دراسة| حرائق الغابات أخطر الأسباب لوفاة مرضى كورونا
بينما يعيش العالم حالة قلق دائمة جرّاء فيروس كورونا، كشفت دراسة جديدة أنّ كوفيد 19 ليس السبب الوحيد وراء حالات الموت الناتجة عن الفيروس التاجي، والتي تخطت المليون حتى اليوم، بل أتت نتيجة عوامل مساهمة قوّت الفيروس ليصبح قاتلاً: الأمراض المزمنة وثلوّث الهواء… وحرائق الغابات، على رأس القائمة.
وفيما يتخبّط اللبنانيون في أزمات اقتصادية وصحية وبيئية تهدّد أمنه المعيشي سيّما بعد فقدان الدواء، هل ستكون الحرائق الحاصلة بمثابة الصفعة الأكبر ؟ وماذا أتى في الدراسة أيضاً؟
اهمال القطاع الصحي يسبب ازدياد الموت
كشف الباحثون في معهد القياسات الصحية والتقييم /واشنطن أنّ الارتفاع العالمي في نسبة الأمراض المزمنة مثل السمنة وارتفاع نسبة السكر في الدم، وارتفاع منسوب الثلوّث في المناطق التي أصبحت مليئة بالضباب الدخاني على مدار الثلاثين عامًا الماضية أدت إلى ارتفاع معدلات الوفيات من كوفيد 19، المرض الناتج عن الفيروس.
هذا، وأشارت الدراسة أنّ معدلات الإصابة بأمراض مثل السكري والسمنة والقلب وارتفاع ضغط الدم كانت تشهد ارتفاعاً حتى قبل انتشار جائحة فيروس كورونا.
بالإضافة إلى ذلك، كان تلوّث الهواء أحد أكبر الزيادات في عوامل الخطر للأمراض من عام 2010 إلى عام 2019، سيّما حرائق الغابات والحرائق الناتجة عن معامل الطاقة. وقال الباحثون إنّ هذا المزيج من الأمراض الصحية المزمنة وثلوّث الهواء ساعد في زيادة الوفيات الناجمة عن كوفيد 19.
وحذّر الباحثون في جامعة واشنطن من أنّ ارتفاع مؤشر الموت في العالم بسبب الوفيات الساحقة جرّاء الوباء، قضى على الآمال التي كانت متوقعة لناحية ارتفاع منسوب الحياة الصحية العالمية عام 1990، والذي كانت يسير ضمن الخطط المرسومة حتى وصول كورونا.
وفيما كان متوسط الأعمار الصحي يسير ضمن التوقعات (العمر المتوقع العالمي الصحي هو عدد السنوات التي يمكن أن يتوقعها الشخص أن يتمتع خلالها بصحة جيدة) ويزداد بأكثر من 6.5 سنوات بين عامي 1990 و2019، أتت جائحة كورونا لتقضي على تلك النظرية.
ودعت النتائج الباحثين من معهد القياسات الصحية والتقييم (IHME) إلى النظر الجدّي في البحث عن إجراءات عاجلة للتصدّي للأمراض المزمنة لضمان صحة الأشخاص، بطريقة تجعل البلدان أكثر مرونة ضد أي أوبئة في المستقبل.
وقال مدير الفريق الرئيسي الدكتور كريستوفر موراي، ومدير معهد IHME في جامعة واشنطن، إنّه يمكن الوقاية من معظم عوامل الخطر ومعالجتها؛ وستحقق معالجتها فوائد اجتماعية واقتصادية ضخمة. وتابع، “لقد فشلنا في تغيير السلوكيات غير الصحية، لا سيّما تلك المتعلقة بجودة النظام الغذائي، وتناول السعرات الحرارية، والنشاط البدني، ويرجع ذلك جزئيًا إلى عدم الاهتمام الكافي بالسياسة والتمويل للصحة العامة والبحوث السلوكية.”
حرائق الغابات: الخطر الأكبر في زمن كورونا
شملت الدراسة 204 دولة ومنطقة، وحلّل الباحثون من خلالها 87 عامل خطر، و 286 سببًا للوفاة و 369 مرضًا وإصابة، لتحديد مدى استعداد البلدان لتأثير الوباء.
ولفت الفريق العامل في الدراسة أنّ الأزمة العالمية للأمراض المزمنة وفشل نظام الصحة العامة في القضاء عليها تركت السكان في جميع أنحاء العالم عرضة للموت مع تزامن الوباء الذي كان له الدور الأكبر في حصاد الأرواح.
ووجد الفريق أيضًا أن أقلّ عوامل خطر للأمراض من 2010 إلى 2019 كانت جرّاء تلوّث الهواء المنزلي، مثل الحرائق في الهواء المفتوح أو المواقد، فيما كانت أكبر عوامل الخطر كامنة في تلوّث الجسيمات المحيطة، والذي يأتي من الجزيئات الدقيقة التي تنتجها محطات الطاقة وأنظمة العادم والطائرات وحرائق الغابات والعواصف الترابية.
وفيما شكّل التلوث 11.3٪ من جميع وفيات الإناث و 12.2٪ من جميع وفيات الذكور في عام 2019، كشف بحث جديد ارتفاعاً قوياً بسبب فيروس كورونا في المناطق الملوثة. وحيال ذلك، قال الباحثون: “هذا على الأرجح لأنّ الفيروس يؤثر على الجهاز التنفسي، الذي يضعف بسبب الجسيمات التي تدفن نفسها في أعماق الرئتين وربما تدخل الدورة الدموية.”
وكشفت الدراسة أيضاً أنّه من بين المخاطر الرئيسية للأمراض غير المعدية، انخفض معدل التدخين بشكل كبير على الرغم من أنّ التبغ لا يزال السبب الرئيسي للوفاة في دول مثل الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة واليابان. وكانت قد حذّرت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها من أنّه كونك مدخن سجائر حالي أو سابق، هذا يزيد من خطر الإصابة بأمراض خطيرة مثل الكوفيد 19.
علّ هذه الدراسة تكون بمثابة إنذار قوي للمعنيين بالعمل على حماية الأحراش من الحرائق؛ فالمواطن أصبح مهدّداً بالموت كل لحظة في وطن تجمعّت فيه كل عوامل الخطر.