منوعات

البطاقة التمويليّة: تشجيع على البطالة وتثبيت لعدم المساواة بين اللبنانيين

رغم كل الوعود بعدم رفع الدعم قبل إقرار البطاقة التمويلية، ها نحن نعيش اليوم ارتفاعاً بالأسعار وغياباً للسلع نتيجة رفع الدعم تدريجياً، دون ان يصل مشروع البطاقة التمويلية
إلى خواتيمه السعيدة، علماً أن التفكير بهذه البطاقة بشكل دقيق يكشف عن جوانب سلبية لها، أبرزها على الإطلاق “التشجيع على البطالة”، و”عدم المساواة بين اللبنانيين”.

التمويل من جيوبنا

لا تزال البطاقة التمويلية لغزاً حتى اليوم، رغم مبادرة وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزنة لتوقيع مشروع قانون معجّل لإقرار البطاقة التمويلية، خاصة أن هذا المشروع لا يذكر هوية الممول، وبالتالي وبحسب معلومات “أحوال” فإن وزارة المال لا تتبنى مشروع البطاقة، والتوقيع جاء لعدم تحملها مسؤولية رفض المشروع، علماً أن من يتحمل وزره هو رئاسة الحكومة.
إن عدم تبنّي وزارة المال للمشروع لا ينبع من خلفيات سياسية، بل اقتصادية، فلا أحد يعلم مصدراً للتمويل سوى الإحتياطي الإلزامي، ووزارة المال ترفض المسّ به بهذه الطريقة، كما أن لا أحد يعلم كيف تمّ تقدير عدد العائلات التي ستحصل على البطاقة، ولا احد يعلم لماذا ستحصل هذه العائلة على مساعدة، وتلك لن تحصل، علماً أن دخل العائلة الاولى سيتخطى الثانية بعد “الدعم”.
كلها أسئلة مشروعة لمشروع مبهم، فهل سيكون التمويل من احتياطي المصرف المركزي أي من أموال اللبنانيين المحجوزة في المصارف، ما يجعل المعادلة على الشكل التالي: من جيوبكم نساعدكم، والجميل لنا.
يُقال أن التمويل سيكون من قرض البنك الدولي 246 مليون دولار، ولكن هنا لا بد من التذكير بأن مشروع البطاقة التمويلية يختلف عن مشروع دعم الأسر الأكثر فقراً، والقرض هذا خصص للمشروع الثاني، علماً أن في لبنان، بحسب التقديرات، 150 ألف عائلة تعيش تحت خط الفقر المدقع، وهذا العدد كان منذ عام، والاكيد أنه تضاعف بحلول هذا الوقت.

آثار سلبية غير مباشرة

في الأسبوع الاول من شهر أيار، أتحفتنا رئاسة حكومة تصريف الأعمال بمشروع البطاقة التمويلية، فأشارت إلى أنها ستطال 750 ألف عائلة، علماَ أن في لبنان ما يزيد عن مليون عائلة، والعائلات الميسورة للغاية هي قليلة جداً، وبالتالي فإن عدم توزيع البطاقة التمويلية على جميع اللبنانيين باستثناء الأغنياء منهم، يعني أن لا عدالة ولا مساواة في هذا البلد.
تخيلوا مثلاً أن عائلة من شخصين، مصنفة ضمن العائلات التي لا تحتاج إلى البطاقة بسبب عمل الفردين فيها، وهنا لا بد من الإشارة إلى أنه من غير الواضح ما هو سقف الدخل الذي يجعل البطاقة التمويلية غير متاحة للعائلة، تصبح متساوية بالدخل تقريباً مع عائلة من 5 أو 6 أشخاص لا يعملون، فقط بسبب حصول العائلة الكبيرة على مساعدة بالدولار.
إن هذا الواقع يفرض على المسؤولين تقديم البطاقة لكل اللبنانيين، مع العلم أن هذه التقديمات قد تشجع على البطالة، إذ أن “رب” الأسرة عندما يحصل على 140 دولار أميركي، ما يعني أكثر مما يناله موظف في الفئة الرابعة في الدولة اللبنانية، فهذا سيجعله غير راغب بأداء أي عمل، والإكتفاء بأموال البطاقة، وهذا الامر سيسري على آلاف من اللبنانيين.
كثيرة هي الآثار السلبية للبطاقة التمويلية، اقتصادياً واجتماعياً، والحريّ بالمسؤولين الإهتمام بالوضع السياسي وتشكيل الحكومة، ومراقبة التجار والأسعار بشكل جيد، ومنع التهريب والاحتكار، وإعادة أموال الناس بالمصارف، قبل التفكير بمشاريع غير محسوبة النتائج.

محمد علوش

صحافي لبناني، يحمل إجازة في الحقوق وشهادة الماستر في التخطيط والإدارة العامة من الجامعة اللبنانية. بدأ عمله الصحافي عام 2011، وتخصص في كتابة المقالات السياسية المتعلقة بالشؤون اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى