المستورد والموزع والبائع مسؤولون مباشرةً عن تطبيق هذا القرار، تحت طائلة اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين، وإحالتهم إلى القضاء المختص. هذا ما نصت عليه المادة الخامسة من القرار المشترك الصادر عن وزارتي الإقتصاد والزراعة والذي يقضي بتحديد أسعار الدجاج ومشتقاته والبيض واللحوم ومشتقاتها والحليب.
وفي الحقيقة، لا المستورد ولا الموزع ولا البائع يتحملون مسؤولية عدم تطبيق القرار. كلٌّ منهم يلقي اللّوم على الآخر وجشعه معتبراً أنّه يضحي من جيبه كي يحصل المواطن على لقمة عيشٍ يسدُّ بها جوع عائلته.
الجدول أدناه يظهر ما كانت عليه أسعار بعض السلع الحيوانية قبل القرار الصادر في ١٠ أيلول وبعده بالإضافة إلى سقف الأسعار التي حددتها الوزارتين:
في جولةٍ على الملاحم ومحلّات بيع الدجاج ومشتقاته، يتضح أن أيّاً منها لم يلتزم بالأسعار المحدّدة، لا بل أنّ بعضها رفع أسعار المنتجات الحيوانية بعد صدور القرار، وخاصةً الدجاج. أما اللّافتة التي تحمل عبارة “كيلو لحم البقر بـ٥٠٠٠٠ ل.ل.” فلم تتغيّر، وذلك بحجّة أن المسالخ لم تخفض سعر التسليم للملاحم عن ٤٥٠٠٠ ل.ل.
المدير العام لوزارة الاقتصاد والتجارة محمد أبو حيدر يشير في حديثٍ لـ”أحوال” إلى أنّ الأسعار لم ترتفع بعد صدور القرار، فمثلاً صدر الدجاج انخفض من ٢٩٠٠٠ إلى ١٩٠٠٠ ل.ل. وفقاً للقرار وعدم الالتزام كان في أسعار بعض المقطّعات والبيض. أمّا الارتفاع الذي لاحظه البعض في أسعار أجنحة الدجاج تحديداً، مَرَدُّه إلى أن بعض المحال كان قد قدّم عروضاً لبيعها بـ ٩٠٠٠ و١٠٠٠٠ ل.ل.، والقرار حدد سقف سعر بيعها بـ ١١٠٠٠ ل.ل.
الأكيد أن المستهلك اللّبناني لا يحصل على حاجته من الدجاج ومشتقاته وفق التسعيرة الرسمية، فمن السبب؟ البائع أو المسلخ أو مربي الدواجن؟ الدعم الذي يتلقاه مربو الدواجن يشمل ٨٠٪ من كلفة الأعلاف (دعم على الصويا والذرة)، بينما الـ٢٠٪ المتبقية، والتي تشمل تكاليف اللّقاحات والمضيفات العلفية والأحماض والفيتامينات والمعادن، فيدفعها أصحاب المزارع بالدولار أو باللّبناني وفق سعر السوق السوداء، أي ما لا يقل عن ٧٠٠٠ ل.ل. للدولار الواحد.
رئيس النقابة اللّبنانية للدواجن موسى فريجي يؤكّد لـ “أحوال” أنّ المَزارع تُسلّم كيلو الدجاج الحيّ بسعر ٩٠٠٠ ل.ل.، وذلك حرصاً من المربين على ألّا تزيد كلفته بعد السلخ عن ١١٠٠٠ ل.ل.، وهم بذلك يؤدون قسطهم إلى العلا، إلّا أنّ بعض التجار لا يكتفون بربح ألف ليرة في كلّ كيلو من الفروج، ليقف السعر النهائي لهذا المنتج الحيواني عند ١٢٠٠٠ ل.ل. (وهو السعر الذي حدّده قرار وزارتي الزراعة والاقتصاد)، بل يزيدونه وفق أهوائهم وأطماعهم على الحساب المستهلك اللّبناني.
المشكلة لا تقف عند حدود ارتفاع الأسعار، بل تطال أيضاً كميات المنتجات الحيوانية المتوفرة حالياً في السوق اللّبنانية.
مصادر خاصة بـ “أحوال” تلفت إلى أنّ عدداً كبيراً من مزارع الدواجن في لبنان كانت تعتمد على تهريب المنتجات من سوريا لتغطية جزءٍ من حاجة السوق اللّبناني وبأسعار أقل، إلا أنّ هذه الرفاهية لم تعد متاحة اليوم، فالأسعار في سوريا أعلى ممّا هي عليه في لبنان.
أبو حيدر يُرجع سبب النقص في المنتجات الحيوانية إلى عدم إدخال كميات كبيرة منها إلى لبنان، وبعد انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب تأخّر وصول الكثير من الشحنات والبضائع من الخارج. ويُطمئن المدير العام لوزارة الاقتصاد إلى أنه من المفترض أن تسلك الأمور الطريق الصحيح في القريب العاجل، كما يؤكّد أن الدّعم لن يُرفع عن المنتجات الحيوانية في الوقت الراهن إسوةً بباقي السلع، أي أنّه عندما يُرفع الدّعم عن كل السلع، سيطال ذلك المنتجات الحيوانيةً أيضاً.
آلاء ترشيشي