سياسة

بري عائد وأبو صعب نائباً له.. والورقة البيضاء ثالثهما

العودة إلى الواقع اللبناني المرّ اجتماعياً واقتصادياً ومالياً، تحتّم التسليم بواقعة انتخاب الرئيس نبيه برّي الثلاثاء المقبل لرئاسة مجلس النواب، وعلى معارضيه من الخصوم الدائمين والمتغيرين وأولئك التغييريين الجدد الخضوع لوجوب عليهم التعاون معه للسنوات الأربعة المقبلة.

حمى الاتصالات والاجتماعات التحضيرية للجلسة النيابية لم تتوقف وبخلاف ما تمّ ترويجه عن أن بري دعا إلى جلسة الثلثاء بعد مقايضة لرفع الحاصل الانتخابي لأصواته الرئاسية، فإن حال “البوانتاج” لا يزال كما هو والتيار الوطني الحرّ لا زال على موقفه لناحية الإحجام عن التصويت لبرّي رغم ترشيحه عضو التكتّل الياس أبو صعب.

موقف باسيل تبلغته الأوساط المعنية بالاتصالات بين الجانبين، لا سيّما حزب الله عبر رئيس وحدة الارتباط والتنسيق وفيق صفا، فكل أسباب الخصومة بين التيّار وأمل لا تزال قائمة بحسب النائب آلان عون، الذي يقول “العلاقة مع حركة أمل سلبية ولم يستجد جديداً بهذه العلاقة لنتحدث عن تطور بموقفنا من عدم التصويت لبري”.

مصادر نيابية تقول إن الانقسام السياسي الحاد دفع برئيس السنّ إلى تحديد موعد الجلسة، لحثّ الكتل النيابية على التوافق فيما بينها، وتحمّل مسؤولياتها لإنجاز العملية الدستورية ضمن المهل المحدّدة، حتى لا يُعاني المجلس الجديد من فراغ موقع الرئيس ونائب الرئيس وهيئة المكتب واللجان ورؤسائها والمقرّرين.

توزيع الأصوات لصالح برّي وضدّه في عملية الاقتراع حتى الآن، ما لم تحصل متغيرات كبيرة، سيكون على الشكل التالي:

النواب المتوقّع أن ينتخبوا برّي بين 63 و66: أمل 15، حزب الله 13، متحالفون مع حزب الله 3 نواب: الحزب التقدّمي الاشتراكي 9، الطاشناق 3، نائب البقاع الغربي حسن مراد، تيار المردة 2، طوني فرنجية وويليام طوق، الأحباش 2: عدنان طرابلسي وطه ناجي. الجماعة الإسلامية 1، عماد الحوت، الياس أبو صعب من كتلة التيار الوطني الحر، أعضاء المستقبل السابقون وهم 6، نواب مستقلون: تتراوح بين 8 و11 حيث لم يدلٍ الجميع بدلوه حتى الآن.

المعارضون لانتخاب برّي أكثر من 54 نائباً: كتلة نواب القوات اللبنانية وعددهم 20 نائباً، نواب الكتائب 4، أشرف ريفي، و15 من المستقلّين، و13 من “التغييريّين”، وعدد من نواب التيار الوطني الحرّ.

في مطلق الأحوال سيرأس نبيه برّي صباح الثلاثاء أولى جلسات مجلس نواب عام 2022 برّي، رئيس السنّ، إلى جانبه عضو أمانة السر الأصغر سنّاً، النائب المنتخب عن المتن ميشال المر، حفيد الأكبر سنّاً في الدورة الماضية النائب الراحل ميشال المرّ، وأيضاً فراس حمدان، النائب القادم تحت عنوان “مواجهة مع شرطة المجلس”.

موقع نائب رئيس المجلس النيابي، لا يزال غير محسوم لجهة شاغله الجديد، فيما يبدو أن النائب الياس أبو صعب الأوفر حظاً.

وبعد أن أبلغ النائب الياس أبو صعب رئيس التيار جبران باسيل قراره الترشّح للمنصب، فرض القرار على باسيل خلط الأوراق مجدّداً. وأبو صعب، الخارج من معركة انتخابية مُنهٍكة، أبلغ تكتله استمراره في الترشّح حتّى لو لم يصوّت له زملائه في “لبنان القوي”، الأمر الذي دفع التكتل إلى تبني ترشيحه.

وفي زيارة له إلى عين التينة، اليوم السبت، ناقش أبو صعب مع برّي تصورات الجلسة المقبلة، وكان الود ثالثهما بحسب المعطيات. إذ يرتاح بري للنائب المتني كونه يتمتّع باستقلالية القرار عن التكتّل وهو تمايز أرساه خلال مفاوضات ترشيحه للانتخابات النيابية، مع كل من رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر.

في مسألة منصب نائب رئيس المجلس النيابي أيضاً، وخلال الساعات الماضية فشلت محاولات القوات، بالشراكة مع حزب الكتائب، توحيد الموقف لدعم ترشيح النائب غسان سكاف بمواجهة أبو صعب. في وقت لم يُحظَ ترشيح غسان حاصباني بقبول بقية الكتل، بما فيها المستقلين.

الإطاحة بترشيح النائبين غسان حاصباني وملحم خلف باتت حتميّة. فرفض حزب القوات المبدئي من عدم تسمية بري “الذي لا يحمل المواصفات” لرئاسة المجلس، بحسب تعبير سمير جعحع أسقط ترشيح حاصباني لنيابة رئيس المجلس. أما صديق بري، ملحم خلف، فقد فشل في إقناع قوى التغيير بترشيحه. في حين لم تُحسم بعد مشاركة النائب الشمالي سجيع عطية في الترشح لنيابة الرئاسة بسبب ضعف الأصوات المؤيدة، ما لم يحصل تبدّل في موقف الكتلة الشيعية واجتذاب المزيد من الأصوات المسيحية.

نواب “التغيير” الجدد لم يرسُ على برّ بعد، والتذبذب يتحكم بمواقفهم الضبابية، وخلاصة اجتماعاتهم المكثّفة حتى الآن خرجت بقرار التوجّه من مرفأ بيروت إلى المجلس النيابي في ساحة النجمة لتسجيل موقف مع أهمية الوصول إلى الحقيقة الكاملة في تحقيقات تفجير مرفأ بيروت… ولا يزال قرارهم بين التصويت بورقة بيضاء أو ترشيح إسم جديد لرئاسة المجلس النيابي رهن الاجتماعات هذين اليومين.

حتّى الثلاثاء موعد انعقاد الجلسة البرلمانية، في بلد التحولات والمتغيرات والأحداث العشوائية فإنّ الاحتمالات متشعبّة ومساحات المقايضات المفاوضات لم تقفل على أي اقتراحات جديدة. الثابت الوحيد في هذه الضوضاء أن نبيه بري سيكون رئيساً للمجلس النيابي للمرّة السابعة وأن أحوال اللبنانيين باقية على أهوال الانهيار الجماعي.

رانيا برو

صحافية وكاتبة لبنانية. عملت في مؤسسات اعلامية لبنانية وعربية مكتوبة ومرئية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى