مجتمع

التعليم الرسمي بخطر… مدارس الجنوب نموذجاً

حالة من الفوضى والتخبط تسود التعليم في المدارس والثانويات الرسمية، في كل لبنان وبخاصة في الجنوب، لاعتبارات لوجستية خاصة وبسبب تراكم المشكلات المتعلقة بالأزمة المعيشية على مستوى البلاد.
“إنخفاض المستوى التعليمي ناجم عن القرارات التربوية المتسرّعة وغير التربوية التي أصدرتها وزارة التربية، اضافة الى عدم البتّ بطلبات نقل المعلمين حتى الآن” بحسب مدير إحدى ثانويات قضاء بنت جبيل، الذي أشار الى أن “ما يجري هو كارثة تربوية، لأن فرض الوزارة ترفيع الطلاب خلال العامين الماضيين، دون خطة تربوية لمعالجة الخلل في مستوى الطلاّب، جعل المعلمين غير قادرين على تعليم الطلاب بحسب المناهج المقررة، بل العودة الى شرح دروس السنوات السابقة”.
يلفت استاذ مادة الرياضيات أحمد سلامي الى أن “ساعات التدريس باتت غير كافية لتعليم الطلاّب بسبب تراجع المستوى التعليمي، أما المشكلة الأكبر فهي تتعلق في اضطرار عشرات المعلمين الى التغيّب عن مدارسهم بسبب بعد المسافة عن مدارسهم”.
استاذ مادة الرياضيات رشاد زين الدين (حاصبيا) قرر التوقف عن التعليم والحضور الى ثانويته في قضاء مرجعيون، ويقول لـ”أحوال” أنه قد حضر الى “الثانوية لأسبوعين متتاليين فأنفقت نصف راتبي ولم أعد قادراً على شراء الوقود”، ويؤكد زين الدين على أن “عدم بت الوازرة بطلبات النقل حتى الآن من شأنه أن يعرقل العملية التربوية، لأن الموافقة على طلبات النقل في منتصف العام الدراسي، سيؤثر سلباً على تعليم الطلاّب بسبب التغير المفاجئ بالمعلمين، اضافة الى أن عشرات المعلمين غير قادرين على الوصول الى مدارسهم بسبب الأزمة الاقتصادية”.
من جانب آخر لا تزال وزارة التربية ترفض الموافقة على أي زيادة عدد الصفوف في المدارس الرسمية، “رغم أن عدد الطلاب في معظم المدارس ارتفع بشكل جعل من الصفوف مكتظة بالطلابّ” بحسب الناظر أحمد عليان (تولين)، الذي أشار الى أن “اكتظاظ الطلاّب في الصفوف ساهم في انتشار فيروس كورونا، بشكل كبير في محافظة النبطية وغيرها من المناطق، ما يعني أن وزارة التربية تسوق العام الدراسي الى الفشل”، ويبين أن “الرقابة الصحية شبه معدومة في المدارس، ولم تعمل أي جهة على توزيع أدوات التعقيم، والوزارة ترفض تعطيل الصفوف التي تبين فيها وجود مصابين بمرض كورونا، وتفرض تعطيل المخالطين المباشرين فقط”. الأمر الذي أدى، بحسب عليان الى “حالة ارباك بين المعلمين والطلاّب، ما رفع حالات الغياب غير المبرّر للمعلمين والطلاّب”.
ويتوقع المعلمون توقف العام الدراسي “لكن العودة الى التعليم عن بُعد أصبحت غير ممكنة هذا العام، بسبب تراجع خدمة الانترنت، والانقطاع المستمرّ للكهرباء” فيقول المدرّس جهاد سرحان أن “عدم الجدّية في معالجة المشكلات التربوية سوف يقضي على التعليم الرسمي، لأن جيلاً كاملاً من الطلاّب تم ترفيعه دون تعليم ودون أية متابعة جدّية، فقد أصبح الطلاّب اليوم معتادون على عدم الجدية في الدرس، لأنهم ينتظرون الحصول على شهادة النجاح آخر العام كما حصل في العامين السابقين، وهذا ساهم في نهضة التعليم الخاص على حساب التعليم الرسمي”.

داني الأمين

صحافي وباحث. حائز على اجازة في الحقوق من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى