اللبنانيون يبحثون عن البدائل في ظل الانهيار الاقتصادي
شكّلت الأزمة الاقتصاديّة والمعيشيّة الخانقة التي يمرّ بها لبنان ضربة قاضية لكلّ مناحي الحياة، وذلك في ظل انسداد الأفق أمام الحلول الجذرية ما أدّى إلى عودة العديد من المواطنين إلى أساليب الحياة البدائية في القرن الحادي والعشرين.
العودة إلى الإنارة بواسطة الشموع والبطاريات
ارتفاع فاتورة اشتراك المولدات الكهربائية الخاصة في ظل الانقطاع شبه التام في تيار مؤسسة كهرباء لبنان، أجبر الكثير على قطع الاشتراكات عن منازلهم والعودة إلى الإنارة القديمة، فحضرت القناديل و”اللّوكس” والشمعة في بعض المنازل، ولمبات البطارية ذات الشحن و”UPS” في البعض الآخر، والبعض فضّل الاستعانة بمولدات خاصة ذات مصروف قليل يضيء بها عتمة اللّيل لساعات معدودة فقط كما في الثمانينات.
واللّافت كان الإقبال الكثيف على شراء الشموع، باعتبارها تبقى الأرخص لإنارة المنازل قياساً على الوسائل الأخرى المكلفة، يقول أحد المواطنين لـ”أحوال” وهو يشتري علبة شمع: بعدما قمت بقطع اشتراك مولد الكهرباء الخاص بسبب ارتفاع الفاتورة، لا خيار أمامي سوى الاعتماد على الشموع ليلاً وخاصّة أنّ أيّ وسيلة أخرى ستكون مكلفة مادياً بالنسبة لي، على الرغم من ارتفاع سعر الشمع إلّا أنّه أوفر من أيّ وسلة أخرى، ومعيب حقاً أن نكون في بلد مثل لبنان وما زلنا نستخدم الشموع للإضاءة ليلاً.
عودة الحياة إلى سوق الثياب المستعملة “البالِه”
ازدهرت قديماً أسواق الثياب المستعملة “البالِه” ولكنها اختفت منذ سنوات عدّة وحلّت محلّها الثباب الأوروبية أو ما يُعرف بـ “Outlet”، لكن بعد اشتداد الأزمة المعيشية في لبنان عاد الإقبال إلى سوق الثياب المستعملة “البالِه” في مؤشر صارخ على الفقر المدقع الذي يعاني منه اللّبنانيون، وفي أحد محال “البالِه” يقف أبوعلي حسين مع ثلاثة من أبنائه ليختار لهم ما يناسبهم على أبواب فصل الشتاء، يقول: لا أحد يحب أن يلبس بعد غيره لكنّ الظروف الصعبة أجبرتني على شراء الثياب المستعملة لأبنائي، وحتى من “البالِه” لا أستطيع شراء كل ما يلزمهم لأن القطعة يتراوح سعرها بين 75 و 150 ألف ليرة لبنانية، لم نعد نستطيع شراء أحذية جديدة ولا ألبسة شتوية.
ولم يعد الشراء من “البالِه” يجري بالخفاء أو على استحياء، وباتت محال الملابس المستعملة تعرض بضائعها أمام الزبائن الذين باتوا يقصدونها باستمرار.
“التوك توك” والدراجات النارية وسيلة للتنقل
بعد ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان تخلّى الكثير من اللبنانيين عن سياراتهم أو تقنين التنقل بها والبحث عن بديل أوفر ماديّاً، وخاصة مع ارتفاع أسعار التنقل في سيارات الأجرة، فحضرت الدرّاجات الناريَة والكهربائيّة والهوائيّة بالإضافة إلى “التوك توك”، وحتى أن بعض الدراجات النارية صارت تلعب دور سيارة الأجرة لتوصل الزبائن إلى وجهتهم بسعر أقل من السيارة.
في مدينة صيدا قام الناشط الاجتماعي وائل قصب بمبادرة فردية حيث يقوم يومياً بقيادة “توك توك” كتب عليه “وصّلني عطيرقك ببلاش” و “نحنا لبعض” في إشارة لتقديمه عرضاً مجانياً لتوصيلهم إلى مقصدهم توفيراً لأجرة التاكسي، أو لمساعدتهم في تفادي عناء الانتقال سيراً على الأقدام كما بات يفعل كثير من أبناء العائلات الفقيرة والمتعففة، وهو يقوم بتوصيل الطلاب إلى جامعاتهم، والمواطنين إلى الأسواق وإلى منازلهم وأماكن عملهم.