بري: لبنان ليس مفلسًا ولكن لا توجد لديه سيولة
رأى رئيس مجلس النواب نبيه بري أنّ لبنان حتى الآن ليس مفلسا، لبنان غني بأصوله وموارده عنده بحر مليء بالغاز، ولدينا اغتراب لبناني كبير جدا، ولكن لا توجد لديه سيولة، والسبب فى عدم وجود سيولة وتأزم الوضع الاقتصادي هو الانعدام السياسي وليس الفقر السياسي، فهو السبب فيما وصلنا إليه، معتبراً أنّ الذى يحدث أن هناك “كورونا سياسية” ، هذه الكورونا أدت إلى شيء لم يكن أحد ينتظره على الإطلاق،
وسأل بري فى حوار مع صحيفة “الأهرام” المصرية، ماذا فى المستقبل القريب؟ هناك انتخابات نيابية فى أيار المقبل، ثم انتخابات رئاسية بعدها فى تشرين الأول من هذا العام، وبالتالي لابد أن يكون هناك تغير فى المنهجية، وفى هذه الأثناء، على الحكومة اللبنانية أن تكون قد أكملت مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي، وتتحسن الأحوال، كما حدث فى مصر واليونان والأرجنتين، فكل من هذه الدول مرت بهذه الفترة، وحتى الآن المفاوضات بين الحكومة والصندوق ناجحة جدا”.
وأشار بري إلى أن “أحداً لا يستطيع أن يمنع إجراء الانتخابات، فحتى الآن كل تشعبات الشجرة اللبنانية لم أجد غصنا واحدا فيها يوحى بـ«لا»، على الإطلاق، هذا أمر، والثاني: أن معلوماتى من الرؤساء والوزراء والسفراء الذين يزورونني من كل أنحاء العالم فى خارج لبنان أو داخل العالم العربي، كلهم بإجماع مع إجراء الانتخابات فى موعدها”.
يجرنا الاجتماع التحضيرى واللقاء التشاورى لرؤساء البرلمانات العربية إلى والعربية التى طُرحت الشهر الماضى من أجل إخراج لبنان من أزماته؟ لكن الحديث عنها والتفاعل معها توارى كثيرا، فهل دفنت المبادرة؟
وحول المبادرة الكويتية، كشف بري، أنّ “الخلاف فى المبادرة يدور حول القرارين 1559 و1701، إذ إن القرار 1559 صدر عام 2004، ويقضى بإخراج كافة القوات الأجنبية من الأراضى اللبنانية، فخرجت القوات السورية ولم يخرج الاحتلال الإسرائيلي، فلماذا لا يطالبون أيضاً بخروجه، وبعده في 2006 صدر القرار 1701، حيث نص بصراحة كلية على تطبيق القرار وانسحاب إسرائيل من مزارع شبعا وغيرها، وكل اللبنانيين رضوا ولا يزالون راضين عن القرار، فلماذا يصمتون أو يسكتون عن الموقف الإسرائيلي؟”
وأكد رئيس مجلس النواب، أنّه “إذا تأملت الوضع الآن فى لبنان تجد حصاراً عربيا عليه، وهذا الحصار لا يعنى كل العرب، فالاستثناء من ذلك يقع أول ما يقع على مصر”.
وأضاف: “في عام 1975، خاض لبنان حرباً أهلية مؤلمة، خسرنا فيها نحو 150 ألف شهيد، لماذا حدث ذلك؟ حدث حتى نقول إن هوية لبنان عربية، وإن لبنان له انتماء عربي، هل يُعقل الآن أن نجد دعوة مفتوحة نحو إسرائيل، وحصارا على لبنان؟ هذا لُبّ التضامن العربي، ومن المفروض أن تتجاوزالدبلوماسية البرلمانية ضرورات الحكام، ففى أحيان كثيرة يكون الحاكم له ضرورات أنت ملزم كمواطن أن تتفهمها، لكن الدبلوماسية البرلمانية ليست مثل دبلوماسية حقيبة وزارة الخارجية، فهل سياسة الخارجية الأميركية هى نفسها سياسة الكونغرس؟ وهل سياسة الكنيست الإسرائيلي هى نفسها سياسة رئيس الوزراء؟ لماذا لا نتذرع على الأقل في مجالسنا النيابية لنقول لا أو نعم؟”
وبخصوص ترسيم الحدود البحرية أشار بري، إلى أنه أنه “منذ نحو 11 عاما تم تكليفه بملف المفاوضات، وقام بالتفاوض مع الأمم المتحدة ومع الأميركيين حول المفاوضات شكلا وأساسا مع إسرائيل، وكان سبق ذلك فى زمن الشهيد رفيق الحريرى قد توصلنا إلى تفاهم اسمه تفاهم 1996، فى منطقة الناقورة اللبنانية، وتحت علم الأمم المتحدة بوجود ضابط إسرائيلى وضابط لبناني وضابط من قوات «اليونيفيل» يترأس الاجتماع، وأن يكون هذا الشكل فى ترسيم الحدود البحرية كما تم في الحدود البرية، ولم أتحدث عن نقاط، وكنت أقول دائما للمفاوضين، خاصة الأميركيين، إننى لا أريد من المياه الفلسطينية مقدار الكوب الذى أمامك، ولست مستعدا أن أعطى هذا الكوب، أنا أريد رسم الحدود، فإذا كانت حصتي كيلومترا فأنا مقتنع، وإذا كانت ألفين فلن أتنازل عن سنتيمتر منها، بعد عشر سنوات وتغير خمسة مندوبين أميركيين استطعنا أن نصل إلى اتفاق تفاهم تم الإعلان عنه، من واشنطن ومني في بيروت ومن إسرائيل، فى نفس الوقت تم اتفاق الإطار، وقلت إن دوري انتهى، وسلمت هذا الأمر إلى الجيش وإلى السلطة التنفيذية، وفى أول اجتماع تم الاتفاق كما رسمنا أنه على الجميع ودون استثناء أن يعرف أن هذا الاتفاق جزء لا يتجزأ من التفاهم، وبعد ذلك صارت هناك مطالبات لبنانية والحديث عن نقاط بدلا من البدء بالرسم، وحدث تضارب ما بين خط 29 أو 23 أو خط «هوف»، وما إلى ذلك، وأنا في كل ذلك متمسك بموقفي، لا أتحدث عن خطوط بل حدود، هذا الذي حدث وتسبب فى التأخر، لكن منذ أيام جاء المبعوث الأميركي وكنت آخر من يزورهم، وسمع مني نفس الكلام الذى أقوله منذ عشر سنوات، لكننى لاحظت تغيرا وهو وجود تفاؤل كبير من جانبه، وتبين بعد ذلك أنه فى زيارته لرئيس الجمهورية قال للمبعوث إن مطالبتنا بالخط 29 كان في مرحلة التفاوض، لكنى الآن أريد الطريق الذى سلكه الرئيس بري وهو التمسك بالحدود، وأعتقد أن باب التفاهم مفتوح، لكنني لست متفائلا لأننى أعرف نوايا إسرائيل التوسعية والعدوانية”.
وشدد بري، على أنه “لا يوجد انقسام ولن نسمح به، لأن هذه القضية خطيرة جدا، ولن نسمح أن يؤخذ من بحرنا رشفة ماء”.
وحول قضية سلامة، رأى أن “هذا تأثير الكورونا السياسية، ورغم الظروف التى يمر بها لبنان، فإن هناك أمرا جيدا جدا، وهو الأمن، فهو مستقر ومنضبط، لكن أن توضع إشكالات بين أمن وأمن كما رأينا من قوات التدخل السريع القضائية وقوى الأمن الداخلي فذلك أمر جد خطير، وبالتأكيد سوف يؤثر على مفاوضات صندوق النقد الدولي، وللعلم فإن المجلس النيابي أصدر قرارا وقانونا بالتدقيق الجنائي، بدءا بالمصرف المركزي وانتهاء بالوزارات، وقد بدأ بالفعل، وأنا أقول دائما إنه لا يجوز أن ندين شخصا فى العموم إلا إذا قام الدليل على اتهامه وعندئذ فليعاقب”.
وأضاف بري، أنه “مع اتفاق الطائف حتى تنفيذه بالكامل، ومع المطالبة بتطويره أيضا إلى دولة مدنية، لأن دستور الطائف يسمح بإقامة دولة مدنية”.
وكشف أن “أكثر إنسان وجّه له نصائح ولم يأخذ بها كان سعد الحريري، لكن من منطلق عدم فهمه للنوايا، ورغم ذلك يبقى أنه رمز اعتدالي”.