انتخابات

الورقة البيضاء: خيار ينمو من قلب بيئة الممانعة

ثمة حالة اعتراضية تنمو في بيئة “الثنائي الشيعي” أو ما يعرف بـ”الثنائي الوطني”، فهل هي أصوات جدّية وتمثل حيثية حقيقية؟ وهل تتسع لتشكّل حالة اعتراضية عامة قد تعطي صورة مختلفة عن مناطقها؟.
نعيم: رسالة لتغيير الأداء
كتب الأستاذ الجامعي د. جمال نعيم على صفحته على الفايسبوك: ماذا نريد من المواطنين اللبنانيّين؟ لا نريد الكثير، لا نريد ممارسة العنف ولا حمل السلاح مع أنّه قد لا يكون التغيير من دون ذلك، ولا نريد التعامل مع دولٍ أجنبية، ما نريده من المواطنين الذين سُحِقوا وجاعوا وأُهينت كراماتهم وسُرِقت أموالهم وصار أولادهم بلا مستقبل ولا أمل بفعل الطبقة السياسية التي تولّت السلطة من ثلاثة عقود، هو فقط اتخاذ موقفٍ بسيط في الانتخابات بالامتناع عن التصويت في مناطق الثنائي الشيعي حتى لا يتبجّح هذا الثنائي بالقول إنّه يتكلّم باسم الشيعة، وحتى ينتبه إلى أنّ أداءه السياسي والإداري والمالي كان فاشلاً جداً، مع أنّنا نعرف أنّه سيفوز بجميع المقاعد، فهزيمة الثنائي لن تكون بالاختراقات في لوائحه، بل بتدنّي نسبة التأييد له. وهذه إنْ حصلت، ستكون هزيمةً مدوّيَةً له حتى لو فاز في جميع الدوائر. لقد آن الأوان لإرسال رسالةٍ قويّةٍ إلى هذا الثنائي حتى يغيِّر في أدائه على الأقل، ويعترف بمشاكل اللبنانيين، بل وليعترفَ أنّ هناك مواطنين لبنانيّين آخرين”…..
الشيخ محمد عباس دهيني
وفي الوقت عينه، يقود الشيخ محمد عباس دهيني، حملة شرسة ضد العملية الانتخابية ويدعو إلى استخدام الورقة البيضاء كحق من حقوق المواطن. وقد أطلق وسم:
“المقاطعة أو الورقة البيضاء لسحب الشرعية”
كما نشر عدداً كبيراً من “البوستات” التي تعارض تكرار نتائج الانتخابات النيابية التي ستحصل في أيار 2022 فقال:
“لا علاقة للمقاومة بالفاسدين، ولكلّ الذين يربطون بينهما نقول:
لو لم ينجح أحدٌ من الفاسدين في الانتخابات، فهل ستنتهي المقاومة؟!
جوابُنا بكلّ ثقة: المقاومة باقيةٌ باقيةٌ، فالمقاومة فعلٌ إنسانيّ نبيل وشريف
امتثالاً لأمرٍ إلهيّ لازمٍ وحكيم، وما دام هناك شرفاء وأحرار
لا يرضَوْن بذُلٍّ ولا بهَوان، ولا يسكتون على ضَيْم
فالأمر الإلهيّ بوجوب الجهاد والمقاومة قائمٌ… مضافاً إلى أنّ المقاومة باقيةٌ بقوّتها العسكرية
وليس بتواجدها السياسي، وإنْ كان يُريحها.
لذلك، ندعو أحبّتنا من المنظِّرين لمعادلة: انتخب الفاسد والمفسد، وإلاّ فستخسر المقاومة،
ندعوهم لإعادة التفكير مليّاً في لوازم ما ينطقون به، إنّهم يشوِّهون صورة المقاومة
فالمقاومة فعلُ جهادٍ لا يتجزّأ:
جهادٌ للعدوّ، وهو الجهاد الأصغر، وجهادٌ للنفس الأمّارة بالسوء، وهو الجهاد الأهمّ والأكبر
فلماذا هذا الإصرار على اعتبار الفاسدين والمفسدين جزءاً من هذه الحركة الجهادية الشريفة؟!
حمى الله (المقاومة) من كيد أعدائها، ومن جهل بعض أنصارها ومحبّيها… .
واكيم: للتصويت السلبي
أما الشخصية الثالثة التي تدعو للمقاطعة، فهي الدكتور جمال نجاح واكيم، وهو إبن بيت سياسي معارض، اكتشف خفايا السياسة باكراً، اضافة إلى اكتشافه خبايا المنظمات والأحزاب والفصائل، حيث كتب على صفحته ما يلي: الانتخابات لن تحسّن شيئاً، اذن مقاطعتها افضل من المشاركة فيها واعطائها مصداقية”.
ما يشبه الخلاصة
هذه الأصوات الثلاثة البارزة، والتي تحظى باحترام مروحة واسعة من الجمهور، تدعو إلى خيارين محددين حتى لا يقع المواطن اللبناني في شرك الفاسدين والمفسدين وتجار الشعارات، مع التأكيد على ضرورة الفصل بين العضوية في المجلس النيابي وحجمها وبين حماية المقاومة وحاجتنا إليها.
وهنا يؤكد د. جمال نعيم، وهو باحث واستاذ جامعي، على أهمية الورقة البيضاء كخيار أخير مقابل اليأس من إمكانية التغيير لدى كثير من المواطنين، آملاً بذلك إيصال الصوت وإن بإسلوب سلبي، وحتى يصل الصوت الإعتراضي من خلال رفع نسبة التصويت بالورقة البيضاء.
في حين يعتبر د. جمال واكيم، وهو أستاذ جامعي وإبن سياسي عريق معارض للطبقة الحاكمة، أن “المقاطعة هي السبيل الوحيد لحل أزمات البلد، فالمشاركة برأيه تُعطي مصداقية لمجموعة فاسدة حكمت البلاد والعباد وأفلستنا”.
فهل تتسع مروحة هذه الدعوة وتكبر بحيث تصبح قوة ثالثة مقابل الطبقة الفاسدة التي تخرج لنا كل أربع سنوات مجموعة ناهبي المال العام، أو مقابل ما يسمى بـ”المجتمع المدني” الذي لا يُرضي فئات واسعة في لبنان، نظرا لشعاراتها اأو تمويلها الغامض؟.
لافتات ووسوم
في اتصال مع الشيخ محمد عباس دهيني، وهو عالم دين وباحث حوزوي، ومهتم بالشأن العام، يقول رداً على أسئلة “أحوال ميديا” عن أن “هل إطلاقه وسم المقاطعة هو قرار شخصي أم ناتج عن حركة واسعة أم مبادرة فردية؟ ألا يستعيد بذلك نموذج المقاطعة المسيحية التي حصلت في تسعينيات القرن الماضي، وأدت إلى إضعاف الأطراف المسيحية؟
قال دهيني إنّ “الدعوة للمقاطعة أو للتصويت بالورقة البيضاء كانت أمراً لا بد منه، ولو تيّسر لنا المال الكافي لشكّلنا لوائح كاملة في كل لبنان من أشخاص شرفاء بحق، وأوفياء، وناجحون، ولديهم برامج انتخابية واضحة، ولا يعتمدون على وعود كاذبة ولا على رافعة خطاب الزعيم الذي يجرّ الناس لانتخابهم بهالته وانخداع الناس به”.
وبرأيه من هنا “جاءت الدعوة للمقاطعة أو التصويت بالورقة البيضاء لإسقاط الشرعية عن جميع أفراد وأحزاب هذه المنظومة الفاشلة، فهم وإن نجحوا بتصويت أزلامهم وأتباعهم فإن نسبة الاقتراع حين تكون أقل من 50% فهم لا يمثلون غالبية الشعب، وليس لهم شرعية الحكم”.
ويُعيد السبب إلى “قراءة دقيقة للمزاج العام الذي يعيش الاشمئزاز، ولكنهم يمسكون بخناقه بشتى الأساليب ترغيباً وترهيباً بالإعاشات والوظائف والمساعدات والسلاح”.
لذا يعتبر دهيني “إن كثيرين لا يجرؤون على الاعتراض، فهم معنا بقلوبهم، لكن لا يجرؤون على التعبير، ولست أبرر لهم ولا أجد أي مسوغ لبقائهم في ركاب الفاسد”.
فهذه الدعوة برأيه “منطقية ونتيجة حتمية لغطرسة زعماء وأحزاب لبنان مع الشعب بجميع أطيافه، فحتى بيئتهم الحاضنة يتعاطون معها باستخفاف وأنها معهم لا تحيد، ولا بد من مواجهة هذه السلطة مهما كلف الأمر، ولا بد من كلمة حق في وجه السلطة”.
ويختم الشيخ محمد دهيني بالقول “هذه هي روح الدعوة للمقاطعة أو التصويت بالورقة البيضاء، ونرجو من الناس أن يستفيقوا قبل فوات الاوان”.

سلوى فاضل

صحافية لبنانية، تحمل شهادة الدراسات العليا في الفلسفة من الجامعة اللبنانية، تهتم بقضايا حقوق النساء والفتيات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى