من يُدير خلايا الإرهاب النائمة في لبنان وماذا عن تداعيات حادثة خلدة؟
بعد فترة استقرار أمني مرّ بها لبنان، يبدو أن الإرهاب عاد ليطرق أبواب المناطق اللبنانية مجدّدا، الى جانب الأحداث الأمنية التي تتنقل من مكان إلى آخر، وتتسبّب بسقوط القتلى والحرجى، وترويع السكان الآمنين في منازلهم، الأمر الذي أقلق المعنيين بالشق الأمني في لبنان، خصوصا أن ما يجري في هذا البلد لا يمكن أن يكون عفويّا.
تُطرح علامات استفهام كبيرة حول حالة التفلت الأمني التي ظهرت بعد استقالة حكومة حسان دياب، حيث شهدت العديد من المناطق أحداثا أمنية تمثلت بخروج مجموعات مسلحة بشكل علني بدءا من التشييعات التي رافقت دفن ضحايا انفجار بيروت، وصولا الى حادثة خلدة، من دون تجاهل ما حصل في بلدة كفتون في قضاء الكورة، وأهميته الكبرى، والذي كشف عن مخطط إرهابي، دون أن تُعرف كامل تفاصيله بعد.
البلد السايب بعلّم الناس الإجرام
وعلى الرغم من أن المراجع الأمنية تعتبر أن حادثة كفتون هي الأخطر، نظرا الى ارتباط منفذيها بجماعات إرهابية، لا يجوز التقليل من أهمية الحوادث الاخرى، وتحديدا خلدة، الأمر الذي يوحي بأن هناك من اقتنع بأن “البلد السائب يعلّم الناس الإجرام”، ولذلك هو يريد استغلال حالة الترهّل السياسي التي تصيب لبنان، لأجل تحريك بعض الخلايا النائمة بهدف زيادة الضغط السياسي على اللبنانيين، وتحديدا فريق العهد والأكثرية النيابية، لتطويقها من كل الجهات، سياسيا، اقتصاديا، وأمنيا.
في خلدة، لم تتحرّك مجموعة عمر غصن من فراغ، اذ تكشف مصادر مطّلعة عبر “أحوال” أن الرجل الذي تولى عملية قطع طريق خلدة إبّان حراك 17 تشرين أول 2019، لا يعمل من تلقاء نفسه، فهو يرتبط بجهات معلومة لدى الأجهزة الأمنية، والمعنيين في خلدة، مشيرة إلى أن تيار “المستقبل” لا يمون على هذه المجموعات، التي وللمناسبة لا ولاء سياسي لديها، ولو أن البعض حاول توريط “المستقبل” عندما ربط الإشكال بتعليق صورة للمتهم باغتيال رفيق الحريري، سليم عيّاش، علما أن لا علاقة لعياش بالحادث. وتضيف المصادر: “كانت هناك محاولة لإحياء فتنة مذهبية في خلدة، ولكن تدخل الجيش اللبناني بالوقت المناسب حال دون ذلك”.
عنف جديد أم تمهيد للتسوية السياسية؟
هناك من يرى أن ما حصل في خلدة قد يكون مقدمة لجولات جديدة من العنف في المرحلة المقبلة، لا سيما بعد الظهور المسلح الذي رافق تشييع أحد القتلى، وإطلاق النار على الأبنية بشكل مباشر وفي وضح النهار، مع العلم أن الفريق الشيعي، كان قد أرسل أكثر من رسالة في الفترة الماضية بأن العبث بأمن طريق الجنوب لم يعد مسموحا، وتشير المصادر الى أن هناك من يرى أيضا أن هذه الحوادث الامنية المتنقلة هي لزوم التسوية السياسية التي بدأت تظهر بوادرها، وستستكمل الإثنين المقبل في الاستشارات النيابية الملزمة.
وتشدد المصادر على ضرورة الفصل بين الحوادث الأمنية التي وقعت في خلدة، وبين الإرهابيين الذين عادوا لينشطوا على الساحة اللبنانية، بدليل عملية التوقيف التي قامت بها القوى الأمنية لشخص سوري الجنسية ينتمي إلى عصابة داعش الإرهابية لتخطيطه استهداف دوريات للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي خلال تحركها في منطقة الجميزة في بيروت.
وتلفت المصادر النظر الى أن القلق الأمني الأساسي ناتج من الجماعات الإرهابية التي تُدار من خارج الحدود، وتحديدا من سوريا والعراق، كاشفة أن مخططات دول إقليمية مشاغبة في لبنان، تنجح في أحيان وتفشل في أحيان اخرى، ولكنها تستمر بالمحاولات، التي ربما لن تتوقف قريبا، ما يحتّم على الاجهزة الأمنية إعادة تفعيل العمل بالامن الاستباقي، الذي بكل تأكيد لم يتوقف يوما، مشددة على أن ليس كل ما يُقال يصدّق، اذ لا داعي لنشر الذعر بين اللبنانيين، كما حصل عندما تحدّث البعض عن توزيع للسلاح، اذ من المعلوم أن السلاح في كل منزل.
على وقع الزيارات الدولية الى لبنان، والحديث عن تسويات سياسية، تأتي الأحداث الأمنية لتُعيد خلط الأوراق، فهل تنجح ببعثرة محاولات الوصول الى حلول؟
محمد علوش