في السوبرماركت الدفع 50% بالبطاقة المصرفية: حلّ وسطي للاستمرار بتجارة الشيكات
بعد أن أصدرت نقابة أصحاب السوبرماركت في لبنان بياناً أعلنت فيه: “نظراً للظروف الراهنة الخارجة عن إرادتنا، وبسبب القيود التي تفرضها المصارف والتي أدّت إلى عدم إمكانية سحب الأموال من حساباتنا حتى بالليرة اللبنانية، وتمكيناً لنا من تسديد إلتزاماتنا تجاه الموردين نقداً، اضطر جميع أعضائنا إلى اتخاذ قرار باستيفاء قيمة الفاتورة من الزبائن حاملي البطاقات المصرفية، بنسبة 50 % من البطاقة و 50 نقداً”.
أما من أراد دفع كل المبلغ عبر البطاقة في بعض المؤسسات التجارية، فعليه دفع عمولة تتراوح بين %8 و10% و12% على قيمة المشتريات.
فهل بدأت السوبرماركت تحميل المستهلكين ثمن خسائرها بعد أن وجدت نفسها غير قادرة على أي زيادة إضافية في أسعارها؟
وفيما أوضح صاحب إحدى السوبرماركت الكبرى في بيروت أنّ “السوبرماركات لا تستطيع سحب ثمن مبيعاتها المدفوعة بالبطاقة المصرفية من البنوك، ما يعيق عملية دفع ثمن البضائع إلى الموردين الذين يطالبون بالدفع نقداً، وبعضهم الآخر يطلب الدفع 85% أو 90% نقداً، وبالتالي أصبح من المستحيل شراء السلع بسبب حبس الاموال في المصارف”، أشار مصدر من وزارة الاقتصاد إلى اجتماع سيعقد غداً في مقر الوزارة بين الوزير والمدير العام وأصحاب السوبرماركت لإيجاد مخرجاً للقرار الأخير الذي اتخذه أصحاب السوبرماركت، ونقل الحل إلى مصرف لبنان في محاولة لمعالجة الموضوع بهدف التخفيف عن المواطنين.
ويقول الخبير الاقتصادي محمود الجباعي لـ “أحوال”: “السوبرماركات والشركات والمؤسسات التي كانت تقبل الدفع عبر البطاقات المصرفية، أصبحت اليوم تطلب من الناس دفع نصف قيمة الفاتورة عبر البطاقة والنصف الآخر “بالكاش”، وهو ما يلحق الضرر بالمواطنين حملة هذه البطاقات، ويعود بالنفع لأصحاب المصارف وتجار الشيكات”.
ويلفت الجباعي إلى أن “كل الإجراءات والتعاميم الصادرة من المركزي تؤكد الاتجاه نحو وسائل الدفع عبر البطاقات المصرفية، ونحن كخبراء اقتصاديين نشجع اعتمادها، كونها تساهم في التخفيف من نسبة التضخم وطبع العملة وضخ الليرة بالسوق”.
ولكن السؤال، لماذا لم تعد هذه الشركات والمؤسسات تقبل الدفع عبر البطاقات؟
يتابع: “ببساطة لأنهم يريدون الترويج إلى ما يسمى بتجارة الشيكات عبر الليرات الموجودة بالبطاقة بموجب شيك مصرفي “بنكير” بأقل بـ 18% تقريباً من قيمتها. هذه الخسارة يحاول التجار تحميلها للمواطن من خلال عمولة يطلبونها منهم مقابل الدفع بالبطاقة. إنّها عملية جديدة لنهب وسرقة أموال المودعين بأسلوب مبتكر ولكن هذه المرة تطال الليرة اللبنانية”.
ويختم كلامه لموقعنا بالقول: “إن لم يعالج الموضوع بشكل صحيح من شأنه أن يخلق انكاماشاً اقتصادياً في البلد، حيث الطلب على الشراء سيتراجع، بسبب تراجع قدرة المواطنين الشرائية وعدم توافر الليرات بين أيديهم؛ أما إذا أراد حملة هذه البطاقات بيع الليرات الموجودة فيها، فسيتكبدون أيضاً مزيداً من الخسائر”، مضيفا: “نحن مع اعتماد البطاقة المصرفية خلال عمليات الشراء شرط أن يقبل بها التجار كحل ولو جزئي للأزمة النقدية في لبنان”.
من جهته يشير الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمود إلى “وجود كميات كبيرة من العملة الأجنبية في بيوت اللبنانين، ومن الليرة اللبنانية التي ضخها مصرف لبنان للجم ارتفاع سعر صرف الدولار، وبالتالي المركزي اليوم لا يريد ضخ دولارات كي يتم تحويلها من خلال سحب الليرة اللبنانية من الحسابات المصرفية بالليرة اللبنانية، بل يريد أن يكون مقابلها من الحساب النقدي الورقي، لأن أي أدوات دفع لا تكون قادرة على التحويل والتحاويل تفقد قيمة التداول، وهذا ما يحصل بالنسبة لأموال أصحاب المؤسسات والسوبرماركت التي تقبل الدفع عبر البطاقات المصرفية، فإذا قبلوا الدفع من خلالها ستعلق أموالهم بالليرة اللبنانية في حساباتهم المصرفية وتكون غير قابلة للتحاويل والتحويل”.
ويتابع: “لذلك تقوم بعض المؤسسات مثل تجار ومستوردي البنزين مثلاً الذين بحوزتهم كميات هائلة من العملة بالليرة اللبنانية، باستبدالها بشيكات مصرفية بأقل بـ 20% من قيمتها، على أن يضعوها بحساباتهم كي يدفعوا منها الرواتب وغيرها، ولتعويض خسائرهم يفرضون عمولة على من يريد الدفع بالبطاقة”.
ويلفت إلى أن بعض السوبرماركت تطلب عمولة في نقاط البيع بين 8 و10 و12 % وهي نسب لا تجوز وهي غير مقبولة ولا يمكن استمرار الأسواق بهذا التخلف من الاستعمال.
ويختم حمود: “هناك تصرفات لا عقلانية نشهدها اليوم ولا يستطيع البنك المركزي المحافظة على عملته بهذه الطريقة عبر سحب الكاش الذي يصدره من خلال بيع دولاراته كي يستردها لاحقاً، فهذه الدولارات حصل عليها من حسابات الناس وودائعهم وحقوقهم”.
واقعياً كل دول العالم تتجه نحو الدفع عبر البطاقات المصرفية، أما لبنان الذي يعاني من تخلف في نظامه النقدي والمالي فلا يمكنه تحقيق ذلك إلا إذا سُمح لأصحاب المؤسسات التجارية والمحطات وغيرها باستخدام كل ما يتم تحصيله عبر هذه البطاقات لشراء الدولار عبر المنصة، حينها سيسارع التجار الى طلب الدفع من المواطنين من خلال البطاقات الالكترونية وليس “الكاش”.
ناديا الحلاق