لقاء قريب بين عون والحريري وبيت الوسط أمام خيارين
بقرادوني لـ"أحوال": الفراغ قد يسّتمر لسنة ونحن أمام فوضى اجتماعية
يتجه المشهد الداخلي إلى مزيدٍ من التعقيد، بعدما نفضت فرنسا يدها من حلّ الأزمة الحكومية المرشحة للإستمرار لما بعد الإنتخابات النيابية في أيار 2022، بحسب مصادر سياسية مطلعة_ إلا إذا حصلت مفاجأة إيجابية في ضوء الحوارات الدولية الإقليمية الدائرة.
وأزاء الإستعصاء السياسي والحكومي، بدأت الكواليس السياسية تضج بسيناريوهات عدة تتراوح بين مخارج دستورية وسياسية للأزمة، وبين مشهد اقتصادي – مالي – اجتماعي – أمني كارثي، بدأت مؤشراته بالظهور على أرض الواقع مع دخول قرار رفع الدعم حيّز التنفيذ من دون إعلانٍ رسمي.
إلا أنّ مصادر عليمة كشفت لـ”أحوال” عن مساعٍ تبذل على أكثر من خط وسيط لعقد لقاء بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئس المكلّف سعد الحريري بعد عيد الفطر، سيكون حاسماً على صعيد حسم خيارات كل منهما. فيما تكشف جهات مقرّبة من رئيس المجلس النيابي نبيه بري لـ”أحوال” أنه مستمر في مساعيه لتقريب المسافة الخلافية بين عون والحريري، وأنه لا يرى في اعتذار الحريري الحلّ بل سيعقد الأزمة أكثر.
فهل يتجه لبنان إلى الإنفراج أم الإنفجار وما هي الخيارات المطروحة؟
لبنان في نفقٍ مجهول بانتظار الخارج
مصادر مواكبة للمشهد اللبناني وتطوّرات المنطقة تشير لـ”أحوال” إلى أن لبنان دخل في نفق مجهول، ولا يسعه سوى ترقب نتائج المفاوضات الأميركية – الإيرانية حول الملف النووي الإيراني، وعلى هامشها الحوارات بين الرياض وكل من طهران ودمشق”. وتوقعت المصادر أن “يستمر الوضع الداخلي على حاله حتى الصيف المقبل، أي إلى حين نضوج الحلول الدولية – الإقليمية، واتضاح المشهد بعد إنجاز سلسلة استحقاقات لها وقعها في رسم المشهد المقبل، أهمها إحياء الاتفاق النووي، الانتخابات الرئاسية السورية، والإنفتاح السعودي العربي على دمشق الذي سيطلق مرحلة سياسية اقتصادية جديدة في سوريا، لا سيّما إعادة الإعمار وعودة النازحين السوريين، ما يتطلّب وجود حكومة لبنانية تتلقف التحوّل في المشهد السوري قد لا تكون برئاسة الحريري في ظل المعارضة السعودية.
إلا أنّ الحريري، وبحسب ما تؤكد أوساطه لموقعنا، ليس في وارد الإعتذار في الوقت الراهن وهو لايزال يمارس دوره كرئيس مكلّف، وينتظر أن يوافق رئيس الجمهورية على التشكيلة الحكومية. ولن يعتذر إلا في حال أيقن بأن اعتذاره يحظى بأغلبية نيابية تنزع منه التكليف ضمن حل شامل ينقذ البلد”.
في المقابل، يُحذّر رئيس الجمهورية في دوائره المغلقة بأنه لن يسمح باستمرار الوضع القائم وهو بصدد تحضير شيئ ما. فهل يملك أوراقاً سياسية دستورية شعبية لدفع الحريري للإعتذار؟
بقرادوني: لا يستطيع رئيس الجمهورية لوحده قلب المشهد
في سياق ذلك، يرى الوزير السابق المحامي كريم بقرادوني في حديث لـ”أحول” أنّ “العمق الحقيقي للأزمة الحكومية يتمثل بالموقف السعودي السلبي من ترؤس الحريري للحكومة الجديدة لاعتبارات شخصية وسياسية عدة”. ويوضح أن تحميل رئيس الجمهورية مسؤولية الأزمة الحكومية ينطوي على ظلم كبير. فمنذ تكليف الحريري لم يعد الحل بيد الرئيس، بل باتت مسؤولية التأليف مشتركة بينهما بالتعاون مع الأطراف السياسية الأخرى.
وأمام الحريري، إما اتخاذ المبادرة بجرأة وتأليف حكومة بموافقة رئيس الجمهورية، وإما تقديم اعتذاره ويصار إلى الدعوة لاستشارات نيابية جديدة لتكليف شخصية أخرى وفق الدستور. ويضيف أن رئيس الجمهورية لا يملك صلاحية عزل الرئيس المكلّف بل مجلس النواب فقط، وهذا غير وارد في ظل وجود أكثرية نيابية لاتزال داعمة له.
أما عن فرضية الإستقالة من المجلس النيابي، فيؤكد بقراودوني أن “الإستقالة وتقصير ولاية المجلس تحتاجان إلى أكثرية نيابية غير متوافرة اليوم؛ علاوة على أنّ هذا الخيار ليس الحل، سوى أنه ينزع التكليف من يد الحريري؛ لكنه لن ينتج بالتأكيد حكومة جديدة. فضلاً عن أن هذا الخيار يفقد جدواه مع اقتراب موعد الإنتخابات النيابية المقبلة بعد أقل من عام. وحتى لو سقط المجلس لن تجرى الإنتخابات قبل ستة أشهر؛ كما ليس بالضرورة أن تؤدي التسويات الخارجية قيد التبلور إلى حل في لبنان وربما تتأخر وربما يكون لبنان على آخر جدول الأولويات الذي يضم عشرات القضايا والأزمات.
ويبدي بقرادوني خشيته بأن يبقى الوضع اللبناني على حاله حتى الإنتخابات النيابية المقبلة التي ستجرى حكماً في موعدها وتليها الإنتخابات الرئاسية.
لكن هل يحتمل الوضع المعيشي والاقتصادي لعام إضافي؟
مخاوف من نشوء كانتونات مناطقية
يعتقد بقرادوني بأنه حتى لو تم تأليف حكومة بعد شهر أو شهرين، فلن تكون قادرة على معالجة الأزمات المتفاقمة في ظل الطبقة السياسية الحالية المتصارعة. فكيف بالأحرى إذا لم تؤلف! ويرى مشهداً من الفوضى الاجتماعية والأمنية، يليه ثورة أو انتفاضة شعبية كبرى ليس معروف شكلها ونتائجها. ويخشى من أن تؤدي الأزمة الاجتماعية إلى ولادة كانتونات مذهبية طائفية غير معلنة تتولاها الأحزاب السياسية والمراجع الطائفية، وذلك كحصانة وحضانة لبيئاتها الشعبية من خطر الجوع والفقر والمخاطر الأمنية. لكن ذلك لن ينجح لكون أغلب الأحزاب لا تملك القدرة على تأمين كل المتطلبات اليومية كبديل عن الدولة باستنثاء حزب الله وبعض القوى الأخرى.
محمّد حميّة