّ “لحقي” تعمل على طرح حلول وبدائل وحشد الجو المعارض حول رؤية واحدة، فالثورة برأيه هي “مسار لبناء قواعد وتنظيمها، وهذا ما لم يكن باستطاعتنا فعله في 17 تشرين، لانشغالنا بالعمل في الشارع”.
وحول مبادرة الحريري وطرح نفسه رئيسًا للحكومة الجديدة، قال أبوشقرا: “كانت مُتوقعة، فنحن لا ننتظر أي شيء آخر من قوى السلطة العاجزة عن ابتداع حلول خارج إطارها التقليدي”، معتبرًا أنّ المنظومة الحاكمة تشنّ حربًا اقتصادية واجتماعية وسياسية على الشعب، من خلال تحميل الناس فاتورة الانهيار الاقتصادي، عبر رفع الدعم وحرمانهم من ودائعهم، وفرض ضرائب طائلة عليهم.
وفي ما يتعلّق بالتحركات القادمة، أكد أبوشقرا استمرارهم بالمقاومة الاجتماعية “حتى الرمق الأخير”، مشيرًا إلى أنه سيتم تنظيم تحركات في 17 و18 تشرين الأول في بيروت وبعض المناطق اللبنانية، إحياء لذكرى 17 تشرين، ليختم كلامه بالقول: “شرعية هذه السلطة سقطت بالنسبة لنا”.
إذًا، وبناء على ما تقدّم، يمكننا القول إنّ مجموعات الحراك سلكت منحى آخر اليوم، مدركة أهمية تنظيم قواعدها وتوحيد خطابها السياسي، قبل خوض معركتها مع السلطة، بانتظار “المومنتم”. فهل ستنجح في محاولتها إعادة كسب التأييد الشعبي مع خيبات الأمل المتتالية التي شعر بها المواطنون؟.
باولا عطية