صحة
أخر الأخبار

المستشفيات تفيض بكورونا وتدفع للإقفال.. استعدوا للأسوأ

“في لبنان انتقلنا من مرحلة الغرف المليانة… إلى مرحلة الكوريدورات” هذه العبارة التي كتبها طبيب الطوارئ في مستشفى بيروت الحكومي محمد بولاد على الفيسبوك، ليست ورغم سرياليتها من قبيل المبالغة والتهويل، بل تعكس حال المستشفيات التي طفحت بمرضاها، بعد أن فلتت زمام الكورونا من يد المسؤولين المولجين محاربة الداء والحد من انتشاره.
فهل كان لزامًا على بلد استنزفته المصائب في الشهور الأخيرة أن يدوس عتبة الخطر كي يعود ويأخذ احتياطات كان من أقلّ الواجب أن ينتهجها في وقت سابق؟ ألم يكن باستطاعة اللّبنانيين شعبًا وحكومة تجنّب الوصول إلى مرحلة اللّاعودة؟.

 

في خطوة بطيئة وفائتة لأوانها، قرر وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي إقفال المؤسسات الخاصة ومنع كافة التجمعات الشعبية والمناسبات الاجتماعية على جميع أنواعها، لأكثر من أسبوعين ابتداءً من الساعة السادسة من صباح يوم الجمعة في 21 آب 2020 ولغاية الساعة السادسة من صباح يوم الاثنين في 7 أيلول 2020.
الاقفال النصفي يأتي على خلفية المعطيات الطبية التي تظهر استنفاد القدرات الاستيعابية لكافة المؤسسات الاستشفائية المجهزة لاستقبال مرضى الكورونا لا سيّما أنّ سرعة انتشار الوباء في الأسبوعين الماضيين تجاوزت 64% من مجموع الإصابات التي سجّلت منذ بداية الوباء حتى وقوع الانفجار، إذ سجّل 3464 حالة من أصل 5417.

يُسمح للوافدين والمغادرين من وإلى مطار بيروت الانتقال شرط حيازتهم على صورة عن تذكرة السفر

ويشمل الإقفال المؤسسات الخاصة والأسواق التجارية والأسواق الشعبية والشركات التجارية والكورنيش البحري والمرافق السياحية والملاعب الرياضية الداخلية والخارجية والنوادي والمسابح العامة والخاصة والمطاعم والمقاهي والنوادي والملاهي الليلية وغيرها.
ويُعدّل بموجب المرسوم توقيت منع الخروج والولوج إلى الشوارع والطرقات ليصبح ما بين الساعة السادسة مساءً ولغاية السادسة فجراً من كل يوم.
علمًا أنّه يُسمح للوافدين والمغادرين وناقليهم من وإلى مطار بيروت الدولي الانتقال شرط حيازتهم على صورة عن تذكرة السفر كمستند إلزامي.

ترافقًا، عقدت لجنة متابعة التدابير والاجراءات الوقائية لفيروس كورونا اجتماعاً في السراي الكبير، وأوصت بما يخص العام الدارسي والجامعي باعتماد التعليم المدمج (جزء حضوري وجزء عن بعد)، على أن لا تتعدى نسبة الحضور 50% بالإضافة إلى تنفيذ إغلاق جزئي للقطاعات الاقتصادية لمدّة أسبوعين.
كما أوصت اللّجنة بانتداب الدكتورة باسكال سلامة من الجامعة اللّبنانية للتواصل والتنسيق مع برنامج الترصد الوبائي لدى وزارة الصحة، والإسراع بتحديد تعرفة معالجة المصابين بفيروس كورونا لدى المستشفيات.

 

انعكاس الاقفال على الاقتصاد

رغم الزاميتها، تأتي خطوة الاقفال في وقت حرج، بحيث يرزح لبنان تحت وطأة أزمة مالية واقتصادية خانقة، ما سيضيف على عاتق المواطنين أعباء قد لا تكون بنتيجتها ألطف من الإصابة بالوباء ذاته.

ويرى المدير العام للمجلس الاقتصادي والاجتماعي محمد سيف الدين أنّ إغلاق البلد للحد من انتشار الوباء حتمًا سيكون له تأثيرُ سلبيُّ جدًا على الوضع الاقتصادي كون لبنان أصلا قبل كورونا منهار اقتصاديًا.

وتباطأت عجلة الاقتصاد في لبنان إلى حدٍّ توقفت فيه عن العمل بسبب الأزمة المالية التي تحوّلت إلى أزمة نقدية لاحقا والتي هي أصلا ناتجة عن الخلل بالنهج الاقتصادي المتّبع لسنوات خلت وعن عدم كفاءة الدولة بادارة الاقتصاد وغياب التخطيط الاقتصادي للمدى البعيد.

وبهذا الصدد يقول سيف الدين لـ “أحوال”: “يوجد لدينا نموذج اقتصادي غير مفهوم يعتمد على قطاعات شديدة التأثر بالأمن والسياسة وبالتالي أصبح اقتصادنا هشًّا يتأثر بأي حدث وخصوصًا اذا كان حدثا يفرض الإقفال التام مثل فيروس كورونا”.
يُذكر أنّ القطاع الخاص المنوط به الالتزام بقرار وزارة الداخلية بالاقفال لأسبوعين يعاني إلى حدّ الاحتضار، إذ فقد السوق 150 الف فرصة عمل من 17 تشرين حتى اليوم.

ويرى سيف الدين أنّ لبنان قد لا يتحمل اقتصاديا الإقفال من جديد ولكن صحة الناس وحياتها أهم من أي تبادل تجاري وعجلة اقتصادية، مضيفًا: “من يخاف على رزقه وعمله عليه أن يلتزم بالإجراءات كي لا تطول مدّة الاقفال، فمجرد التزام الناس بالاجراءات من ارتداء الكمامة والمحافظة على التباعد والتعقيم الدائم يلجم تفشي الوباء”.

نُهاد غنّام

نُهاد غنّام

صحافية تمارس المهنة منذ العام 2007، حائزة على الماستر في الصحافة الاقتصادية من الجامعة اللّبنانية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى