منوعات

خطط المركزي تهزها شائعة!

استقر الدولار أمام الليرة اللبنانية على عتبة العشرين ألفًا لعدة أسابيع، بعد تدخل مصرف لبنان من خلال منصّة صيرفة، فهدأت السوق نوعًا ما، وأصبح الدولار متوفّرًا عند المصارف والصرّافين وتجّار السوق السوداء في مكاتبهم أو حتّى على قارعة الطرق.

إلا أن هذا الاستقرار لم يدم طويلً، إذ قفز سعر الصرف عن عتبة العشرين ألفًا، ليلامس خمسة وعشرين ألفًا في أقل من يومين، بعد ورود معلومات عن امتناع مصرف لبنان عن تسليم الدولار للمصارف، كذلك الحديث عن توقف المصرف المركزي عن العمل بمنصّة صيرفة، ليصار لاحقًا إلى عودة ضخ الدولار في السوق، وهبوط الدولار إلى حدود الاثنين وعشرين ألف ليرة لبنانية.

ماراثون الدولار يطرح العديد من التساؤلات حول هشاشة خطط المصرف المركزي إذا أنها تنهار عند أي عثرة أو عند أي إشاعة، فقد اهتزّ السوق بمجرد أن شعر بعدم القدرة على تلبية حاجته من الدولار عبر المصارف، وخلال يوم واحد ارتفع الدولار 2500 إلى 3000 ليرة للدولار الواحد.

يؤكّد الباحث المالي والاقتصادي الدكتور عماد فرّان في حديثه لأحوال أن الانخفاض الذي شهده الدولار كان نتيجة تدخل مصرف لبنان من خلال منصّة صيرفة، فنزل على مراحل من خلال ضخّه بالسوق، وكانت تتأمن حاجات السوق من خلال المصارف، ويشير إلى أنه في الأسبوع الأخير كان هناك طلب كبير على الدولار، وكان التداول اليومي بين 40 و45 مليون دولار، وفجأة قفز التداول على منصة صيرفة إلى 80 و 90 مليون دولار يوميًّا، ومنذ عشرة أيام كشفت منصّة صيرفة المصارف ماليًّا، فكانت المصارف تقوم بتأمين الدولار ولم تكن تستلمه من مصرف لبنان لتضخّه في السوق، فعمدت بعض المصارف إلى تقنين تسليم الدولار للمواطنين، ومن هنا زاد الطلب على الدولار وارتفع سعره مقابل الليرة.

ويشير فرّان إلى أنه لم يكن منتظرًا أن يكون تدخل مصرف لبنان طويل الأمد لأن الأموال في المصرف غير كافية، والكل يعرف أنه توقف دعم المحروقات لأن المصرف لا يريد التصرف بالاحتياطي الإلزامي الذي يقدر ب 14 مليار، وأي مس بهذا الاحتياط بحاجة إلى قانون في مجلس النواب، وله تداعياته الوخيمة.

الكلام كان في الأسابيع الماضية عن تجفيف كميّات الليرة في السوق من خلال خطّة مصرف لبنان، والسوق غارق بمبالغ هائلة فلا يمكن جمعها بشهر أو شهرين، فاليوم لا يستطيع المصرف الاستمرار في التدخل دون آليات حقيقيّة تضمن استعمال هذه الأموال التي تضخ لتأمين الاحتياحات الأساسية للسوق اللبنانيّة من سلع ومواد أوليّة للمواطن، ولا نريد أن نرى موضوع التداول بالدولار شبيه بالدعم الذي أدى إلى خسارة 11 مليار دولار في المرحلة السابقة، وفق ما يوّكده فرّان.

مع بداية الأزمة النقدية في لبنان عام 2019، قام مصرف لبنان مع السلطة السياسية بمجموعة من القرارات لم يُصَر معها إلى لجم انهيار الليرة، بل على العكس تمامًا انهارت الليرة أكثر فأكثر، إذ لا يمكن الوصول إلى النتائج المرجوّة للخطط دون آليات تنفيذية وإجراءات صارمة لضمان تنفيذها بالشكل الصحيح، مع محاسبة من تسبب بهدر المليارات في خطط عشوائية لم يجنِ منها الشعب إلا الخيبات والانهيارات، فأي خطة هذه التي يهزّها خبر أو ربّما شائعة؟

منير قبلان

باحث قانوني. إعلامي ومعد برامج وتقارير سياسيّة واجتماعية. يحمل شهادة الماجيستير في الحقوق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى