منوعات

عماد عثمان يوسّع صلاحيات قوى الأمن ويضرب بحقوق الإنسان عرض الحائط

المذكرة رقم 392 تتجاوز حدّ السّلطة وتكرّس ممارسات الدّولة البوليسية

بمذكرة عمّمتها المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي على القطع العسكرية، وسّع مديرها العام اللّواء عماد عثمان صلاحيات قوى الأمن وأجاز لها توقيف الأشخاص إدارياً لمدّة 24 ساعة من دون إذنٍ قضائيٍّ لمجرّد الشّك بهم.

أثارت المذكرة رقم 392 الصادرة في 18 تشرين الثاني 2020 موجةً من الاستنكار والغضب في أوساط القانونيّين والمجموعات الحقوقية لما فيها من انتهاكٍ صارخٍ للحريات وحقوق الإنسان ومخالفةٍ ساطعةٍ لمبدأ الشّرعية.

عضو مجموعة “الشعب يريد إصلاح النّظام” المحامي حسن بزي رأى في المذكرة مخالفة للمعاهدات الدّولية التي وقّع عليها لبنان والتي تضمن حقّ الرّأي والتعبير والتّنقّل الحرّ، كما تخالف قانون أصول المحاكمات الجزائية ولا سيّما المادة 47 منه التي عُدّلت الشهر الماضي بالقانون 191/2020 والذي يعطي المُدّعى عليه حق الاستعانة بمحامٍ للحضور معه والاشتراك في الاستجواب وطرح الأسئلة وطبيبٍ شرعيّ والاتصال بأحد أفراد عائلته، أي أنّ هناك ضماناتٍ عديدةً لا تتوفّر في حالة التوقيف الإداري كما ورد في المذكّرة.

ولكن لماذا يصدر اللّواء عثمان هذه المذكرة في هذا التوقيت بالذات؟ المحامي بزّي يرى أنّ هذه المذكرة الإدارية جاءت بعد نفاذ المادة 47 والتي تمنع إلقاء القبض على أيّ مواطنٍ والانفراد به وممارسة العنف المعنوي ضده إذ توجب أن يرافقه محامٍ، وعليه فإنّ إعادة إحياء القانون رقم 17 الصادر عام 1990 والتّوسّع بتفسيره ليشمل حالات لم تعدّ في إطاره، هو نوعٌ من الرّد وإيجاد وسيلةٍ دائمةٍ ومستمرةٍ لكبح جماح أصحاب الرّأي الحرّ والاتجاه الدائم نحو الحفاظ على الدّولة البوليسية التي تسعى لإرهاب الأحرار.

أما عن خطورة تطبيق المذكّرة، فتكمن في تجاوزها القانون، وإتاحتها التّعرّض للناس بغض النّظر عن شخصياتهم وحصاناتهم، فالتّوقيف الإداري قد يطال أي شخص لمجرّد الاشتباه بمحاولة إرتكابه جرماً، ما يسقط كافة القوانين الخاصة التي تشمل حصانات وكافة النّصوص التي تعطي ضماناتٍ للمدّعى عليه، ويخالف قانون العقوبات المتعلّق بجرم حجز الحرّية، لذلك مَن يُقدم على فعلٍ لا يحترمُ القوانين، من الطبع أن يتصف فعله بالفعل الميليشياوي على حدّ تعبير بزي.

كما يؤكّد أنه سيتم التصدّي لهذه المذكّرة بطرق الطّعن القانونية، وقد بدأت المجموعات المعنية بتوجيه رسائل لمنظمات حقوق الإنسان، وسوف يُطرح الأمر على المنظمات الدّولية ذات الشّأن وذات الصّلة، كما سيتم درس خيار التقدّم بدعوى لإبطال هذه المذكّرة من قبل أصحاب الصّفة أمام مجلس شورى الدّولة لأنّها تشكّل تجاوزاً لحدّ السّلطة ومخالفةً جسيمةً لكلّ القوانين والمعاهدات. ويلفت بزي هنا إلى أنّ القواعد القانونية في لبنان تبدأ من الدّستور، تليه المعاهدات، فالقوانين، ثم المراسيم. إذن، المعاهدة التي يوقّع عليها لبنان يتوجّب عليه تطبيقها وهي أعلى من قوانينه، لذا لا يمكن للقانون 17/90 أن يخالف معاهدةً دوليةً.

في بيانٍ لاحقٍ، أفادت شعبة العلاقات العامة في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بأن إجراء التوقيف الوقائي ذي الطابع الإداري الذي تناولته المادة 217 من القانون رقم /17/ تاريخ 6-9-1990 / تنظيم قوى الأمن الداخلي، يدخل ضمن عمل الضابطة الإدارية المولجة بها قوى الأمن الداخلي بموجب المادة الأولى من القانون المذكور، والتي تشمل جميع الإجراءات الوقائية الهادفة إلى منع حصول الجرم، مضيفةً أنّه عند التحقق من حصول الجرم أو محاولة القيام به، ينتقل عمل قوى الأمن من الضابطة الإدارية إلى الضابطة العدلية، وهذا ما نصّت عليه التعليمات رقم 392 تاريخ 18-11-2020، موضوع التوضيح، اذْ قضَتْ بضرورة الإلتزام حينها بإجراءات التحقيق الأوّلي، وذلك بإشراف القضاء المختص.

وفي تعقيبٍ على ردّ المديرية التي لفتت أيضاً إلى أنّ قوى الأمن الداخلي لطالما استخدمت هذه الصلاحيّة منذ نشأتها بما يمنع حصول الجرائم ويضمن حماية الأشخاص، شدّد بزي على أن التوقيف الإداري كان يستعمل للتّرهيب وفي حالاتٍ ضيّقةٍ، في حين أن المذكّرة وسّعت هامش تطبيقه، مشيراً إلى أنّ بيان التّوضيح أورد ما لم يرد في المذكرة بما يخص حق الشّخص الموقوف إدارياً في الاتصال بأحد أفراد عائلته وعرضه على طبيب وغيرها من الحقوق والضمانات، أي أنّ موجة الاعتراض أجبرت القوى الأمنية على توضيح ما جاء في المذكرة وإعطاء حقوق تتوافق مع أصول المحاكمات الجزائية خلافاً لمضمون المذكّرة ذاتها.

 

آلاء ترشيشي

آلاء ترشيشي

مذيعة ومقدمة برامج. محاضرة جامعية. حائزة على ماجستير في العلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى