ميديا وفنون

فيلم “محتال تيندر” .. المليونير الإسرائيلي الذي يخدع النساء

هل تخيّلت يوماً أنه يمكنك تغيير نمط حياتك من خلال تطبيق للمواعدة، وخوض تجربة مثيرة تنتهي بقصة حبّ، أو تتحول ببساطة إلى عالم خالص من الابتزاز والتلاعب. وثائقي محتال تيندر يناقش واحدة من القضايا المعقدة في وقتنا الراهن، الحبّ في عصر السوشيل ميديا، كيف يمكن لهذا الحب أن يصل في لحظة ما إلى الاحتيال المادي؟

كبسة زر واحدة ناحية اليمين قد تغير حياتك للأبد

ماذا لو كان حبيبك مليونيرًا يسافر بطائرة خاصة، يعبر السماوات من أجلك في لحظة عندما تشعرين بالحزن؟ ماذا لو طلب منكِ حبيبك الثري جدًا بعض المال لحل أزمة مالية طارئة؟ هل ستفكرين قبل إعطائه المال؟ ماذا لو كان المبلغ كبيرًا بالنسبة لميزانيتك؟ ١٠ آلاف دولار مثلًا؟ ٢٠ ألف؟ هل ستكملين مع حبيب يعيش في جو مليء بالمخاطر والتهديدات بسبب طبيعة عمله؟ هل ستبقين مع هذا الرجل لأنكِ تحبينه؟

كل هذه الأسئلة يجيب عنها فيلم “محتال تيندر” الذي يعرض على منصة نتفليكس. وثائقي يحاكي قصة عدد من النساء وقعن في غرام شاب يقال له سايمون ليفايف، ملياردير ورجل أعمال يمتلك تجارة ضخمة في مجال الألماس.

هذا الرجل نجح في الإيقاع بنساء كُثر من دول مختلفة عن طريق تطبيق تيندر للمواعدة، وحصل على أموال تقدر بنحو 10 ملايين دولار بطرق ماكرة وخبيثة. إنه ليس سايمون ليفايف في الحقيقة، لكنه شيمون هايوت، محتال محترف يحمل جنسية إسرائيلية ، مطلوب القبض عليه في الكيان الإسرائيلي والسويد وإنجلترا وألمانيا والدنمارك والنرويج.

 

ثلاث ضحايا بسياقات متشابهة

يستعرض الوثائقي قصص ثلاث سيدات من ثلاثة بلدان مختلفة قابلن سايمون بين عامي 2018 و2019 ، وقد جمعهن حظهن السيء ليأخذ بهم إلى ذات المصير. تروي كل واحدة منهن قصتها التي تتطابق في أغلب تفاصيلها مع الأخرى؛ نفس البداية والسيناريو وتتابع الأحداث والنهاية الحزينة.

تبدأ القصة بتوافق الطرفين عبر تطبيق “تيندر” ثم الخروج في موعد بأحد الفنادق الفاخرة، ومن بعدها يظهر سايمون بمظهر الأثرياء ويبدأ استعراض ثروته وعمله وعائلته المزيفة، وتكرار الأكاذيب نفسها. ففي الموعد الأول يدعو ضحيته للسفر معه عبر طائرته الخاصة لتأكيد أنه ثري، لتكتمل بذلك صورة فتى الأحلام والأمير الذي سيغير مجرى حياة حبيبته ويأخذها إلى مملكته.

في أغلب الأحيان، تختلف الأكاذيب حول عمله فغالبا يدعي أنه ملياردير يعمل في تجارة الألماس ونجل رجل أعمال إسرائيلي، وأحيانا يدعي أنه عميل في جهاز استخبارات الكيان الإسرائيلي (الموساد) ويعمل متخفيا طيارا، ولتغطية أغلب احتيالاته يقوم بتغيير اسمه وهويته باستمرار، بطريقة تشبه الفيلم الشهير “Catch me if you can”.

في حين أن دليل تيندر الجديد لاكتشاف المحتالين عبر الإنترنت لم يشِر بشكل مباشر إلى بطل فيلم نتفليكس الجديد، لكنه قال إن المحتالين غالباً ما يستخدمون مثل هذه المنصات للاعتداء على الأشخاص “الضعفاء” الذين “يبحثون عن الحب”.

 

 

جريمة بدون عقاب

بعيدًا عن التخيلات، يفتح الاحتيال المادي عبر تطبيقات المواعدة تساؤلًا خطيرًا حول مفهوم المساءلة أو المحاسبة القانونية. فهذا الرجل الذي ارتكب كل هذا الابتزاز والاحتيال والتلاعب لم تتم معاقبته بما يستحق. قانون الجريمة الإلكترونية في بعض الدول يُعاقب ويُغرم ماليـًا الشخص الذي يصطنع بريدًا إلكترونيـًا أو موقعـًا أو حسابًا خاصًا ونسبه زورًا لشخص طبيعي أو اعتباري، وتكون العقوبة ٣ أشهر سجن على الأقل وقد تصل لسنة. ولكن سايمون ليفايف تعرض للسجن ٥ أشهر في إسرائيل وخرج قبل قضاء عقوبته كاملة (١٥ شهراً) بسبب حسن السلوك.

قال ليفايف – شيمون هايوت أثناء سؤاله في لقاء تليفزيوني، إنه يحق له استخدام أي اسم يحلو له، وأنه لم يقل إنه ابن البليونير الروسي ليف ليفايف، الملقب بملك الماس. وأضاف “الناس يستخدمون خيالهم، هؤلاء النساء كُن مفلسات أثناء علاقتي بهن، فأنا لم أخذ منهن قرشـًا واحدًا، لقد استمتعت هؤلاء النساء بصحبتي وسافرن حول العالم على حسابي.”

هل المشكلة إذًا في عدم اكتمال عقاب سايمون ليفايف أنه دخل في علاقات رضائية وأن النساء منحنه المال بإرادتهن الكاملة؟ لكن، هل منحن النساء هذا المال بإرادة كاملة أم تعرضن لتلاعب عاطفي بالحب والحياة السعيدة؟ هل كان سايمون يعلم جيدًا أن أقصى عقوبة سيحصل عليها ستكون تزوير جواز سفر وانتحال اسم شخص آخر؟ أسئلة تجيب عليها الفجوات القانونية في الدول التي تحاول القبض على ذلك المحتال.

حكاية سايمون ليست الأولى من نوعها فهناك رجال محتالون متخصصون في هذا النوع من الجرائم، ويسمون Catfishers، يدرسون ضحاياهم جيدًا، ويظهرون على تطبيقات المواعدة بصورة احترافية جدًا سواء في الملبس أو اللغة التي يتحدثون بها أو الرومانسية التي ينتهجونها في التعامل مع المرأة. وبالطبع يُظهر هذا المحتال منذ البداية عدم احتياجه للمال، بل أنه يحيط عالمه المزيف بالثراء الفاحش. وقد وقعت حوادث مماثلة في هونج كونج حيث وصل عدد النساء اللاتي تم التحايل عليهن عبر تطبيقات المواعدة إلى أكثر من ٦٥٠ امرأة وأُخذ منهن حوالي ١٦٠ ألف دولار هونج كونج أي ما يعادل ٢٠ ألف دولار أمريكي، وقد حدث ذلك في مدة لا تزيد عن ٨ أشهر.

 

تداعيات ما بعد وثائقي “محتال تيندر”

بعد عرض الوثائقي، أصدرت شركة ” ألماس إل إل دي ” (LLD Diamonds)  المملوكة من قبل رجل الأعمال الكيان الإسرائيلي ليف ليفيف الذي ادعى سايمون أنه ابنه بيانا يفيد بأن الشركة قامت بتقديم شكوى إلى الشرطة العدو الإسرائيلية بمجرد علمها بعملية الاحتيال، وأكدت أنها ستمضي قدما لمحاكمة سايمون وتحقيق العدالة.

من ناحية أخرى، قامت تطبيقات المواعدة من بينها (Hinge)  و”تيندر” بحظر سايمون من استخدامها، وأكد “تندر” لمجلة  (Variety) أنه تم حظر سايمون ليفيف وأي من الأسماء المستعارة المعروفة له، وأجروا تحقيقات داخلية إضافية مؤكدين أن سايمون ليفيف لم يعد نشطا على تيندر تحت أي من الأسماء المستعارة المعروفة.

كما وأنها انهالت التعليقات على حساب سايمون على تطبيق إنستغرام عقب عرض الفيلم، مما أدى إلى قيامه بحذف الحساب لاحقا. وكان قد أوضح الوثائقي أن فريق العمل حاول التواصل مع سايمون للظهور بالفيلم، لكن رده كان رسالة صوتية اتهمت الفريق بالتشهير، وتوعد بمحاسبة الشبكة لنشر الأكاذيب.

سجل الوثائقي إلى الآن 48 مليون ساعة مشاهدة على مستوى العالم على مدار الأسبوع، ووصل إلى قائمة الأعلى مشاهدة في 92 دولة.

لا يُعرف حتى الآن ما العدد الحقيقي للفتيات اللاتي وقعن ضحية سايمون ليفايف حول العالم.

يحيى الطقش

طالب لبناني يدرس الصحافة في كلية الاعلام في الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى