صحة

علماء يحدّدون البروتين “الغامض” وراء ألزهايمر ويمهّدون لعلاج الملايين

تشير التقارير العلمية إلى أنّ أكثر من 44 مليون شخصاً حول العالم مصابون بمرض ألزهايمر، النوع الأكثر شيوعًا من الخرف؛ وهو حالة قاتلة لا رجعة فيها تؤدي إلى فقدان الوظيفة الإدراكية والجسدية.

وعلى الرغم من عقود من الدراسة المكثفة، لا توجد علاجات يمكن أن تبطئ عملية المرض، ناهيك عن إيقافها أو عكسها. فيما يعتقد العلماء على نطاق واسع، أن أفضل وقت لعلاج مرض ألزهايمر هو قبل ظهور أعراض الخرف.

دراسة جديدة تحدّد البروتين المسؤول عن ألزهايمر

اليوم، كشفت دراسة جديدة قادها باحثون في كلية جونز هوبكنز- بلومبرغ للصحة العامة، ونشرتها صحيفة Nature Aging، أن تطوّر الخرف الذي يسبّبه مرض ألزهايمر، يرتبط بمستويات غير طبيعية في الدم لعشرات البروتينات الموجودة منذ سنوات. فيما لم يُعرف من قبل أن معظم هذه البروتينات مرتبطة بالخرف، مما يشير إلى أهداف جديدة للعلاجات الوقائية.

تستند النتائج الجديدة إلى تحليلات لعينات دم لأكثر من عشرة آلاف الأشخاص في منتصف العمر وكبار السن؛ عينات تم أخذها وتخزينها خلال دراسات واسعة النطاق قبل عقود كجزء من دراسة مستمرة.

وربط الباحثون مستويات غير طبيعية في الدم من 38 بروتينًا، بزيادة مخاطر الإصابة بمرض الزهايمر في غضون خمس سنوات. من بين هذه البروتينات الـ 38، بدا أنّ 16 بروتينًا تنبأ بخطر الإصابة بمرض الزهايمر قبل عقدين من الزمن.

وأشار التحليل إلى مستويات عالية من بروتين واحد، SVEP1، كمساهم سببي محتمل في هذه العملية المرضية.

في هذا السياق، يقول كبير مؤلفي الدراسة جوزيف كوريش، الدكتور في قسم علم الأوبئة في مدرسة بلومبرغ: “هذا هو التحليل الأكثر شمولاً من نوعه حتى الآن، وهو يلقي الضوء على مسارات بيولوجية متعددة مرتبطة بمرض ألزهايمر”.

ويضيف، “بعض هذه البروتينات التي اكتشفناها هي مجرد مؤشرات على احتمال حدوث مرض، ولكن مجموعة فرعية قد تكون ذات صلة سببيًا؛ وهذا أمر مثير لأنّه يثير إمكانية استهداف هذه البروتينات بعلاجات مستقبلية.”

هذا، وركّزت الجهود المبذولة لقياس خطر الإصابة بمرض ألزهايمر لدى الأشخاص قبل ظهور الخرف بشكل أساسي، على السمتين الأكثر وضوحًا لأمراض الدماغ للزهايمر: كتل من بروتين بيتا أميلويد المعروف باسم اللويحات، وتشابكات بروتين تاو. هنا كشف العلماء أنّ تصوير الدماغ للويحات، ومستويات الدم أو السائل النخاعي من أميلويد بيتا أو تاو، لها دلالاتها القيّمة في التنبؤ بسنوات مرض ألزهايمر.

فيما تُطرح أسئلة حول الجديد الذي كشفته الدراسة. إذ لدى البشر عشرات الآلاف من البروتينات الأخرى المتميزة في خلاياهم ودمائهم، وقد تطوّرت تقنيات قياس العديد من هذه البروتينات من عينة دم صغيرة واحدة في السنوات الأخيرة. فهل يكشف التحليل الأكثر شمولاً باستخدام مثل هذه التقنيات عن بوادر أخرى لمرض ألزهايمر؟ هذا هو السؤال الذي سعى كوريش وزملاؤه للإجابة عليه في هذه الدراسة الجديدة.

هذا الجديد الذي كشفته الدراسة

غطى التحليل الأولي للباحثين عينات الدم المأخوذة خلال الفترة من 2011 إلى 2013 من أكثر من 4800 مشارك في منتصف العمر في دراسة مخاطر تصلّب الشرايين في المجتمعات؛ وهي دراسة وبائية كبيرة لعوامل الخطر المرتبطة بأمراض القلب والنتائج التي تم التوصل إليها. استخدم الباحثون المتعاونون في شركة تكنولوجيا مختبرية تسمى SomaLogic تقنية طوروها مؤخرًا، SomaScan، لتسجيل مستويات ما يقرب من 5000 بروتين مميز في العينات المخزنة.

وقام الباحثون بتحليل النتائج، ووجدوا 38 بروتينًا ارتبطت مستوياتها غير الطبيعية بشكل كبير بزيادة خطر الإصابة بمرض الزهايمر في السنوات الخمس التالية لسحب الدم.

ثم استخدموا SomaScan لقياس مستويات البروتين من أكثر من 11000 عينة دم مأخوذة من المشاركين الأصغر سنًا في ARIC في 1993-1995. ووجدوا أنّ المستويات غير الطبيعية لـ16 من أصل 38 بروتينًا تم تحديدها سابقًا، كانت مرتبطة بتطور مرض الزهايمر في ما يقرب من عقدين بين سحب الدم هذا والتقييم السريري للمتابعة في 2011-13.

للتحقّق من هذه النتائج في مجموعة مختلفة من المرضى، راجع العلماء نتائج SomaScan السابقة لعينات الدم المأخوذة في 2002-2006 خلال دراسة آيسلندية. وقيّمت تلك الدراسة البروتينات بما في ذلك 13 من أصل 16 بروتينًا تم تحديدها في التحليلات. هذه البروتينات الـ 13، ارتبطت بخطر الإصابة مرض الزهايمر على مدى فترة متابعة تقارب 10 سنوات.

في تحليل إحصائي إضافي، قارن الباحثون البروتينات التي تم تحديدها ببيانات من دراسات سابقة للروابط الجينية بمرض ألزهايمر. اقترحت المقارنة بقوة أنّ أحد البروتينات التي تم تحديدها، SVEP1، ليس مجرد علامة عرضية لخطر الإصابة بمرض الزهايمر، بل يشارك في إثارة المرض أو دفعه.

SVEP1 هو بروتين تظلّ وظائفه الطبيعية غامضة إلى حد ما، على الرغم من أنّه في دراسة نُشرت في وقت سابق من هذا العام كان مرتبطًا بحالة الشريان السميك، وتصلّب الشرايين، الذي يكمن وراء النوبات القلبية والسكتات الدماغية.

هذا، وتضمنت البروتينات الأخرى المرتبطة بخطر الإصابة بمرض الزهايمر في الدراسة الجديدة العديد من البروتينات المناعية الرئيسية – والتي تتوافق مع عقود من النتائج التي تربط مرض ألزهايمر بالنشاط المناعي المكثف بشكل غير طبيعي في الدماغ.

يخطط الباحثون لمواصلة استخدام تقنيات مثل SomaScan لتحليل البروتينات في عينات الدم المخزنة من دراسات طويلة الأجل لتحديد المسارات المحتملة المسببة لمرض الزهايمر – وهي استراتيجية محتملة لاقتراح طرق جديدة لعلاجات الزهايمر.

كان العلماء يدرسون أيضًا كيفية ارتباط مستويات البروتين في عينات بأمراض أخرى مثل أمراض الأوعية الدموية (المرتبطة بالأوعية الدموية) في الدماغ والقلب والكلى.

عمل المؤلف الأول كينان ووكر، الحاصل على درجة الدكتوراه، على هذا التحليل أثناء وجوده في هيئة التدريس في كلية الطب بجامعة جونز هوبكنز ومركز ويلش للوقاية وعلم الأوبئة والبحوث السريرية التابع لمدرسة بلومبرج. وهو حاليًا محقق في برنامج البحث الداخلي في المعهد الوطني للشيخوخة.

أحوال

ترجمة عن صحيفة Nature Aging

 

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى