الطّيران بـ “الفرش دولار” وأسعار التذاكر إلى انخفاض
محمد الحوت لـ "أحوال": هذا ما دفعنا إلى التسعير بالدولار
أصبح خيار الدفع باللّيرة اللّبنانية كثمن لتذاكر السّفر على متن خطوط شركة طيران الشّرق الأوسط أمراً مرفوضاً. فالشّركة الوطنيّة لن تقبل إلاّ بـ “الأخضر”، بدءاً من مطلع شهر حزيران المقبل؛ فيما القرار ليس محصوراً بـ “الميدل إيست” فقط، بل بشركات الطيران ومكاتب السّفر أيضاً.
قرار كان متوقعاً بسبب الأزمة الاقتصادية المتفاقة، وتراكم الالتزامات والمصاريف ونفقات الرّحلات وتكلفة الصّيانة التي تدفعها الشركات بالدّولار النّقدي؛ إلا أنّ حبل خلاص “الميدل إيست” جاء على يد اتّحاد النّقل الجوّي الدّولي (إياتا IATA)، بعد أن وافق على تقاضي الشّركات العاملة في لبنان، ثمن تذاكر السّفر بالدّولار النقدي، رغم ردود الفعل المعارضة التي أجبرتها سابقاً على التزام الدّفع باللّيرة.
القرار أم التّعثّر
رئيس مجلس إدارة شركة طيران الشّرق الأوسط محمد الحوت يوضح لـ “أحوال”، أنّ شركة الطّيران الوطنيّة، تضررت من جرّاء الأزمة الاقتصاديّة ومن جائحة كورونا، كغيرها من شركات الطيران، الأمر الذي دفعنا إلى التسعير بالدّولار. ويتابع، اتّخذنا هذا القرار كيّ نؤمن استمراريّة الشّركة، وعدم تعثّرها ماليّاً، خصوصاً وأن كل مصاريفنا بالعملة الصّعبة.
ويشير الحوت إلى أنّ سعر تذكرة السفر بالـ “Fresh dollar”، ما هو إلا جزء صغير من مصاريف كبيرة يتحمّلها المسافر أثناء سفره، من حجز في الفندق إلى المطاعم والمواصلات والتبضّع وغيرها.
من جهته، يقول رئيس نقابة وكلاء الّسياحة والسّفر في لبنان، جان عبود، إنّه ابتداءً من أول شهر حزيران سيصبح سعر تذكرة السفر بالـ “Fresh dollar”، والسّبب أنّ الشّركات العاملة في السّوق اللّبنانية كانت تقبل الشيكات من مكاتب السّفر، بانتظار أن يتولّى مصرف لبنان تحويل دولاراتها إلى الخارج، لكنّه تأخر عن التحويل حتى أصبحت قيمة المستحقات العالقة نحوّ 158 مليون دولار، ما دفعنا إلى اتخاذ هذا القرار.
ويتابع، نحن كنقابة نؤيد القرار لأننا حريصون على استمرار عمل شركات الطيران الأجنبيّة في لبنان، بعد أن كانت أمام خيار الإغلاق.
ويفسّر عبود في حديث لـ “أحوال” كيف ستؤدي هذه الطّريقة إلى انخفاض أسعار التّذاكر، حيث كان الشّيك المصرفي يسعّر الدّولار ثلاثة أضعاف سعره الحقيقي، وهذا يعني أنّ سعر التذكرة الذي كان بـ 1200 دولار يصبح اليوم بـ 300 دولار.
التّسعير بالدّولار ضروري
ويلفت عبود إلى أن 3% من اللّبنانيين فقط سيتمكنون من السّفر، أي سيقتصر مشهد المسافرين على رجال الأعمال والطّلاب، ما يؤدي إلى زيادة الأعباء والخسائر على قطاع الطّيران ووكالات السّياحة والسّفر، مشدّداً على ضرورة تحمّل هذه المرحلة الصّعبة إلى حين تخطيها.
إلى ذلك، يشير الخبير الاقتصادي والمالي البروفسور بيار الخوري لـ “أحوال”، إلى أنّ مسالة أسعار بطاقات السّفر لدى شركة طيران الشّرق الأوسط، مطروحة منذ بدايه التّمييز السّعري للدّولار في سوق بيروت، في شهر آب عام 2019.
ويشرح، نلاحظ أن التّسعير باللّيره قد تحوّل مع الوقت من فارق سعر هامشي إلى فارق سعر رئيسي، مع تجاوز كلفة الحصول على دولار حقيقي من السّوق ثمانية أضعاف السّعر الرّسمي.
ويتابع، اذاً التّسعير بالدّولار اليوم هو حاجه ضرورية، كون معظم قطع الغيار والمواد التّشغيليه لهذه الشركة مع ما تدفعه من إيجارات أرضيات خارج لبنان وإيجارات عبور أجواء، محسوبه بعملة ثابتة.
من ناحيه أخرى، تحتاج الشّركة إلى تعزيز رسملتها من خلال التّدفقات النّقدية، كي تبقى قادرة على تطوير خدماتها من أجل المنافسة مع الشّركات الأخرى، وعدم السّماح لتلك الشّركات بقضم أسواقها تدريجيّاً، بسبب ضعف تلك التّدفقات لديها.
ويلفت الخوري إلى أنّ وجود طيران الشّرق الأوسط في تحالف جوي دولي أيضاً يفرض عليها التزامات ماديّة عند تبادل الرّكاب، وهذه الالتزامات أيضا تُدفع بعملة ثابتة.
ضرب السّوق الدّاخلي
ويتابع الخوري، المسألة لا تنتهي هنا. المسألة في الواقع لها علاقة بنظام تسعير الدّولار المشوّه في سوق بيروت. فمن هو الشّريك الأساسي لطيران الشّرق الأوسط في الداخل؟ إنّه بشكل أساسي مجتمع الشّركات ومجتمع المواطنين ومجتمع القطاع العام. إنّ هذه الفئات الثّلاث تحسب تدفقاتها النّقديّة باللّيرة اللّبنانيّة، لأن مصدر مداخيلها بالعملة الوطنيّة، ما يؤدى إلى تبعات قاسيّة على قدرة طيران الشّرق الأوسط على البيع في الداخل. وبالتّالي إنّ ارتفاع الأسعار سيحدّ من قدرة هذه الفئات على السّفر وتخصيص أجزاء وازنة ضمن ميزانياتها للسّفر.
فهل تستطيع شركة طيران الشّرق الأوسط الاستغناء عن زبائن الدّاخل؟ هنا يجيب الخوري، لا يمكن للشّركة الاعتماد على الوافدين إلى لبنان لزيارات قصيرة أو للسّياحة من أجل توازن ميزانيتها، خصوصاً وأنّ الفئة السّعرية التي ينتمي إليها طيران الشّرق الأوسط، ليست تلك الفئة المنافسة على الجمهور السّياحي، وهي نسبياً مرتفعه الثّمن مقارنه مع العديد من الخطوط، التي تتنافس في الشّرق الأوسط وأوروبا.
آثار كارثيّة
ويضيف الخبير الاقتصادي والمالي ، التّسعير بالدّولار سيرفع تكلفة البطاقة، بالنّسبه لحجم الموازنة المتوفره لدى المسافرين من الداخل اللّبناني، ما يؤدي إلى آثار مدمّره على مجموع عمليّات طيران الشّرق الأوسط.
ويردف، هذا يحيلنا إلى المشكلة الأساس: طيران الشّرق الأوسط لم يعد قادراً على الاستمرار في توازن ميزانيته، تبعاً للأسعار القائمه اليوم. وفي الوقت نفسه ليس قادراً على تسعير الخدمات بالدّولار الحقيقي، لأن ذلك سيفقده الكثير من الزّبائن، ويحيله إلى مشكلة في ربحيته على المديين القصير والمتوسط.
ويشير الخوري، إلى أنّ إدارة طيران الشّرق الأوسط حاولت إيجاد حل وسط، ما يوازن بين كمية البطاقات المباعة وكلفة البطاقة، بما يؤدي إلى نوع من التّوازن بين حجم السّوق ومستوى الأسعار خلال عام ونصف، إلّا أنّها فشلت.
ويختم، ربما يكون على الشّركة انتظار ارتفاع مستوى الدّخل في لبنان، ليعيد ذلك المساهمة في الطّلب على مبيعاتها، والتّوازن المالي لديها، وهو أمر لا يمكن توقعه في المدى المنظور.
ناديا الحلاق