منوعات

نادي رؤساء الحكومات خارج الخدمة النيابية.. ما هي الدلالات والمفاعيل؟

اختلفت الأسباب ولكن النتيجة واحدة. نادي رؤساء الحكومات بكل “ضباطه” خارج السباق الانتخابي الى مجلس النواب بعدما توالى عزوفهم عن المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة، الواحد تلو الآخر.
وكان المبادر الى افتتاح “موسم الهجرة” الرئيس تمام سلام الذي سبق زملاءه الى الاعلان عن الانسحاب ببيان رسمي، اما اول من أطلق فكرة العزوف ووضعها في التداول فهو الرئيس سعد الحريري الذي سرّب باكرا إمكان خروجه من السرب النيابي، ممهدا للقرار الذي أعلنه لاحقا بعدم الترشح وتعليق نشاطه السياسي.
لكن الرئيس نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة اختارا ان يلعبا على حافة المهل، فانتظرا حتى عشية إقفال باب الترشيح للإفصاح عن قرارهما بالامتناع عن خوض الاستحقاق الانتخابي.
وإذ تعددت أشكال الخروج من المنافسة الانتخابية ودوافعه، يبقى الثابت هو ان غياب رموز الطائفة السنية عن الواجهة النيابية يحمل دلالات بليغة وقد تكون له تبعات سياسية ووطنية لاحقا.
ومن الواضح ان عزم الحريري (منذ أشهر) على الانكفاء اتخذ في مفاعيله وقع حجارة الدومينو، بحيث كان يكفي ان يهتز الحجر الأول حتى تتداعى الأحجار الأخرى تباعا، خصوصا ان رئيس تيار المستقبل كان يمثل جزءا اساسيا من الوزن الشعبي والتغطية السياسية لنادي رؤساء الحكومات، وبالتالي فإن ابتعاده أدى تلقائيا الى “انكشاف” النادي وهبوط أسهمه في البورصة الداخلية.
وبهذا المعنى، فان فقدان نادي الاربعة برمته لـ”الحصانة النيابية” سيؤدي إلى تراجع كبير في دوره وتأثيره، وربما ينفرط عقده كليا وتنتفي الجدوى منه، الأمر الذي سيترك خللا في الساحة السنية، خصوصا ان نادي رؤساء الحكومات السابقين شكل لفترة طويلة نوعا من مرجعية سياسية للطائفة السنية وتواجد في الصفوف الأمامية للمواجهات والتسويات، لاسيما مع عهد الرئيس ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، مستفيدا من حجمه التمثيلي ومن الغطاء السعودي له، وهما عاملان أصبحا خارج الخدمة بعد عزوف الأربعة عن الترشح وانكماش دور الرياض في لبنان الى جانب مقاطعتها للحريري وجفائها مع ميقاتي.
ولئن كانت الميثاقية قد فقدت وهجها السني بعد امتناع الحريري وميقاتي وسلام والسنيورة عن الترشح، الا ان حدها الأدنى الضروري لا يزال متوافرا عبر شخصيات أخرى من البيئة نفسها ستخوض الانتخابات، وبعضها سيجد الفرصة ملائمة الآن للتمدد والتوسع على حساب المنكفئين، ولذلك فإن شرعية الاستحقاق الانتخابي لم تُنسف وإن تكن معرضة للشحوب بسبب النقص في “الفيتامين السني.”
ولكن انسحاب الرموز سيترك حُكما انعكاساته السلبية على نسبة الاقتراع في الوسط السني، ذلك أن شريحة من الناخبين في هذا الوسط ستفقد على الارجح الحافز والحماسة للتصويت في ظل غياب قياداتها عن المنافسة. واذا كان ميقاتي والسنيورة سيحاولان تعويض عزوفهما من خلال رعاية لوائح تحظى بمباركتهما، الا ان هذا التكتيك لن يفيد كثيرا في استقطاب المقترعين، لان الوكيل ليس كالأصيل مهما جرى تلميعه، والأول لا يملك قدرة الثاني على شد العصب مهما حاول.
ومع ان اعضاء النادي المنسحب، خصوصا ميقاتي والسنيورة، يشددون على ضرورة المشاركة في الانتخابات، غير انه ليس معروفا كيف لمن قاطع الترشيح ان يقنع مناصريه بعدم مقاطعة التصويت، ولذا فإن مهمة حض القواعد السنية على الأدلاء الكثيف باصواتها لن تكون سهلة، الأمر الذي سيفتح الباب أمام خلطٍ للأوراق في تلك البيئة، من شأنه أن ينعكس على مجمل المعادلة السياسية التي يشكل هذا المكون أحد ارقامها الصعبة.
إنما، وعلى رغم هذه الهواجس، هناك في المقابل من يجد في ابتعاد القيادات التقليدية فرصة للتغيير المنتظر واستبدال الزعامات المجرّبة بطاقات نضرة تكسر الاحتكارات السياسية وتطرح خيارات او مقاربات جديدة لاختراق النفق المسدود، بدءا من الساحة السنية.

 

عماد مرمل

عماد مرمل

اعلامي ومقدم برامج لبناني. حائز على إجازة في الصحافة من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. عمل في العديد من الصحف السياسية اللبنانية. مقدم ومعد برنامج تلفزيوني سياسي "حديث الساعة" على قناة المنار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى