لجنة إدارة اللقاح تستعين بـ”أسترازينيكا” لتغطية فشلها
كميات "فايزر" مخيبة للآمال وخطة التلقيح في خطر
جاءت كمية اللقاحات المقرّر وصولها إلى لبنان وفق خطة اللجنة الوطنية لإدارة لقاح “كورونا” مخيّبة للآمال والتوقعات، ما يُعرّض خطة التلقيح في لبنان إلى خطر الفشل الذريع. فبعدما أغدقت اللجنة الوطنية الوعود على اللبنانيين منذ الصيف الماضي باستيراد مئات الآلاف من لقاحات “فايزر” الأميركي، بموجب عقود مع الشركة المنتجة والمصدّرة، جاءت النتيجة صادمة على اللجنة ورئيسها الدكتور عبد الرحمن البزري أولاً، وعلى المعنيين بالشأن الصحي ثانياً. إذ كان متوقعاً وصول دفعات إضافية من اللقاح الأميركي في شهري شباط وآذار الماضيين. لكن “ذاب الثلج وبان المرج”، ولم تلتزم الشركات المصدّرة بالكميات المتفق عليها مع الدولة اللبنانية، ولم يصل إلى لبنان من لقاح فايز حتى الساعة سوى القليل.
هذه الصدمة أصابت الطاقم الطبي القيّم على عملية التلقيح بإرباك شديد، سيّما وأنّ تأخير خطة التمنيع المجتمعي وعدم الإلتزام بالمراحل المحددة وفق خطة التلقيح يحملان مخاطر كبيرة، ويضعفان قدرة لبنان على مواجهة انتشار وباء كورونا وتجاوز هذه الجائحة الخطيرة بأقل الأضرار والأثمان.
اللجنة تلقت تحذيرات حول تعثر شركة “فايزر”
ما يطرح السؤال التالي: من يتحمل مسؤولية هذا التقصير والإهمال في موضوع بهذه الأهمية الكبيرة؟ علماً أن أعضاء اللجنة التي تضم إلى جانب البزري، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية الدكتور وليد خوري، والدكتورة بترا خوري، والدكتور عيد عازار، ومدير المستشفى الحكومي الدكتور فراس الأبيض (الموعود بوزارة الصحة في حكومة الحريري العتيدة)، ونقيب الأطباء الدكتور شرف أبو شرف، كانوا على علمٍ بأن الشركات لن تستطيع تسليم لبنان الكمية المطلوبة.
فقد علم “أحوال” أنّ اللجنة تبلّغت من مراجع وجهات صحية داخلية وخارجية، ومنذ شهر آب الماضي، بأن شركة “فايزر” تواجه إشكاليات في إنتاج الكميات المنتجة للحاجات المطلوبة، لا سيّما فقدان الزجاج الذي يُوضب فيه اللقاح للحفاظ على جودته ما سيؤدي إلى تعثرها في تنفيذ وعودها في المدة المحددة. وكان أكثر من طبيب لبناني أخصائي في لبنان وبلاد الإغتراب وأبرزهم المدير الطبي في مؤسسة “DiagnosTechs” الدكتور مارون الخوري قد حذروا وعلى مختلف شاشات التلفزة، وعلى مسمع الجميع، معظم أعضاء اللجنة وعلى رأسهم الدكتور البزري بأنّ الشركات لن توفي بوعدها بتسليم لبنان الكمية الضرورية لتمنيع المجتمع، وذلك لأسباب مادية وصناعية ولوجستية تتعلّق بالشركة نفسها بسبب الإقبال الكبير عليها من دول العالم. إذ لم تستطع تلبية حاجة الولايات المتحدة الأميركية ودول أوروبية عدة؛ فكيف بلبنان؟
فلماذا لم تبادر اللجنة في حينها إلى اتخاذ خطوات إستباقية وإحترازية لتأمين حاجة لبنان من اللقاحات من مصادر أخرى؟ ولماذا وضعت كل رهاناتها على شركة واحدة علماً أن هناك لقاحات أخرى آمنة؟ وكان البزري قد اعترف وأقر منذ وقت قريب بأن شركة “فايزر” “كذبت علينا”؛ واللافت أّن البزري ولتغطية هذا الفشل كرّر وعده لللبنانيين منذ أسابيع قليلة بأن مليون ونصف جرعة من لقاح “فايزر” سيصل الى لبنان خلال ثلاثة أشهر.
ويشير مطلعون على الملف إلى أنّ “تهديد البزري بالإستقالة منذ حوالي الشهرين لم يكن بسبب فضيحة تطعيم النواب في المجلس النيابي، بل هي عملية تهرّب بسبب فشل اللجنة في تأمين على كمية اللقاحات اللازمة للتمنيع المجتمعي”.
الآن، وبعد فوات الأوان أقرّ أعضاء اللجنة بالحقيقة المرّة. فقد حذر نقيب الأطباء أمس بأنّ “الدولة المصنعة للقاحات لا تعطي لبنان الكمية الكافية”، مسوّقاً للقاح “أسترازينيكا” بأن “محاسنه أكثر من مساوئه”. فيما كشف رئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور عاصم عراجي أنّ “عدد اللقاحات التي تصل الى لبنان مازالت قليلة والسبب أن الشركات الكبرى “فايزر” و”موديرنا” تحصر اللقاحات بدولها ولبنان يأتي بلقاح فايزر من بلجيكا”.
اللجنة لم تبادر إلى تأمين اللقاح من مصادر أخرى
تشير المصادر إلى “أن اللجنة أخطأت برهانها على شركة واحدة وعلى لقاح واحد، وكان يجب عليها الطلب مع منظمة الصحة العالمية تأمين أنواع أخرى من اللقاحات والتفاوض مع شركة “فايزر” في ألمانيا وبلجيكا لتأمين لقاحات في وقت سريع إضافة للتحرك باتجاه الصين لتأمين لقاح “سينوفارم”. ووفق معلومات “أحوال” فقد طلبت رئاسة الجمهورية وقيادة الجيش استشارة جهات طبية حول اللقاح الأكثر ضمانة، فجاء الجواب بأن اللقاح الصيني هو الأكثر أماناً لأنّه لقاح تقليدي. لذلك اعتمدت قيادة الجيش اللبناني اللقاح الصيني لتلقيح أفراد المؤسسة العسكرية.
لبنان يستورد لقاح الموت كبديل عن “فايزر” و”موديرنا”
وأزاء هذا الواقع والمأزق الخطير لم يبقَ أمام القيمين على الشأن الصحي في لبنان سوى لقاح “الموت” / أسترازينكا كما يوصف في أوروبا الشمالية؛ وهو لقاح مُصنّع من قبل شركة سويدية بالتعاون مع جامعة “أكسفورد” في بريطانيا. فيما منعت الولايات المتحدة الأميركية استخدامه كما أنّ السعودية أوقفت استيراده. وحاولت اللجنة التغطية على فشلها بتأمين الكميات الضرورية للقاح فايزر وموديرنا، فسارعت لتأمين كميات كبيرة من لقاحات “أسترازنيكا” للتعويض عن لقاحات” فايزر”.
وبحسب المعلومات، فإنّ مسؤولة صحية رفيعة في بريطانيا طلبت وقف إعطاء هذا اللقاح إلى الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 50 سنة فيما تردد المسؤولة نفسها في الغرف المغلقة بأنها ليست مرتاحة لتلقي هذا اللقاح لكل الفئات العمرية.
فألم يحن الأوان لإعلان اللجنة فشلها بإدارة خطة التلقيح والمبادرة إلى الإستقالة؟
أحوال