رياضة

زين الدين زيدان.. “سيمفونية الأداء الكروي المنمّق”

يُعتبر اللاعب زين الدين زيدان واحدًا من أهم الذين مرّوا في تاريخ الكرة الفرنسية، وتحديدًا في مركز خط الوسط أو صناعة الألعاب. فهذا اللاعب الذي تعود أصوله إلى الأمازيغية الجزائرية، هو من أدخل البسمة الى ثغور الفرنسيين عام 1998، عندما أحرز المنتخب الوطني يومها لقب كأس العالم للمرة الأولى في تاريخه عقب وصوله إلى المباراة النهائية للمرة الأولى أيضًا، فقد تألّق زيدان وسجّل هدفين في شباك المنتخب البرازيلي، لتنتهي المباراة بثلاثية بيضاء وليرفع “زيزو” كأس العالم عاليًا في ملعب “سان دوني” وسط احتفالات غير مسبوقة.

زيدان المولود عام 1972 في مدينة مرسيليا، يُعتبر أسطورة في عالم كرة القدم الفرنسية ومايسترو “السيمفونيات” التي تطرب الجماهير قاطبة من حيث المهارات والفنيات التي يملكها والتقنية العالية في الملعب؛ فهو صاحب حضور نافذ وفعّال في وسط الميدان، ووجوده مع أي فريق كفيل بأن يقلب المعادلة.

بدأ زيدان مسيرته الكروية مع نادي “كان” الفرنسي عام 1988، ثم انتقل إلى بوردو وبعدها غادر إلى الدوري الإيطالي عام 1996 ملتحقًا بصفوف نادي يوفنتوس العريق صاحب الصولات والجولات، وفاز معه بلقب الدوري المحلي مرتين، كما وصل إلى نهائي دوري الأبطال مرتين من دون أن يتمكّن من إحراز اللقب. وفي عام 2001، إنضم زيدان إلى ريال مدريد المتخم بالنجوم مقابل صفقة عالية بلغت نحو 70 مليون يورو، فلعب إلى جانب الانكليزي دايفيد بيكهام والبرازيليان روبرتو كارلوس ورونالدو، والبرتغالي لويس فيغو والاسباني راوول غونزاليس وغيرهم؛ ومع ريال مدريد تخلّى عن الرقم 10 وارتدى القميص رقم 5 وبقي مع فريق العاصمة الإسبانية حتى نهاية مسيرته في عام 2006.

ولعلّ هدفه الشهير والخرافي في نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2002 في مرمى “باير ليفركوزن” على ملعب “هامبدن بارك” في غلاسغو الاسكتلندية، سيبقى محفورًا في ذاكرة عشّاق كرة القدم العالمية؛ ويومها انتهت المباراة لمصلحة “الميرينغي” بهدفين مقابل هدف واحد.

أما عن مسيرته الدولية مع المنتخب الفرنسي، فلصانع الألعاب الكبير “زين الدين زيدان” صولات عديدة ومحطات مضيئة وأخرى مخيبة، بدأت بإحراز لقب كأس العالم 1998 ثم نجح في قيادة بلاده إلى الفوز ببطولة أمم أوروبا عام 2000، فأصبحت فرنسا أول دولة أوروبية تفوز بكأس العالم ثم تتبعه بلقب أوروبا، وفي مونديال 2002 كانت الخيبة الكبرى لزيدان إذ خرج بطل العالم من الدور الاول وغاب زيدان عن أول مباراتين ولم يسجّل حضوره الفعّال في المباراة الثالثة، ويومها تلقّت فرنسا صفعة في المباراة الافتتاحية على يد منتخب السنغال المغمور.

هذا المونديال الآسيوي الذي استضافته كوريا الجنوبية واليابان، يُعتبر ذكرى مؤلمة لزيدان ورفاقه؛ فقد حاول أن يعوّض ما فاته في مونديال 2006 الذي أُقيم في ألمانيا، وقد سطّر ملاحم كروية رائعة، كما ظهر النضج الكبير لهذا النجم المميّز وأطرب بفنياته ولمساته كل من تابعه، وقاد فرنسا مجددًا إلى النهائي أمام إيطاليا، وكانت الأمور تسير على ما يرام حين افتتح زيدان باب التسجيل من ضربة جزاء قبل أن تعدّل إيطاليا النتيجة بواسطة “ماركو ماتيراتزي” وبعدها وقع ما لم يكن في الحسبان، حين شاهد العالم زيدان يتقدّم صوب ماتيراتزي كالثور الهائج، ويوجّه “نطحة” إلى صدر الأخير ليوقعه أرضًا ويخرج بالبطاقة الحمراء من الباب الضيّق لكأس العالم.

وبعد اختتام مسيرته لاعبًا، توجّه زيدان إلى التدريب وأشرف على “ريال مدريد كاستيا” قبل أن يتولّى تدريب ريال مدريد ولا يزال.

تنبؤات عرّافة

قبل سنوات من تحقيق ألقاب دوري أبطال أوروبا لاعبًا ومدربًا، أخبرته “عرّافة” أنّه سيحقّق اللقب التاسع والعاشر والحادي عشر لريال مدريد، وهو ما حدث بالفعل إذ كان لاعبًا في التاسع ومساعدًا في العاشر ومدربًا في الحادي عشر.

ومن الفوارق اللافتة في مسيرة زيدان، أنّه في عام 1995 طلب “كيني دالغليش” الحصول على خدمات اللاعب الصاعد زين الدين زيدان لضمّه إلى صفوف “بلاكبيرن”، فرفض رئيس النادي فورًا وقال: “لماذا تحتاجه وأنت تملك تيم شيروود؟”، وتكرّر الأمر مع المدير الفني لمانشستر يونايتد “السير” أليكس فرغيسون الذي فضّل مواطنه “إريك كانتونا” عليه. إلى ذلك، رفضت إدارة “نادي نيوكاسل” التوقيع معه عام 1996 عندما كان في بداية مشواره الكروي مع فريق بوردو، فبعد متابعة دقيقة له، رأى النادي الإنكليزي أن إمكانياته غير كافية للانضمام إليه. والغريب في الأمر أن الصفقة كانت ستكلّف “نيوكاسل” مليون ونصف المليون يورو فقط.

يُعتبر زيدان ضمن أكثر من حصلوا على عقود رعاية بين أقرانه اللاعبين، من شركات تصميم الأزياء والاتصالات والملابس والمشروبات الغازية، بمجموع بلغ حوالي 10 ملايين يورو للعام الواحد.

وبعد إحرازه كأس العالم 1998، حصل زيدان على أعلى وسام شرف في فرنسا يتم منحه للعسكريين أو سواهم، وذلك في عهد الرئيس جاك شيراك. كما أحرز جائزة الكرة الذهبية مرة واحدة وجائزة أفضل لاعب في العالم 3 مرات.

سيبقى زين الدين زيدان لاعبًا قلّما تنجب الملاعب نظيرًا له، فهو الفنان والمايسترو والقائد والملهم في كل ظروفه وتجلياته وخيباته.

سامر الحلبي

سامر الحلبي

صحافي لبناني يختص بالشأن الرياضي. عمل في العديد من الصحف والقنوات اللبنانية والعربية وفي موقع "الجزيرة الرياضية" في قطر، ومسؤولاً للقسم الرياضي في جريدتي "الصوت" و"الصباح" الكويتيتين، ومراسلاً لمجلة "دون بالون" الإسبانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى