الاقتصاد ما بعد الانتخابات: سيناريوهات مرتبكة وأحلاها مرّ
فيما تزداد الأوضاع الاقتصادية والمالية تأزماً يستعد الناخبون اللبنانييون إلى خوض غمار مرحلة سياسية في غاية الأهمية، يراهن عليها البعض لإخراج لبنان من أسوء أزمة في تاريخ البلاد، مع السعي وراء إعادة بناء الثقة مع مؤسسات المجتمع الدولي لفتح أبواب المساعدات والقروض والتخفيف من العبء الإنساني الذي ألقته سنوات من عدم الاستقرار والفساد على شعب بأكمله.
فهل يبدّل الاستحقاق النيابي الواقع الاقتصادي المأزوم؟
المحلل الاستراتيجي البرفسور بيار الخوري يوضح لـ “أحوال ميديا” أنه “من الصعب انتاج توقعات لمرحلة ما بعد الانتخابات تتعلق بالمسار الاقتصادي بما يخالف المسار العام الانحداري حتى لو استتب الأمر لأحد القطبين أو الأقطاب المتصارعة على نتائج الانتخابات، مصدر هذه الصعوبة يكمن في درجة تعقيد الأزمة الاقتصادية والتأخير الكبير الذي حلّ في إنتاج الحلول الممكنة على مدى أكثر من سنتين ونصف”.
ويؤكد أن “لا شيء يبدأ من النقطة صفر، هناك دائماً جذراً لكل أزمة وجذراً لكل حل! طبعاً الجميع يقول إنه إذا انتصر في الانتخابات فهو قادر على إلغاء التأثير السلبي الذي يمارسه الطرف الآخر، ولكن هذه ليست سوى حقيقة مموهة.
في الواقع نحن أقرب إلى سيناريوهين كبيرين قد يكونا متكاملين، ولكن أيضاً قد نشهد فيهما تناقضاً كبيراً خصوصاً وأن الانتخابات النيابية ستمهد إما لانتخابات رئاسية وإما لفراغ رئاسي رغم أن إيجاد حلول تعود إلى جذور المشكلة وتبدأ معالجتها من تلك الجذور لا يبدو وارداً تبعاً للعقلية التي ستتصرف بها الكتل الكبرى التي ستسيطر على مجلس النواب. الأطراف جميعاً وإن بشكل غير معلن يتفقان على أن استعادة تدفق الأموال إلى لبنان من قبل الدول الإقليمية في ظلّ رضا المجتمع الدولي سوف يحلّ المشكلة دون النظر إلى الأزمة بصفتها أزمة تعطل عمل نظام بكامله، رغم صحة الأثر الإقليمي والدولي في تفاقم الأزمة”.
ويشرح الخوري “بمعنى آخر إن كافة المقاربات المطروحة اليوم ليست مقاربات تسمح في إصلاح مستدام للبنية الاقتصادية السياسية في لبنان، بل على العكس هي مزيد من ضخ الأموال في شرايين اقتصاد مهترء”.
ويتابع “العالم ينزع نحو مزيد من الاستقطاب والتوتر والحروب، والسؤال الجدي هو هل نحن خارج هذا التوتر والاستقطاب؟ أم أن لبنان الضعيف هو في خضم هذا الصراع شاء من شاء وأبى من أبى؟ لا شيء يمكن اليوم أن يعكس مسار تدفقات الأموال نحو لبنان سوى الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية على الحدود الجنوبية للبنان، وهذا أيضا يحتاج إلى توافقات دولية واسعة وكذلك إقليمية”.
ويتوقع الخوري خمسة أشهر من الصراع الحاد بعد الانتخابات النيابية لاستشراف الخط الذي سيكون عليه لبنان إذا ما حصلت بعد موعد الانتخابات الرئاسيه. لكن ظهور هذا الخط لا يعني بالضرورة حل الأزمة انما يعطي اتجاه اكثر وضوحا وأقل ضبابية”.
ابو الحسن: بانتظار المجلس القادم
من جهته، يوضح المحلل الاقتصادي محمد أبو الحسن أن “المجتمع الدولي يراهن على انتخابات المجلس التشريعي الذي سينتج المجلس التنفيذي القادم، فالمنتظر أن يكون هناك عملية إعادة هيكلة لكل الوضع في لبنان من عمليات الإنتاج إلى إدارة المحافظ المالية للبد إلى عملية ضبط الحدود وترسيمها إضافة الى الاستثمار بموارد الدولة إن كانت نفطية أو إنتاج الطاقة وغيرها. ومن المتوقع أن تصب الاستثمارات في هذه المجالات إذا كان المجلس التنفيذي على قدر التّوقعات”.
ويضيف “الجميع بانتظار مرحلة ما بعد الانتخابات وهي مرحلة دقيقة وحساسة وكل الأفرقاء سيبدأون بمحاولة تنفيذ مشاريعهم كي يظهروا للبنانيين بأنهم يحملون حقائبهم الإصلاحية ويريدون تحسين البلد المنكوب”.
ويتابع “ستبدأ المساعدات الخارجية تنهال على لبنان خصوصاً في حال الحديث عن تنقيب النفط وتشريع زراعة الحشيشة وتخلق معها فرص الاستثمارات، إذاً الدعم الداخلي والخارجي مرتبط بما يقدمه المجلس التشريعي، ويبقى السؤال هل سيكون على قدر المسؤولية ولديه التقنيات والنية الجدية للإصلاح؟ وما مدى سرعته بالتنفيذ؟
نعمة: رابطة المودعين لا ترى حلولاً في الأفق
فيما يرى المحامي من رابطة المودعين عدنان نعمة أن “لا حلول تلوح في أفق الأوضاع الاقتصادية في لبنان، وبالطبع فإن الوضع سيزيد سوءً بعد الانتخابات، فالأشخاص الذين سيصلون إلى الندوة البرلمانية على الأرجح سيكونوا من السلطة، وبالتالي سنفتقد إلى النفس التغييري الذي يعول عليه معظم اللبنانيين”.
ويضيف “الأمر سيكون أصعب بكثير مما هو عليه اليوم والدولار سيصبح بلا سقف وأن البلد قد يتجه إلى المجهول رغم كل الضجيج الانتخابي”.
ويتابع “الأحزاب الموجودة حالياً في المجلس النيابي والذي من المتوقع أن تبقى نفسها بعد الانتخابات لن تقوم بالإصلاح والتغيير، كما وأن مسار المفاوضات مع الصندوق الدولي ونظرته تجاه لبنان لن تتغير وخطة التعافي المالية لن تبصر النور”.
ويختم “الحلحة ستكون بعيدة المدى ولن تكون بليلة وضحاها، لبنان يحتاج إلى أشخاص تغييرين لديهم مساعٍ جدية وخطط واضحة ذات جدوى اقتصادية مع إعطاء صندوق النقد الدولي مهل للتنفيذ كي يفكر بدعمنا وانتشال لبنان من المشاكل الاقتصادية والمالية التي يتخبط فيها”.
ناديا الحلاق