كيف سيتعامل حزب الله مع المكون السني بعد انكفاء سعد الحريري؟
مع ان الخلاف السياسي بين حزب الله والرئيس سعد الحريري كان واسعا، الا ان الحزب لم يكن مسرورا من قرار رئيس تيار المستقبل بتعليق العمل السياسي، بل هو حاول عبر صديق مشترك اقناعه بالعدول عن هذا القرار، كما كشف السيد حسن نصرالله الذي أبدى الأسف لإصرار الحريري على موقفه.
يعرف الحزب ان الحريري، وعلى رغم التباينات الاساسية، معه يبقى رمزا للاعتدال والواقعية في الطائفة السنية وهو محاوِر مقبول ومجرّب، يمكن التفاهم معه احيانا حول تسويات ضرورية، ويمكن تنظيم الخلاف معه إذا تعذر الاتفاق. وهذا النوع من المعادلات هو ما تحتاجه الساحة الإسلامية في لبنان والعلاقة بين الاقوى شيعيا والاقوى سنيا منعا لاي فتنة مذهبية، خصوصا ان لينان يقيم فوق صفيح إقليمي ساخن.
ولعل رفض الفتنة مهما كلف الأمر كان القاسم المشترك الأساسي الذي ظل يجمع الجانبين في عز النزاع السياسي بينهما، إذ ان كلا منهما كان يحاذر، لأسبابه واعتباراته، الانزلاق الى هذا المستنقع الآسن، مستفيدا من دروس الحروب التفتيتية التي اندلعت في عدد من ساحات المنطقة.
ثم إن الحريري الذي أصبح معروفا بسلبياته وايجابيات في حارة حريك يبقى الخصم الأفضل للحزب بالمقارنة مع المجهول الذي سيخلفه في البيئة السنية حيث لا مرجعية واضحة وواحدة تبدو جاهزة لملء الفراغ.
يشعر الحزب ان الوسط السني الداعم بأغلبه لتيار المستقبل أصبح بعد عزوف الحريري مضعضعا ومحبطا، وبالتالي فإن هناك لدى قيادة الحزب نوعا من التعاطف معه والتفهم لظرفه، بعيدا من اي شماتة او تشف.
وانطلاقا من حساسية الموقف، قرر الحزب ان يتعاطى بكثير من المراعاة والرعاية مع المكون السني في مرحلة ما بعد الحريري، وبالتالي هو سيتفادى اي استفزاز للطائفة السنية في خطابه وسلوكه، خصوصا في الفترة الفاصلة عن الانتخابات النيابية المقبلة، واستطرادا لن يقتحم بنفسه الساحة المشرّعة لاقتطاع حصة من تركة الحريري التي يتنازع عليها الطامحون حاليا، من دون أن يعني ذلك انه غير مهتم بحلفائه السنة الذين باتوا في رأيه أمام فرصة لتوسيع دورهم وتعزيز حيثيتهم، وعليهم ان يعرفوا كيف يتصرفون ويستفيدون من الفرصة لاستقطاب مزيد من الدعم والتأييد لهم.
وفي حين يتجه الحزب خلال حملته الانتخابية التي ستتصاعد تباعا إلى تشريح السياسات المالية والاقتصادية التي تسبب عبر عقود في الوصول إلى الانهيار، علم انه سيتفادى عبر ادبباته الإعلامية والسياسية الاشارة الى الرئيس رفيق الحريري بالاسم في معرض توزيع المسؤوليات وتفنيد الخيارات الفاشلة التي استندت الى فلسفة الاقتصاد الريعي على حساب الاقتصاد المنتج، فحصل ما حصل.
عماد مرمل