مجتمع

الزعتر البلدي ينافس التبغ في الجنوب

بات ثمن كيلو الزعتر البلدي أكثر من 300 ألف ليرة لبنانية، رغم أن الزعتر هو عماد الفقراء، الذين كانوا يعتمدون عليه في طعامه اليومي، كحل لسد جوع أطفالهم، لكنه اليوم بات مكلفا للغاية، ولهذا فان زراعته أصبحت حاجة لمعظم الأسر المقيمة في القرى والأراضي الجبلية.

وكما يبدو فان شتول الزعتر البرّي بدأت تنافس شتول التبغ المرّة في قرى وبلدات قضاء بنت جبيل، رغم أن الأخيرة ما زالت مصدر العيش الرئيسي للمقيمين من المزارعين.

فقد لجأت بلديات المنطقة الحدودية بالتعاون مع اتحادي بنت جبيل وجبل عامل، والجمعيات الأهلية، الى توزيع شتول الزعتر، كل عام، على المزارعين، وقد لاقى ذلك استحساناً من المزارعين الذين وجدوا من هذه الزراعة مصدر انتاج يعوّل عليه في مواجهة الأعباء المعيشية.

وكان الاتحاد الأوروبي قد بادر منذ نحو 10 سنوات الى توزيع آلاف الشتول، عبر مؤسسة آي سي يو، على المزارعين، لا سيما في بلدة عيترون المشهورة بزراعة التبغ، مع تقديم امدادت الري وخزانات المياه ومضخّات صغيرة لضخّ المياه عبر الأنابيب الى الحقول الزراعية.

وجد المزارعون في تلك الزراعة فرصة مناسبة للتخفيف من أعباء العمل في زراعة التبغ، التي ترهق جميع أفراد الأسرة العاملة لمدة طويلة من السنة. فعدد العائلات العاملة في زراعة التبغ في عيترون وحدها 853 عائلة ما يؤمن دخلاً قدّر ب 2,6 مليون دولار سنوياً، أي ما يقارب 3050 دولار للأسرة الواحدة، بحسب دراسة أجراها معهد الاستشارات والأبحاث لمصلحة منظمة العمل الدولية بين شهري تموز وأيلول من العام 2000.

ومنذ البدء بتوزيع شتول الزعتر، كان المزارعون متريثون في الاعتماد عليها، كبديل عن زراعة التبغ، لكن بعضهم اليوم وجد من هذه الزراعة بديلاً جزئياً، فهي تدرّ عليهم مبالغ مالية قريبة نسبياً من مداخيل زراعة التبغ. فيقول أحد أبناء البلدة ” لجأت الى زراعة 4 دونمات من الزعتر البرّي بعد أن حصلت على الشتول وامدادات المياه من الاتحاد، وبدأ الانتاج يزداد بسبب كبر حجم الشتول، ففي العامين السابقين يتجاوز ريع انتاج الدونم الواحد المليون ليرة لبنانية، رغم أن العمل في زراعته ليس مرهقاً، خصوصاً بعد أن أمّن الاتحاد البرك الزراعية التي تتسع الواحدة منها لعشرة براميل من المياه. فاذا تم تأمين المياه أستطيع أن أحصل على موسمين زراعيين في العام الواحد، بينما دونم التبغ لا يزيد ريعه أحياناً عن المليون ونصف المليون ليرة، بعد حسم التكاليف الخاصة به”.

أكثر من أربعين أسرة في عيترون تعمل اليوم في زراعة الزعتر، ومن اللاّفت أن العمل في هذه الزراعة ليس مرهقاً، اذ يستطيع ربّ الأسرة وحده أن يقوم به. فيستطيع مزارع واحد القيام بزراعة الصعتر ومتابعته وتيبيسه، حتى الأن لا يزال التسويق مؤمناً، الى الجاليات اللبنانية في أميركا وأستراليا ودول الخليج العربي، لكن أكثر الانتاج يتم تصريفه في السوق المحلية، فالأهالي يطلبونه للمونة البيتية، وجميعهم يعتمدون على مناقيش الزعتر اليابس في وجبة الفطور الرئيسية. وهم اليوم “يستخدمونه للكثير من الحاجات، فيصبح مثلاً بديلاً عن الشاي لمواجهة نزلات البرد والسعال”.

وكان لافتاً اهتمام اتحاد بلديات جبل عامل بهذه الزراعة، على سبيل المثال تم تجهيز 50 حقل بأنابيب المياه، وتم تقديم الشتول لأصحابها، ما حقّق نجاحاً لافتاً ساهم ” بخلق فرص عمل جديدة، للمقيمين.

داني الأمين

داني الأمين

صحافي وباحث. حائز على اجازة في الحقوق من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى