إزدواجية “القوات”.. بين افطار معراب ومسيرة البقاع الغربي
لم يعد سراً حجم المأزق الإنتخابي الذي تعيشه القوات اللبنانية في الاستحقاق الحالي، حيث باتت تشعر بمدى الحاجة الى من ينقذها لا سيما في الدوائر التي يشكل فيها “الصوت السني” بالمعنى الضيق للحسابات الانتخابية الكفة الراجحة، من اجل الحفاظ على وضعها النيابي الراهن في احسن الأحوال.
انطلاقا من هذه العقدة ربما سعت “القوات” عبر رئيسها سمير جعجع وعقيلته النائب ستريدا الى اقامة افطار معراب، وذلك برعاية وحضور سفير السعودية التي تعتبر جعجع الحليف رقم واحد ل”مملكة الخير”، في لبنان.
لكن وبعيدا عن الشكليات يكفي الاطلاع على بعض آراء “الشارع السني” وموقفه من حضور ممثل عن دار الفتوى وعدد من مشاريخ وعمامات اهل السنة الى افطار معراب، حتى يكتشف حجم الرفض الشعبي للمشهد الذي حرصت “القوات” على تظهيره من خلال افطار معراب، حيث تنوعت الاراء بين من اعتبر ان افطار معراب لا يغسل يدي رئيس القوات من دماء رئيس حكومة لبنان الشهيد رشيد كرامي، وبين من وجد ان جعجع جمع حوله من المشايخ اكثر مما يجمع من رجال دين مسيحيين، كذلك هناك من اعتبر ان جعجع مسؤول عن اغتيال الرئيس سعد الحريري سياسيا، وبالتالي لا يمكنه استرضاء الطائفة السنية بإفطار في معراب وكأن شيئا لم يكن”.
وبالتوازي مع افطار معراب وفي خطوة تكشف عن ازدواجية موقفها نظمت القوات اللبنانية مسيرة في البقاع الغربي، كانت كفيلة بإستفزاز مشاعر البقاعيين وتحديدا من اهل السنة، بعدما شاهدوا صور جعجع التي رفعت وهو بلباسه العسكري وسلاحه الحربي، في استعادة لمشهد الحرب الاليمة التي لا يرغب احد باستعادتها ولو بالذاكرة، وهذا ما عبَر عنه الوزير حسن مراد قائلاً: “معقول حزب القوات بعدو مصمم، حامل تاريخو وجاي يسوق نفسه بمهرجان انتخابي بالبقاع الغربي وراشيا. ورئيسه حامل بارودة. مع العلم هذه الصورة تعود للتاريخ الاسود الذي عاشه لبنان، والذي لا نريد تذكره او العودة له رغم أننا لم ننساه”.
اذا بين مشهد افطار معراب الذي اراده جعجع رافعة انتخابية لمرشحيه وبدعم سعودي واضح وغطاء من دار الفتوى التي تعرضت للانتقاد، وبين مشهد مسيرة البقاع الغربي يمكن للمتابع ان يكتشف ازدواجية موقف “القوات” بين حاضرها الصعب وتاريخها المأزوم مع جزء كبير من اللبنانيين، مرورا بتحميلها مسؤولية اغتيال سعد الحريري سياسيا الى “مجزرة الطيونة” وما رافقها من اتهامات للقوات بالتورط فيها.