أين سيفعل إقتراع المغتربين فعله في قلب المعادلات؟
سعت وتسعى بعض القوى المرتبطة بالقوى الخارجية التي تخطّط لقلب المعادلات الإنتخابية القائمة في لبنان، إلى زرع فكرة أن اقتراع المغتربين اللبنانيين في الإنتخابات النيابية المقبلة سيؤدي المهمة المطلوبة منه لأسباب عدة، أبرزها:
-أنه يمكن التحكم بإقتراع من تسجلوا في الخارج من خلال الضغوط التي ستمارس على العناصر المرتبطة بقوى الأكثرية في لبنان والحؤول دون قيامها بواجبها الإنتخابي، وبخاصة في الدول التي رفعت سيف إلإتهام بالإرهاب على كل من يخالف التوجهات التي تم رفعها في تلك الدول إبتداء من الولايات المتحدة الأميركية، مروراً ببعض الدول الأوروبية والخليج وصولاً إلى اوستراليا!
-أنه يمكن تحفيز المجموعات التي تتولى دعم قوى “التغيير المفترض” أمثال حزب القوات اللبنانية وتشكيلات القوى التغييرية الجديدة (المجتمع المدني) لتسجيل أعلى نسبة من المقترعين لديها لإحداث الفارق المطلوب من أجل إكتساب الأكثرية في المجلس النيابي المنتظر!
ولكن سهى عن بال “الأفكار الجهنمية” المستجدة أن حساب بيدر المقترعين في المغتربات لن يطابق حقول الدوائر الإنتخابية الخمسة عشر في لبنان، لأن الزيادات التي طرأت على أرقام الناخبين في المغتربات قد توزعت أفقياً على كل الدوائر وشملت جميع الأحزاب والتيارات والقوى. وبالتالي فإن أي تبديل جذري لن يحصل، وكل ما يمكن القيام به هو تسجيل إختراقات في مقعد أو مقعد ونصف في بعض الدوائر، وبالتالي فإن السلة المنتظرة قد تصل مثقوبة وبقوة.
فإذا نظرنا بتمعّن إلى جدول الناخبين المسجلين في المغتربات بين انتخابات العام 2018 وما تم تسجيله للإنتخابات المقبلة، وإلى الجدول الذي يبين نسبة ارتفاع اصوات ناخبي المغتربين، نستطيع الملاحظة ان الدوائر التي فيها أغلبية من الطوائف المسيحية هي التي ستصاب بهزات ستتبين قوتها وفق ما يستجد من تحالفات، اما الدوائر التي تتضمن غالبية سنيّة فستشهد تفسخات حادة وبخاصة إذا ما إعتكف رموزها عن الترشح للإنتخابات وتحديداً أعضاء نادي رؤوساء الحكومات السابقين، في حين أن الدوائر التي تتألف من غالبية شيعية، فإنها ستمتص أية حركة انتخابية في المغتربات مهما كان حجمها.
ووفق هذه المعطيات، فإن دائرة الشمال الثالثة (التي تسمى دائرة الشمال المسيحي، أو دائرة مرشحي الإنتخابات الرئاسية المقبلة) والتي إحتلّت أعلى نسبة للناخبين المسجلين في المغتربات، ستعكس حجم التغيير المحدود الذي يراه معظم المراقبين وأصحاب الإختصاص في الإحصاءات، أنه لن يتعدى المقعد لصالح حزب “القوات اللبنانية”، في حين أن الأفضلية في دائرة جبل لبنان الثانية (المتن الشمالي) يتصدرها التيار الوطني الحر ويليه حزب الكتائب.
أما في دائرة جبل لبنان الثالثة (بعبدا) فيتصدرها أيضاً التيار البرتقالي وتليه القوى التغييرية الجديدة، ليحل ثالثاً حزب القوات. بينما هناك شد حبال قاسٍ وتأرجح واضح في دائرة جبل لبنان الأولى (كسروان – جبيل). أما دائرة بيروت الأولى (الأشرفية)، فقصب السباق فيها هو للقوى التغييرية وربما على حساب التيار الوطني الحر.
هذا في الوسط المسيحي، أما في الوسط السني فالأمور مرتبطة بالموقف الذي سيتخذه رموز الطائفة لجهة عدم الترشح والذي بانت أولى ملامحه بما أعلنه الرئيس السابق للحكومة تمام سلام. وعليه يرى المراقبون أن رد الفعل الأول سيكون في إنخفاض الحاصل الإنتخابي، إن في دائرة الشمال الأولى (عكار) أو الشمال الثانية (طرابلس- المنية الضنية ) أو بيروت الثانية (المزرعة ، المصيطبة…)، حيث سيكون ذلك لصالح العائلات التقليدية (كرامي في طرابلس، الصمد في الضنيه، مراد في البقاع، البعريني والمرعبي في عكار)، فيما ستعمل قوى التغيير الجديدة (المجتمع المدني) والتيارات الإسلامية الأكثر تنظيماً (الجماعة الإسلامية، الأحباش وسواها) على إستغلال ذلك من أجل إيصال مرشحين لها، في حين أن القوى التي تقرر السير في الترشيحات من دون رموزها (تيار العزم في طرابلس) فإنها ستشهد تراجعاً في الأرقام التي نالتها في 2018.
وإذا حسم تيار المستقبل موقفه بالوقوف متفرجاً، فسيتسبب ذلك بما يشبه الفوضى السياسية، الأمر الذي سيتيح للقوى التي كانت منبثقة منه ومن ثم عارضته (نهاد المشنوق في بيروت، أشرف ريفي في طرابلس) إضافة إلى قوى مستقلة، لإلتقاط أنفاسها.
واستناداً إلى الواقع الجديد، يرى رئيس مركز الإحصاء والدراسات الإستراتيجية، د. إيليا إيليا، أن أولى الإرتدادات للتوجه الجديد ستكون بتراجع ملموس في الحاصل الإنتخابي، لأن شريحة واسعة من المغتربين ستتخلف عن الإقتراع، الأمر الذي سيفسح المجال أمام قوى ذات تمثيل متوسط وما دون بالوصول إلى الندوة النيابية.
مرسال الترس