منوعات

هل يُعاقب أردوغان في الإقليم؟ 

أ. لا بدّ أن تستعيد كييف ما كان حصل مع جورجيا حين رغبت بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي. ممّا يؤكد ألّا تسامح روسيًا مع أي خطوة تؤثر على الأمن القومي للاتحاد الروسي. لذا، لا يستطيع الرئيس الأميركي جو بايدن فرض أي برنامج معادي لموسكو على حدود روسيا، في أوكرانيا تحديدًا.

إذا كانت ألمانيا تسعى لتسويق مشروع تسوية بين الأميركيين والروس، فهي تريد القول: لن أكون طرفًا في أي نزاع سيكون حادًا جدًا بين موسكو وواشنطن، لكن هناك علامات إستفهام تتراكم حول تصرف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يحاول اللّعب على التناقضات: يسترضي بايدن ضمنيًّا من جهة، ويحاول أن يطمئن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين علنًا من جهة ثانية، لاعتبارات تصبّ في إطار مصالح أردوغانية.

إذا أراد بوتين معاقبة الرئيس التركي، فلديه وسائل مؤلمة عدّة، أبرزها اقتصادية: تستطيع موسكو أن تمنع مواطنيها من الذهاب إلى تركيا. خلال سنة 2019، زار أكثر من سبعة ملايين سائح روسي المناطق التركية، وهم يؤمّنون للاقتصاد التركي سنويًا أكثر من أربعة مليارات دولار، في وقت يحتاج فيه أردوغان للعملات الأجنبية نتيجة سوء الوضع المالي التركي الذي أدى لاهتزاز قيمة العملة.

يمكن العودة أيضًا إلى محطة عام 2015، يوم قيّد بوتين الرحلات الجوية لتركيا ومنع استيراد الفاكهة والخضروات منها، بعد إسقاط الجيش التركي طائرة عسكرية روسية.

كما أنّ قرار تعليق الرحلات الجوية الروسية إلى تركيا، رغم اتّخاذه عنوان الحدّ من وباء كورونا، إلاّ أنّه يتضمّن تحذيرات مبطّنة لأرودغان. كان يمكن أن تسمح موسكو بتسيير رحلاتها كما تفعل مع ألمانيا، أي بالسماح برحلات لمدن معينة بصورة منضبطة.

فهل سيبقى أردوغان يلعب في مساحة التناقضات الروسية-الأميركية؟

لا يبدو أنّه سينجح هذه المرة بعد احتدام الصراع الأميركي-الروسي. فإذا انحاز إلى الأميركيين كما يفعل الآن إزاء تعامله مع أوكرانيا، فسيلقى عقابًا اقتصاديا روسيًا-صينيًا، خصوصًا أنّ العملاق الصيني قرّر مواجهة مشاريعه الإيغورية، ولن يتركه يستغلّ قرار الصين بعدم الدخول في نزاع مع أي قوّة إقليمية او دولية حاليًا. عدا عن أنّ الصين تتبنى مع روسيا عمليًا خيار وحدة التصدّي للمشروع البايدني بكلّ الوسائل، وفي أيّ مكان.

يعرف أردوغان أنّ لعبتَه باتت مكشوفة: فهل يبقى يمارس الخداع مع موسكو وبكّين وأيضًا مع طهران؟

يبدو أنّنا مقبلون على معارك “كسر العظم”، وهو ما تهيّبته برلين، بينما سيدفع أردوغان ثمنه بكلّ اتّجاه، إلاّ في حال حيّد نفسه عن ملف أوكرانيا، وأزال من حساباته مشروع العبث الأمني عبر مجموعات إسلامية متطرفة خاضعة لأوامره، ونزع خنجره من الخاصرة الروسية، ثم سلّم بفشل مخططه التمدّدي في سوريا، وسحب غطاءه الكامل عن “الإخوان المسلمين” كما فعل في مصر مبدئيًا، وتصالح مع العرب، وتكامل مع الإيرانيين… فلننتظر ونرَ.

 

 

عباس ضاهر

عباس ضاهر

كاتب وصحافي لبناني. باحث متخصص بإدارة الأزمات والخطاب السياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى