صحة

فوز علماء بجائزة نوبل عام 2020 لأبحاثهم حول فيروس التهاب الكبد سي

فاز ثلاثة علماء في مجال الطب هذا العام بجائزة نوبل حول علم وظائف الأعضاء لاكتشافهم فيروس التهاب الكبد الوبائي سي، أو كما يُسمّى طبياً، الفيروس القاتل.

أحد هؤلاء العلماء هو الدكتور تشارلز رايس، الذي كان يعمل في كلية الطب بجامعة واشنطن في سانت لويس من 1986 إلى 2000. وقد مُنح رايس الذي يعمل حاليًا في جامعة روكفلر في مدينة نيويورك، الجائزة مع الدكتور هارفي ألتر من المعاهد الوطنية للصحة والدكتور مايكل هوتون، من جامعة ألبرتا في كندا.

 

تشارلز رايس يحسم الجدل حول مسبّبات التهاب الكبد

الدكتور تشارلز رايس،
الدكتور تشارلز رايس

تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية أنّ 71 مليون شخصاً يعانون من عدوى فيروس التهاب التهاب الكبد الوبائي “سي”. ويُصاب عدد كبير من المصابين بالعدوى المزمنة بسرطان الكبد أو تليّف الكبد، وهو ناتج عن تلف الكبد على المدى الطويل.

قبل اكتشاف فيروس التهاب الكبد الوبائي سي، كان الأطباء والباحثون قلقين بشأن حالات التهاب الكبد المزمن غير المبرّرة التي تطوّرت بعد سنوات أو عقود من نقل الدم. في ذلك الوقت، كان من المعروف أنّ فيروسان فقط يسببان التهاب الكبد، وتم استبعاد كليهما: لا ينتشر فيروس التهاب الكبد A عن طريق الدم، بينما ينتشر فيروس التهاب الكبد B في هذه الطريقة، وتم تطوير اختبار الدم واللقاح لمنع العدوى.

وفقًا لجمعية نوبل، أظهر ألتر (الذي حاز على جائزة نوبل أيضاً) أنّ فيروسًا غير معروف كان سببًا شائعًا لالتهاب الكبد المزمن المنقول بالدم غير المبرّر، وعزل هوتون (الذي حاز على جائزة نوبل أيضاً) جينوم الفيروس الجديد،(الجينوم هو المادة الجينية للكائن الحي)، والذي أطلق عليه اسم فيروس التهاب الكبد سي. فيما  قدّم رايس الدليل النهائي الحاسم الذي يظهر أنّ الإصابة بفيروس التهاب الكبد الوبائي سي وحده يمكن أن يسبب التهاب الكبد.

وقالت جمعية نوبل في بيان: “إنّ اكتشاف الحائزين على جائزة نوبل لفيروس التهاب الكبد سي إنجاز بارز في المعركة المستمرة ضد الأمراض الفيروسية. بفضل اكتشافهم، أصبحت اختبارات الدم شديدة الحساسية للفيروس متاحة الآن، وقد قضت هذه الاختبارات بشكل أساسي على التهاب الكبد بعد نقل الدم في أجزاء كثيرة من العالم، ممّا أدّى إلى تحسين الصحة العالمية بشكل كبير. سمح اكتشافهم أيضًا بالتطور السريع للأدوية المضادة للفيروسات الموجهة ضد التهاب الكبد سي. لتحقيق هذا الهدف، ستكون هناك حاجة إلى جهود دولية لتسهيل فحص الدم وإتاحة الأدوية المضادة للفيروسات في جميع أنحاء العالم “.

وقال رايس: “الجائزة بالنسبة لنا جميعًا الذين نعمل في هذا المجال هي فقط أن نكون جزءًا من الانتقال، بشكل أساسي، من فيروس غامض إلى مجموعة من الأدوية يمكنها القضاء على الفيروس بدون أي آثار جانبية لدى أكثر من 95٪ من الأشخاص. على الأقل في حالتي، فإنّ أيّ شيء يمكننا المساهمة فيه يأتي من فضول جوهري حول الفيروسات، وفرصة وجود أرضية مهمة لمسببات الأمراض البشرية في العائلة من الفيروسات، حيث ندرسها وننطلق من البداية بشكل أساسي إلى حيث يمكن علاجها بنجاح. إنّه علاج نادر لعالم أساسي “.

لفت فيروس التهاب الكبد الوبائي سي انتباه رايس بعد وقت قصير من نشر التسلسل الجيني الفيروسي في عام 1989. من التسلسل، كان من الواضح أنّ الفيروس مرتبط بفيروس الحمى الصفراء، الذي كان يدرسه بالفعل، لكن ثبت أنّ فيروس التهاب الكبد الوبائي سي صعب، ولن ينمو في طبق في المختبر ولن يصيب الحيوانات. كانت إحدى أهم مساهمات رايس هي إدراكه أنّ التسلسل الفيروسي المنشور كان غير مكتمل، وقد أتاح هذا الاختراق هندسة نسخة من فيروس التهاب الكبد C قادرة على إصابة الحيوانات والتسبب في التهاب الكبد. قدّم هذا العمل الدليل النهائي على أنّ فيروس التهاب الكبد C وحده يمكن أن يتسبب في حالات التهاب الكبد غير المبرّرة بوساطة نقل الدم.

أدرك تشارلز رايس في جامعة واشنطن أنّ إحدى المشكلات في تطوير الأدوات الجينية لدراسة فيروس التهاب الكبد C هي “أنّنا نفتقر إلى التسلسل الصحيح للجينوم الفيروسي.” من هنا بدأ التوسع في دراساته حول فيروس ذي صلة، وهو فيروس الحمى الصفراء، حيث حدّد عنصر تسلسل محفوظ للغاية في أحد طرفي الجينوم الفيروسي. وقد  سمح ذلك للدكتور رايس بهندسة نسخة صحيحة من الجينوم الفيروسي الذي تبيّن أنّه معدِ. ومهّد هذا الطريق لدراسات أساسية حول كيفية تكاثر الفيروس، ممّا أدّى في النهاية إلى عقاقير تتداخل مع تكاثره.  ساعد بحثه في تمهيد الطريق لتطوير علاج لفيروس التهاب الكبد الوبائي. وبحسب زملاء له، لقد ألهم جيلًا من علماء الفيروسات.

رايس وزملاؤه يبحثون في السبب والعلاج

ذهب رايس وآخرون في أبحاثهم لتحديد الآلية الجينية والجزيئية التي يستخدمها الفيروس لإصابة الخلايا والتكاثر والتسبب في المرض، وجميع الأهداف المحتملة للأدوية المضادة للفيروسات. وطوّر رايس نظامًا لفحص الأدوية التي تعوق الخطوات الرئيسية في دورة حياة الفيروس، مما أدّى في النهاية إلى تطوير الأدوية العلاجية لعدوى فيروس التهاب الكبد الوبائي سي.

رايس هو العالم التاسع عشر المرتبط بكلية الطب في جامعة واشنطن التي يتم تكريمها بجائزة نوبل.

وتجدر الإشارة أنّه في جميع أنحاء جامعة واشنطن، حصل 25 من أعضاء هيئة التدريس أو المتدربين الحاليين أو السابقين على جائزة نوبل.

إلى ذلك، قال ديفيد إتش بيرلماتر، العضو المنتدب ونائب المستشار التنفيذي للشؤون الطبية وعميد كلية جورج وكارول باور” كلية الطب بجامعة واشنطن: “تشارلي عالم لامع للغاية وإنسان رائع ترك انطباعًا عميقًا لدى كل من عمل معه. وأضاف، “لقد أدّى عمله في مجال التهاب الكبد الوبائي سي إلى تحسين حياة الكثير من الناس، وهو يمثّل أفضل ما ترمز إليه جامعة واشنطن.”

ووصف رايس دهشته بتلقيه مكالمة هاتفية الساعة 4:30 صباحًا لإخباره بالجائزة. عندما رن جرس الهاتف، افترض رايس أنهّا مكالمة مزحة ولم يجب. ولكن عندما رنّ الهاتف للمرة الثانية، أجاب.”كان هناك صوت بلكنة سويدية على الهاتف.” قال رايس خلال مؤتمر صحفي في جامعة روكفلر، وتابع: “عندما ذكروا في الاتصال أنّ أصدقائي وزملائي هارفي ألتر ومايك هوتون تم تكريمهما أيضًا بهذه الجائزة، بدأت أصدّق.

لطيفة الحسنية

 

لطيفة الحسنية

صحافية متخصصة في الإعلام الرقمي. أطلقت حملة لمكافحة الإبتزاز الالكتروني عام 2019، تناولت تدريب الضحايا على كيفية التخلّص ومواجهة جرم الابتزاز تضمنت 300 حالة حتى تموز 2020. عملت كمسؤولة إعلامية في منظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى