منوعات

كيف سيطرت حركة طالبان على أفغانستان بهذه السرعة؟

شكلت سرعة الحسم التي أتمتها حركة طالبان في السيطرة على أفغانستان مفاجأة للجميع وأولهم، على ما يبدو، المحتل الأميركي، الذي كان يقدر أن تصمد كابول أشهراً بينما كان أشرف غني، الرئيس الأفغاني الفار، يتوعد طالبان بهزيمة كبرى على ابواب كابول، لكن بساعاتٍ محدودة تتهاوى دفاعات العاصمة وتسقط دون قتال يذكر، أسوة بغالبية المدن والمحافظات الأفغانية، ومن هنا يتبين أن سرعة الحسم وطريقة الهجوم وأولويات السيطرة على المناطق قد خططت له الحركة بعناية فائقة وتحضير دقيق منذ وقت طويل.
في المعلومات التي تمكنا من الحصول عليها، تقول مصادر سلفية مقربة من طالبان أن “خطة الهجوم هذه وضعت منذ سنوات طويلة وأن العمل على تنفيذها بدأ قبل سنتين” وتؤكد هذه المصادر أن “حركة طالبان قد دفعت الرشاوى المغرية وخصصت رواتب شهرية لعدد من ضباط الجيش الافغاني، كما أنها قد اشترت، وبالمال القطري طبعاً، زعامات قبلية ومسؤولي مناطق ومقاتلين محسوبين على رجالات الحرب في البلاد، ما يعني أنها بذلك زرعت أعوان لها في كل قطاعات الدولة الأفغانية وفي القرى والبلدات والمدن، وخلايا نائمة زرعتها في كل المدن الأساسية والمهمة بغطاء من الذين دفعت لهم الرشى طيلة السنوات الماضية وشكلت لنفسها من هؤلاء جيشاً خفياً مكّنها من السيطرة على البلاد بهذا الشكل السلس والسهل”.

اقرأ أيضًا:

الخروج الأميركي: عندما قالت الصين سيتمّ تعليق مشنقة أميركا في أفغانستان

وأشارت المصادر الى أن حال الجيش الافغاني كانت تنهار بفعل أمرين:
1- رشاوى حركة طالبان للضباط والجنود
2- إستنزاف الجيش الافغاني في معارك طويلة في حين كانت الولايات المتحدة تفاوض طالبان على الانسحاب، ما جعل الضباط والجنود في حالة قلق مستمر وشعور أنهم يقاتلون من أجل لا شيء، يعني فقدان القضية والولاء.
خريطة الهجوم العسكري
استفادت حركة طالبان من الحروب الماضية ووضعت خطة عسكرية محكمة وهدفها السيطرة على المناطق بالدرجة الأولى وتالياً إخضاع المناطق تلك التي قاتلتها في السابق خاصةً شمال البلاد.

بناءً على ذلك بدأت بالهجوم في شهر ايار/مايو الماضي حيث سيطرت على كل مناطق الشمال تقريباً، ومن ثم انتقلت إلى عزل أفغانستان عن الدول المجاورة بإحكام سيطرتها على جميع المعابر الحدودية ومن ثم بدأت مرحلة تطويق المدن الكبرى، بالتوازي مع اتصالات أجرتها مع كل من لهم تأثير حملت وعوداً بالمشاركة في الحكم وتهديدات في حال واجه قوات طالبان عسكرياً.

في السياق ساهمت العلاقات السيئة بين الرئيس أشرف غني وأمراء الحرب السابقين في تسريع الانهيار، وذلك حين رفض أمراء الحرب استغاثات غاني، هو من تجاهلهم طيلة السنوات الماضية والآن يريد منهم القتال ضد طالبان لمصلحته وهذا ما لم يحصل أبداً.

 

نضال حمادة

نضال حمادة

نضال حمادة كاتب وصحافي لبناني مقيم في باريس، خبير في شؤون الجماعات السلفية المحاربة، له عدة كتب: صناعة شهود الزور، الوجه الآخر للثورات العربية، أسرار حرب القصير، خفايا وأسرار داعش. حائز على دبلوم في علوم الطيران من جامعة باريس ٨.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى