سياسة

الترسيم مؤجل وفراغ رئاسي وحكومي يهدد لبنان بانهيار في تشرين

النابلسي يحذر عبر "أحوال" من عدوان إسرائيلي استباقي: المقاومة ستغير المسار قريباً

تتجمع سحب التصعيد في سماء المشهد الداخلي اللبناني، من ارتفاع احتمالات الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية، الى انعدام الحظوظ بتأليف حكومة جديدة خلال ما تبقى من ولاية رئيس الجمهورية الحالي ميشال عون، الى ضبابية وغموض يظللان ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية بعد المماطلة والخداع التي أظهرته زيارة ومواقف الوسيط الأميركي الأخيرة عاموس هوكشتاين الى لبنان.

ووفق أستاذ العلوم السياسية، الدكتور صادق النابلسي فإن ملف الترسيم مؤجل الى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية وكذلك الانتخابات النصفية في أميركا وبالتالي لما بعد نهاية ولاية عون، ما يعني الدخول في الفراغ الرئاسي والحكومي، الأمر الذي يستغله العدو لفرض اتفاق على لبنان بالشروط الإسرائيلية لا سيما اذا تزامن الفراغ مع انهيارات اقتصادية واجتماعية متلاحقة ظهرت مؤشراتها من رفع الدعم الكامل عن المحروقات وتأخر بإقرار القوانين الإصلاحية، ما يطيح بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي ويصنف لبنان ضمن الدول المفلسة والمتجهة للانهيار والجوع.

فأي مشهد ينتظر لبنان خلال الأسابيع المقبلة؟

يرى النابلسي أن النقاط التقنية المتعلقة بالجغرافية البحرية التي طرحها الوسيط الأميركي خلال لقاءاته مع المسؤولين، تعكس استمرار المناورة ولعبة تضييع الوقت لخداع الدولة اللبنانية وتعطيل أي خطوة عسكرية قد يلجأ اليها حزب الله في الأسابيع المقبلة، بالتوازي مع إيقاع الشرخ والخلاف بين المقاومة والدولة لكشف ظهر المقاومة وتحييدها عن المشهد.

ويواجه العدو الإسرائيلي وفق الشيخ النابلسي مأزقاً حقيقياً، إذ أن الرضوخ لشروط حزب الله بتأجيل استخراج الغاز من كاريش وتوقيع اتفاق الترسيم سيمنح الحزب انتصاراً كبيراً ويظهره على أنه حامي البلد وحدوده وحقوقه وثرواته وسيدخل مليارات الدولارات الى الخزينة ويحتوي الازمة الاقتصادية والمعيشية التي يكتوي بنارها معظم اللبنانيين، وبالتالي يستعيد انتصارات تحرير الجنوب عام 2000 والجرود 2018، ما يزيد تأثيره وقدرته بالتحكم بقرارات البلد. ومن جهة ثانية لا يستطيع العدو البدء بالاستخراج واهمال المطالب اللبنانية والدخول في حرب مكلفة لا يريدها.

ويتخوف النابلسي من حالة المراوحة التي يعيشها ملف الترسيم كما الفراغ الحكومي والرئاسي المتوقع حصوله في تشرين المقبل، لكن حزب الله وفق النابلسي لن يقبل بهذه المناورات وهو بصدد المراقبة ورصد حركة الوسيط الأميركي واتجاهاته وتجميع المعطيات وترقب موقف الدولة للبناء على الشيئ مقتضاه سياسياً وعسكرياً.

ويشير الى أن السياق المنطقي للمناورة الأميركية يشير الى أن لبنان لن يحصل على حقوقه وثروته الغازية والنفطية خلال الشهرين المقبلين.

ويشير الى أن “عامل الوقت سيف ذو حدين بالنسبة للإسرائيلي، فمن جهة يعمل الأميركي لجر لبنان الى الفراغ في السلطة ولمزيد من الانهيار الاقتصادي والمالي للضغط عليه للرضوخ للشروط الإسرائيلية، ومن جهة ثانية العدو عاجز عن دفع خطر أي خطوة عسكرية تتخذها المقاومة تؤدي الى قلب الطاولة”.

ويكشف النابلسي أن المقاومة قد تكون بصدد التحضير لخطوات متدرجة لتغيير مسار الأمور في الوقت المناسب لوقف مسلسل النزيف الذي يقضي على ما تبقى من استقرار سياسي وامني واقتصادي في لبنان، ولاستباق أي انهيار دراماتيكي في العملة والاقتصاد يؤدي الى انفجار امني كبير يستفيد منه العدو.

ويرسم النابلسي علامات استفهام عدة حول الموقف الرسمي الذي يجب أن يتكامل مع المقاومة لا سيما وأنه لم يصدر أي موقف رسمي موحد من زيارة هوكشتاين والمماطلة الواضحة للعيان ولا من قرار مجلس الامن الدولي تعديل صلاحيات اليونيفيل.

وينبه الى أن المرحلة الحالية أكثر هشاشة وحساسية، لا سيما في شهر تشرين الثاني المقبل الذي يشهد جملة استحقاقات، الانتخابات في إسرائيل وانتخابات رئاسة الجمهورية في لبنان، في ظل توقعات بفراغ دستوري في رئاسة الجمهورية وفي مجلس الوزراء وتردي الأوضاع الاقتصادية بشكل يؤدي الى انفجار اجتماعي وأمني كبير، ومراوحة في ترسيم الحدود وتلكؤ بقبول هبة الفيول الإيراني، فيما المسؤولين يلوذون بالصمت المطبق كأنهم يفرون من المسؤولية وينتظرون أحداثاً وتطوراً لحسم مواقفهم ومواقعهم، ويذكر بأن طبيعة الفراغ الحالي لن يؤدي الى تسوية على غرار ما حصل في السابق فضلاً عن أن الوضع الاقتصادي اليوم يختلف عن السابق، وبالتالي الفراغ سيؤدي الى مزيد من الانهيار والانفجار.

ويلاحظ التزامن بين حملة التهويل الإعلامي والنفسي والاجتماعي لبعض الاعلام اللبناني مع التهديدات العسكرية الإسرائيلية، بهدف الضغط على لبنان لفرض ترسيم الحدود وفق المطالب الإسرائيلية، وهذا ما أفصح عنه الوسيط الأميركي بقوله بأن لبنان لن يحصل على حقوقه اذا لم يرسم الحدود. الأمر الذي يتطلب بحسب النابلسي لعب أوراق قوة جديدة للجم العدو الإسرائيلي والوسيط الأميركي واعادتهم الى ملعب المطالب اللبنانية.

وتتزامن هذه الضغوط مع قرار مجلس الامن الأخير بتعديل صلاحيات قوات اليونيفل الذي يهدف بحسب النابلسي للتشويش على العملية التفاوضية بملف الترسيم وارباك المفاوض اللبناني والمقاومة، ويحذر من تداعياته على صعيد العلاقة بين اليونيفيل وأهالي الجنوب، ويتوقع حصول اختبارات ميدانية قريبة لمعرفة رد فعل الأهالي وبالتالي المقاومة على الصلاحيات الجديدة لليونيفيل الممنوحة لهم بموجب القرار الذي يهدف الى تقييد حركة وحرية المقاومة وحصارها ومراقبة أعمالها الميدانية وكشف مناطقها واعاقة استعداداتها أو تعديل خططها في أي حرب مقبلة. ويحذر النابلسي من عدوان عسكرية إسرائيلي استباقي ضد لبنان، لتفادي أي عمل عسكرية للمقاومة تستهدف منصة كاريش، وهذا ما يفسر تعديل صلاحيات اليونيفيل.

محمد حمية

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى