هل يخدم بري عون عبر حرب البيانات؟
فيما يتأكد يوماً بعد يوم ألا نية جدية لدى أهل السلطة في لبنان لوضع النقاط على الحروف في ملف تشكيل الحكومة، تتواصل حروب تسجيل النقاط بين الافرقاء وتحتدم كلما ابتعدنا من التشكيل وإقتربنا من صناديق الاقتراع النيابية لشد عصب المناصرين، وآخرها الحرب بين بعبدا وعين التنية. هي أشبه بحفل جنون فيما الناس جائعون، منهكون، مشمئزون ومحبطون.
شرارة المواجهة الاخيرة إنطلقت منذ أيام مع تغريدة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل عبر “تويتر” اتهم فيها مجلس النواب بالتخاذل عن عقد جلسات طارئة ومتواصلة ليل نهار امام تمادي الظلم وذلّ المواطنين والتلكؤ عن قانون البطاقة التمويلية. فكان الرد السريع من المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل الذي اتهم التيار بالتوظيف الشعبوي ورمي القنابل الصوتية وتغطية مسؤولية الفشل والمسؤولين عنها من الكهرباء الى الفيول.
إلا أن المعركة إحتدمت في الساعات الاربع والعشرين، عبر بيان صادر عن قصر بعبدا ورد من عين التينة وكرّت سبحة الردود والردود على الردود فأضحت أشبه بلغة الاطفال و”كل شي بتقولو بيرجعلك” و”سنغف سنغف” و”بيي اقوى من بيك”. مصدر مراقب أجرى قراءة في مضامين هذه البيانات واشار الى:
1- نجاح الرئيس ميشال عون وفريقه بإستفزاز الرئيس نبيه بري وفريقه وإسقاط صفة الوسيط عنه.
2- إستدراج بعبدا عين التينة الى جدال دستوري عقيم.
3- إحراج بري لعون بأنه هو من أرسل له رسلاً كثرا، مبدياً كل رغبة في مبادرة رئيس مجلس النواب وحصل أكثر من اجتماع في القصر الجمهوري وخلافه لإنجاح ما سمي بمبادرة بري. فكيف لعون أن ينتقد تدخل بري وهو شرّع ابواب بعبدا والبياضة للخليلين و مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في “حزب الله” وفيق صفا؟
4- نجاح “التيار الوطني الحر” في تظهير كباش طائفي حول أزمة التشكيل والايحاء انه يواجه اصطفافاً طائفياً اسلامياً يريد المس بما تبقى من صلاحيات رئيس الجمهورية المسيحي.
وفي هذا الاطار، وقع بري في الفخ حين تحدث عن أن رئيس الجمهورية لا يحق دستوريا له بوزير واحد هو لا يشارك في التصويت. ورد عين التينة المنطقي عبر الاستشهاد بموقف عون الرافض لمنح اي وزير للرئيس ميشال سليمان سابقاً لا يجدي نفعاً في ظل “الهيجان” الطائفي. كما أن حجّة العونيين بالرد منطقية أيضاً عبر سؤالهم عن أي نص دستوري يكرّس حقيبة وزارة المال للشيعة؟!
5- زيادة ضغط العونيين على “حزب الله” للخروج من المساحة الرمادية في معركتهم مع “امل” والحريري. فإن أصرّ “الحزب” على الامساك بورقتي التحالف مع الطرفين أو اعطى الاولوية لتماسك التحالف الثنائي الشيعي، يفعّل العونيون لعبهم دور المظلومية وتعرضهم لـ”حرب كونية” والطعن من قبل الحلفاء لكسب مزيد من العطف في الشارع المسيحي. أما إن كانت أولية “الحزب” لورقة “مار مخايل” – وهذا مستبعد – فيستغل العونيون الأمر لتسديد ضربة لحركة “امل”.
يختم المصدر: “إن ما يقوم به بري والحريري سيقوي عون حكماً وهو شبيه بسقطة جنبلاط في انتخابات العام 2005 حين تحدث عن التسونامي العوني أو عام 2009 حين سرّب له تسجيل عن ان “الموارنة جنس عاطل” والتي ادّت الى استنهاض القدرة الانتخابية العونية. إن لم ينجح المناخ القائم اليوم في خلق عطف مسيحي حول عون بسبب فشل عهده وإنكشاف زيف إدعاءاته بـ”الاصلاح والتغيير” لوجود إنطباع سائد بأنه جزء اساسي من منظومة الفساد، فالاكيد انه في اسوأ الاحوال يقدّم خدمة إنقاذية لجبران باسيل عبر الدفع لرصّ الصفوف العونية المشرذمة”.