لم يسلم خبز المواطنين اليوميّ من الانهيارات المتلاحقة في كلّ القطاعات، إذ أعلنت وزارة الاقتصاد والتّجارة عن رفع سعر ربطة الخبز إلى ثلاثة آلاف ليرة لبنانية، بعد أن كانت قد رفعته سابقًا إلى ألفي ليرة.
الوزارة وفي بيان لها تذرّعت بالانخفاض الكبير لقيمة اللّيرة اللّبنانية مقابل ارتفاع سعر صرف الدولار نتيجة لعدم تشكيل الحكومة، وانعكاس ذلك على أسعار المواد الأوّلية التي تدخل في إنتاج ربطة الخبز، واستناداً الى سعر القمح في البورصة العالمية، وسعر المحروقات، لذلك قامت برفع سعر ربطة الخبز اللّبناني “الأبيض” حجم كبير بوزن 960 غرام كحدٍ أدنى، بسعر 3000 ليرة لبنانية كحدٍ أقصى، والحجم الوسط بوزن 445 غرام كحدٍ أدنى، بسعر 2000 ليرة لبنانية كحدٍ أقصى، وذلك بهدف الاستمرار في إنتاج ربطة الخبز وعدم المسّ بالأمن الغذائي، حسب اعتبار وزارة الاقتصاد والتّجارة في بيانها.
والسؤال الذّي يطرح نفسه، ألم تسأل الوزارة نفسها عن حجم الأرباح الّتي تجنيها الأفران من بيع كلّ أنواع الخبز غير الخبز اللّبناني الأبيض؟ بدءًا بالخبز الإفرنجي والتّنور والصّاج والكعك وصولًا إلى الكورواسون والكعك المحلّى (الدوناتس) والكيك والبيتيفور؟ كذلك الأرباح الكبيرة التي تجنيها الأفران من بيع الأجبان والألبان، والتي تعوّض كثيراً عن بعض الخسائر في الخبز اللّبناني حسب ما يدّعي أصحاب الأفران؟.
أحوال حاول الاتّصال مرّات عدّة بنقيب أصحاب الأفران علي ابراهيم للوقوف على هذه الخطوة إلّا أنّه آثر عدم الردّ على أي من الاتصالات والرسائل.
أمّا مدير عام الحبوب والشمندر السّكري جريس برباري فيقول في حديث لـ”أحوال”: نحن ملزمون برفع سعر ربطة الخبز لأنّ سعر القمح ارتفع عالميًّا، وأسعار المحروقات أيضًا، وانهيار اللّيرة اللّبنانية أمام الدولار الأميريكي، كذلك اليد العاملة الأجنبية التي تتقاضى رواتبها بالدولار، وأسعار أكياس النايلون، وأعمال الصّيانة التي تجريها الأفران كلّها بالدولار، كل هذا حتّم رفع ربطة الخبز اللّبناني، بعد الكثير من الأخذ والرّد، حتّى رفعنا سعرها ألف ليرة لبنانية إضافيّة وزدنا وزنها إلى 960 غرام”.
وردًّا على السؤال حول الأرباح التي تجنيها الأفران من باقي المنتجات والمبيعات لديها، أكّد برباري أن الأفران تربح بالخبز العربي 8% وهذا رقم صغير مقارنة بباقي السّلع، ونحن نضغط لكي لا يتجاوز هذا الرّقم، مع العلم أنّ الأفران تعوّض ربحها القليل بربح أكبر في الخبز الإفرنجي إذ يصل ربحهم إلى قرابة 20% والكعك إلى ما يقرب 30%.
ولفت برباري إلى أنّه إذ انخفض سعر القمح عالميًّا وانخفض سعر صرف الدولار مقابل اللّيرة في الأيّام القادمة، فمن المؤكّد أنّ سعر ربطة الخبز سيعود إلى ما كان عليه، والإدارة العامة للحبوب والشّمندر السكري ستفرض على الأفران حينها تخفيض سعر ربطة الخبز، لأنّ هذه الربطة تحديدًا تعني الفقراء، لعدم قدرتهم أصلًا على شراء المنتجات الباقيّة.
جيوب الفقراء شبه الفارغة ملجأ التّجار الكبار في ضائقتهم، فكل نقص في أرباحهم يعوّضونه من جيوب المواطنين، عبر رفع أسعار المنتجات الأساسيّة التي لا غنى عنها ومنها الخبز، ومن يدري ربما اذا استمرّ الوضع تدهورًا، سيصبح دعاء المواطن: أعطنا خبزنا كفاف صباحنا، كي يضمن بقاءه على قيد الحياة ليوم واحد، لأنه لا أمل له بالبقاء لليوم الذّي يليه.
منير قبلان