صحة

عودة المخاوف من “الفطر الأسود” لكن كوفيد- 19 لا يزال الخطر الأكبر

أعلنت السلطات السورية عن تسجيل 10 إصابات هذا الأسبوع بمرض الفطر الأسود، وهي نسبة مرتفعة جدا تسجل خلال أقل من 72 ساعة. وسبق أن أعلن في شهر أيار/مايو الماضي عن وجود تسع إصابات في مستشفى المواساة في دمشق.
انتشر هذا المرض قبل ظهور وانتشار جائحة كورونا مطلع العام 2020، لكن السبب الأساسي لانتشاره بهذا الشكل في المرحلة الحالية، نقص المناعة الموجودة عند الأشخاص نتيجة الظروف الراهنة حيث عاود الانتشار في العديد من البلدان ووصل الى سوريا.
يؤكد مصدر طبي سوري لـ “أحوال ميديا” “أن الحالات التي تم نقلها الى المشافي مصابة بفطر يؤثر على الجلد والغشاء المخاطي، حيث يأخذ الجلد اللون الأسود نتيجة تخثر شديد بالشرايين الموجودة في المكان المصاب. وأكد “أنه تم إبلاغ السلطات المعنية آملاً بأن تضع خطة وقائية احترازية للحد من انتشار المرض”.
يسمى “الفطر الأسود” أيضا “الفطر العفني” أو “فطر الغشاء المخاطي”. وهو عدوى نادرة جدا، تكون نتيجة للتعرض لعفن يوجد عادة في التربة والسماد الطبيعي والنباتات والفواكه والخضراوات المتحللة. يؤثر “الفطر العفني” على الجيوب الأنفية والمخ والرئتين، ويمكن أن يهدد حياة المصابين بالسكري أو المصابين بنقص المناعة الشديد، مثل مرضى السرطان أو المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة “الإيدز”.
يقول المختصون إن الفطر الأسود يتمكن ممن يعانون فقدان أو نقص المناعة. وتكون مناعة المصابين بفيروس كورونا ضعيفة إذ ينهك الأنظمة الدفاعية للجسم مما يسهل دخول الفطريات وانتشارها في الجسم، مثل الفطر الأسود. ويقول الأطباء إن بعض الأدوية وبروتوكولات العلاج الخاصة بكوفيد-19 تساهم في إضعاف مناعة الجسم، مثل الاستخدام المكثف للكورتيزون. ويعتقد الأطباء أن هناك رابطا بين انتشار “الفطر الأسود” وبين استخدام مركبات الستيرويد في علاج حالات الإصابة الشديدة والحرجة بكوفيد- 19. فهذه المركبات المنشطة، التي تعتبر علاجا فعالاً ورخيصاً يخفف الالتهاب الرئوي في حالات حرجة من الإصابة بكورونا، تضعف المناعة وتزيد نسبة السكر في الدم. ويعتقد أن انخفاض المناعة الناتج عن استخدام هذه المركبات يجعل المتلقين للعلاج أكثر عرضة للإصابة بالفطر الأسود.
لكن كورونا ليس المرض الوحيد الذي يضعف مناعة الجسم، وبالتالي فإن الفطر الأسود وغيره من الفطريات لا يستهدف فقط المصابين بكوفيد. وإنما يستهدف أيضا المصابين بالسرطان والمتعافين منه الذين أضعف العلاج مناعتهم، والمصابين بالإيدز وبعض حالات الإصابة بمرض السكري المزمن وغيرها.
عامل آخر يساهم في إضعاف مناعة الجسم، هو سوء استخدام المضادات الحيوية بدون الرجوع إلى الطبيب.
يدخل الفطر العفني الجسم عن طريق الجهاز التنفسي٬ فيصيب الأنف والفم والعين والرئتين، وقد يبلغ انتشاره الدماغ. إذا اكتشفت الإصابة مبكرا يستخدم الأطباء الحقن الوريدي المضاد للفطريات لعلاجه، ويحتاجه المريض لمدة تصل إلى 8 أسابيع. وتصل العديد من الحالات متأخرة جدا إلى المرافق الطبية، ما يرفع نسبة أن يفقد المصاب البصر. وفي حالات كهذه لا يكون أمام الأطباء غير التدخل الجراحي لاستئصال العين أو الأنف أو الفك الأعلى منعا لوصول العفن إلى الدماغ.
وبالتزامن مع عودة النقاش حول “الفطر الاسود”، أفادت دراسة انتظرت نتائجها بلهفة شديدة، ونشرت في الخامس عشر من شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، بأن احتمال ثبوت الإصابة بفيروس «سارس-كوف-2» في اختبارات الكشف عنه، واحتمال اشتداد أعراض هذه الإصابة كانا بين الأكبر سنا ممن تلقوا جرعة ثالثة من أحد لقاحات «كوفيد-19» أقل كثيراً منهما في أوساط من تلقوا جرعتين فقط من اللقاح نفسه.
ففي الدراسة، قيّم الباحثون الحالة الصحية لمليون شخص، تربو أعمارهم على الستين عاماً، كانوا قد تلقوا أول جرعتين من اللقاح قبل خمسة أشهر على الأقل. وبعد مرور 12 يوماً أو أكثر على تلقي المشاركين في الدراسة للجرعة الثالثة، انخفضت احتمالية إصابتهم بالأعراض الحادة من «كوفيد-19» بحوالي 19.5 مرة، مقارنة بالأشخاص من الفئة العمرية نفسها، الذين تلقوا جرعتين فقط من اللقاح، وخضعوا للدراسة لمدة زمنية مشابهة.
ويدفع التحيز المحتمل في البيانات بعض العلماء إلى رفض الاقتناع بأن الجرعات المعززة ضرورية لجميع السكان، كما أن البيانات لا تبدد المخاوف المتعلقة بتحقيق العدالة في توزيع اللقاحات، حيث لا يزال مليارات من الأشخاص ينتظرون تلقي جرعتهم الأولى من التطعيم ضد المرض.
في المقابل تشير البيانات إلى أن سلالة فيروس كورونا الجديد المتحورة «دلتا» تنتشر بسرعة أكبر من السلالات المتحورة الأخرى بين من تلقوا تطعيماً ضد الفيروس. فعندما أظهرت البيانات الميدانية المبكرة أن التطعيم يحد بالفعل من انتقال فيروس «سارس-كوف-2» بين البشر، ساور الباحثين شعور بالتفاؤل المشوب بالحذر، لكنهم في الوقت نفسه حذروا من أن غالبية هذه الدراسات -رغم كونها واعدة- قد أجريت قبل انتشار سلالة فيروس كورونا المتحورة «دلتا» في شتى أنحاء العالم، وهي سلالة تتسم بسرعة انتشارها. ويبدو أن التقارير الواردة من بلدان مختلفة تؤكد ما أبداه العلماء من تخوف في هذا الصدد، وهو أن هذه السلالة من الفيروس يرجح أنها تتفوق على سلالاته المتحورة الأخرى من ناحية قدرتها على الانتشار عبر من تلقوا تطعيماً ضده.
وفي الوقت الراهن، توضح البيانات المستمدة من اختبارات «كوفيد-19» أن من تلقوا تطعيمات ضد الفيروس وأصيبوا بالسلالة المتحورة المنحدرة منه «دلتا»، يمكن أن يحملوا في أنوفهم القدر نفسه من الفيروسات الذي يحمله الأشخاص الذين لم يتلقوا تطعيماً. ويعني ذلك أنه على الرغم من الحماية التي توفرها اللقاحات، يمكن لنسبة من الأشخاص الذين تلقوا تطعيماً ضد الفيروس نقل سلالة «دلتا» المتحورة، وهو ما قد يساعد على ارتفاع نسبة الإصابة بهذه السلالة.

تيما العشعوش

تيما العشعوش

صحافية سورية تكتب في عدد من الصحف والمجلات المواقع الإلكترونية، تهتم بالأخبار السياسية والميدانية. خريجة جامعة دمشق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى