مجتمع

إيران ومصر: اعتقالات بالجملة لمتهمين بالاغتصاب

أشاد نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بانتصار نادر ضد العنف الجنسي في الشرق الأوسط، بعد أن أعلنت كل من إيران ومصر اعتقال أشخاص متهمين بجرم الاغتصاب كشفتهم نساء على الإنترنت. وانتقل ضحايا الاعتداء الجنسي في المجتمعات الإسلامية المحافظة إلى وسائل التواصل الاجتماعي للتعرّف على جلاديهم المزعومين في سلسلة من القضايا البارزة المستوحاة من حركة “أنا أيضًا”  أو Me Too.  وأعلن رئيس الشرطة في طهران حسين رحيمي عن اعتقال “كيفان إمامفيردي”، طالب الفنون السابق في جامعة طهران، المتهم بارتكاب جرم الاغتصاب.

وأطلقت العشرات من النساء حملة على الإنترنت لاتهام إمامفيردي، الذي يملك مكتبة قريبة من الجامعة، بإغرائهن إلى منزله وتسميمهن قبل القيام باغتصابهن.  وأول ما انطلقت الحملة على تويتر عبر إحدى ضحاياه  مع هاشتاغ rape ، انضمت 20 أخريات على الأقل لفضحه، كما تقدمت إحدى بنات عمومته للشهادة بأنّها كانت تخاف دائماً من تحرّشه بها.  وأصبح اعتقال السيد إمامفيردي قصة رائجة على وسائل التواصل الاجتماعي الإيرانية صباح الأربعاء، حيث أشادت النساء بالتحقيق في القضية.وقالت إحدى مستخدمات تويتر “الإنجاز في هذه القصة ليس اعتقاله، لكن بخلق فرصة تتمكّن ضحايا حالات الاغتصاب من خلالها التحدث عن تجاربهن.

بالمقابل، استنكر أحد أصدقاء المتهم، وكتب:  “كيفان إمام كان أحد أصدقائي المقربين عندما كنت في طهران، ولقد كان أكثر الأصدقاء الأخلاقيين وأفضلهم. لماذا تحكمون عليه من طرف واحد؟ لماذا لا تريدون أن تسمعوا صوته؟ هذا عار عليكم. ”  وتأتي القضية بعد أن أصدر النائب العام المصري هذا الأسبوع مذكرات توقيف وحظر سفر لستة رجال متهمين باغتصاب جماعي مزعوم لفتاة تبلغ من العمر 18 عامًا في فندق فخم قبل ست سنوات. كما تم “الكشف” عن المشتبه بهم على وسائل التواصل الاجتماعي الشهر الماضي. وتسبّب عدم  اتخاذ أي إجراء سابق ضد الرجال- يقال إنهم من عائلات ذات سلطة- في غضب عام بعد نشر تفاصيل محنة المرأة المزعومة عام 2014 على حساب إنستغرام مصري مع أكثر من 180 ألف متابع. في وقت سابق من هذا الشهر، استجوب ممثلو إدعاء الضحية المزعومة، التي قيل إنّها تعرضت للتخدير قبل أن يغتصبها عدة رجال، بعد أن تقدم عدة أشخاص للإدلاء بأقوال حول الحادث. وقيل إنّ الاغتصاب وقع بعد حفلة في فندق فيرمونت نايل سيتي من فئة الخمس نجوم بالقاهرة.وسبق أن اتهم حساب ما يسمى بشرطة الاعتداء Assault Polic”e”على انستغرام، والذي كشف القضية، الشاب أحمد بسام زكي، 24 عاما، وهو طالب جامعي من عائلة ثرية، باغتصاب وابتزاز عدة نساء،  وهو الآن قيد التحقيق.  ويزعم المدعون العامون المصريون أنّ زكي اعترف باستخدام صور غير محتشمة لتهديد النساء، فيما نفى اتهامات أخرى. وقد تم إيقاف حساب Assault Police مؤقتًا بعد أنّ تلقى أصحابه تهديدات متكررة بالقتل على الرغم من إعادة تنشيطه منذ ذلك الحين. وقال المجلس القومي للمرأة الذي تديره الدولة في مصر في بيان إنّ قرار المدعي العام بعث برسالة طمأنة وراحة للنساء اللائي يشعرن منذ فترة طويلة بالحرمان في الدولة المحافظة ذات الأغلبية المسلمة.

وفي غضون ذلك، حثّ العميد رحيمي، في طهران، ضحايا الانتهاكات على التقدم بدعاوى، متعهداً بحماية هوياتهن لحمايتهن من وصمة العار. وقالت روتنا بيغوم، المتحدثة باسم هيومن رايتس ووتش عن حقوق المرأة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، “إنّ الناشطات في جميع أنحاء المنطقة “يتحدن الآن حول قضايا محددة ويسمين الأشخاص على الإنترنت”، حيث بدأت الشرطة في الاهتمام بقضايا كانت غير مسموعة.  وأضافت: “على الرغم من وجود مخاوف بشأن التسمية والتشهير، إلاّ أن كل هؤلاء النساء يردن أن تستمع لهن السلطات وتحقق فيها، لأنّهن ما زلن يواجهن بشكل أساسي ثقافة الإفلات من العقاب على التحرش والانتهاك الجنسي”. وأشارت بيغوم أنّ “في العديد من البلدان، يُعد التحدث علنًا عن النساء من المحرّمات، ليس فقط بسبب الضغط من أسرهن ومجتمعهن، ولكن من نظام العدالة الجنائية الذي يعتقدن أنّه لن يأخذهن على محمل الجد أو قد يقاضيهن لتقديمهن دعاوى”.

إلى ذلك، صوّت البرلمان المصري الأسبوع الماضي بالموافقة على قانون جديد لحماية واخفاء هوية ضحايا التحرش أو الاعتداء الجنسي، في خطوة وصفها نشطاء بأنها “بداية ثورة نسوية”.

بالمقابل، اتهم بعض المدعين العامين المصريين عدة نساء بـ “التحريض على الفجور” بعد أن نشرن مقاطع فيديو لهن يغنين ويرقصن على تطبيقات مثل إنستغرام وتيك توك، في خطوة يقول نشطاء إنّها قد تقوض حقوق المرأة.

في المقلب الآخر، تم توجيه تهمة  بالتحريض على “الفجور” إلى فتاة تبلغ من العمر 17 عامًا شاركت مقطع فيديو مباشرًا على  تطبيق انستغرام تظهر فيه بلباس البحر، فيما تظهر كدمات على وجهها وتدعّي أنّها تعرضت للضرب والاغتصاب. وفيما تم القبض على الرجال الستة حينها، فقد تم القبض على الفتاة معهم ووجهت إليها تهمة التحريض على الفجور و”انتهاك مبادئ الأسرة وقيمها” بناءً على أقوال البعض. وهي  الآن لا تزال قيد التحقيق في ملجأ تديره الحكومة لضحايا الانتهاكات، وقد أدانت منظمة العفو الدولية القضية باعتبارها “ظلمًا مروّعًا يخاطر بإيقاف النساء الأخريات عن التحدث علانية”.

وقال رضا الدنوبكي، المحامي والمدير التنفيذي لمركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية: “إن الرجال المتهمين بالاغتصاب أو الاعتداء الجنسي، في حال إدانتهم، يمكن أن يتوقعوا أيضًا أن يُحكم عليهم بالسجن الشديد في إيران ومصر. و أضاف، “نأمل أن تحقق النساء وسط هذا الزخم مكاسب أكبر في مساعيهن للحماية القانونية من العنف الجنسي بجميع أشكاله”.

لطيفة الحسنية

لطيفة الحسنية

صحافية متخصصة في الإعلام الرقمي. أطلقت حملة لمكافحة الإبتزاز الالكتروني عام 2019، تناولت تدريب الضحايا على كيفية التخلّص ومواجهة جرم الابتزاز تضمنت 300 حالة حتى تموز 2020. عملت كمسؤولة إعلامية في منظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى