صحة

الأطباء وتعرفة المعاينة الهاتفية: بين العبء والضرورة

هل دخلت خدمة تحصيل أتعاب الأطباء عبر الخليوي حيّز التنفيذ؟ و هل بدأ الأطباء بتقاضي بدل أتعابهم جراء اتصالات مرضاهم بهم بدل زيارتهم في العيادة؟ وهل ستضع تعرفة الـ7500 ل.ل. على الاتصال بالطبيب حداً للإستشارة المجانيّة؟

اشتراك شهري

أطلقت نقابة الأطباء في بيروت عام 2019 خدمة تحصيل أتعاب الأطباء عبر الخليوي بالشراكة مع كل من وزارة الاتصالات وشركتي Alfa وTouch؛ وقد وافق مجلس نقابة الأطباء في بيروت، بالإجماع، علىcallmed  للأطباء للمُنتسبين إلى النقابة، عبر تلزيمه لشركة Arbooster. وتم تحديد بدل الخدمة للمُتصل إشتراكاً شهرياً بقيمة 7500 ل.ل. مهما بلغ عدد إتصالاته.

الـApplication  الخاص

ورغم أن النقابة لم تُعلن حتى الآن موعد بدء تنفيذ المشروع، إلا أنّ نقيب الأطباء شرف أبو شرف، أكد لـ”أحوال” أن المشروع إنطلق، لكن يبقى على كل طبيب إنزال الـApplication  الخاص لإدراج رقم هاتفه.

12500 طبيب لبناني

وفق تقديرات البعض، يصل المعدل الوسطي للذين يتواصلون مع طبيبهم شهرياً إلى نحو 20 مريضاً. ومع احتساب عدد الأطباء المنتسبين إلى النقابة والبالغ نحو 12500 طبيب، فإنّ نحو مليار و875 مليون ليرة ستجنيها النقابة من الاتصالات من داخل لبنان فقط.

ويؤكد الدكتور أبو شرف، أنّ خدمة الـ Callmed جاءت بناءً لطلب عدد من الأطباء مع انتشار كورونا، نظراً لصعوبة المعاينة الميدانية بسبب التعبئة العامة. فالخدمة توفّر على المريض التنقلات والعلاج بكلفة بسيطة مقارنة بالمعاينة المعتمدة. ويشرح أبو شرف لـ”أحوال” موقفه المؤيد للمشروع، قائلا “إنها تعرفة هزيلة، وقيمتها لا تتعدى ثمن كيلو خيار، وهي خدمة غير إلزامية”. علماً أن عدداً من المستشفيات حدّدت البدل المالي للطبيب في عياداتها بـ225 ألف ليرة.

مورد سنوي

ويضيف النقيب أبو شرف “خدمة الاستشارة الهاتفية تؤمّن مورداً معيّناً للطبيب ولصندوق التقاعد النقابي. وهي لا تخالف قانون الآداب الطبيّة، ومعمول بها في أوروبا. أما الطبيب الذي لا يرغب بالمُشاركة فيها، فيمكنه ذلك. أما بالنسبة للاتصالات التي ليست بهدف الاستشارة فيحقّ للطبيب اختيار لائحة تُعرف بـWhite List  يحدّد من خلالها الأرقام المعفيّة من كلفة الاتصال”.

 

موافقة 11 طبيباً

ويتابع أبو شرف “إتخذ القرار منذ فترة طويلة. لكن ثمة سوء فهم حول الموضوع، فهي ليست بفحصيّة”. و”أكثرية الثلثين من أعضاء مجلس النقابة وافقوا عليه، حيث يبلغ عدد أعضاء مجلس النقابة 16 وقد وافق 11 طبيباً منهم. ويبلغ عدد الاطباء المنتسبين 15000 منتسب”.

رفض نقابة الشمال

من جهة ثانية، يُبدي الدكتور سليم أبي صالح، نقيب الأطباء في الشمال، رفضه لهذا المشروع، فيقول “إلى الآن لم نقبل به، قد طرح منذ زمن لكن تم رفضه، والآن يُعاد طرحه، وقد رفضناه لأننا نعتبر أنه لا مجال لتحميل المواطن عبئاً إضافياً؛ وكي لا نقع في فخ المعاينات العشوائية وفي الاستغلال”. ويشرح “يمكننا متابعة مريض معروف لدينا عبر الهاتف، لكن مع المريض الجديد لا يمكننا ذلك”. ويبلغ عدد أطباء نقابة الشمال 2450 طبيب”.

 

الفحصية 600 ألف؟

ويبدي د.أبي صالح تأييده لرفع تعرفة الفحصيّة؛ “ففي دراسة شاركتُ فيها، أجريت بالتعاون مع كلية الاقتصاد في الجامعة اليسوعية ووفق منهج علمي مدروس، تبيّن أنه ثمة اجحاف بحق الطبيب وأنه يجب أن تكون فحصية طبيب الإختصاص 600 ألف ليرة حتى ينال حقه”. ويستدرك “30% من أطباء طرابلس أقفلوا عياداتهم بسبب الوضع الإقتصادي الصعب، لكننا لن نقبل أن يدفع المواطن أعباءًا إضافية”. ويتوقع أبي صالح هجرة “40% من أطباء لبنان حتى الصيف المقبل”.

رفض متأخر

الدكتور حسين الخنسا، عضو نقابة أطباء بيروت، وعضو جمعية الأطباء المسلمين، يقول لـ”أحوال”: “الفكرة انطلقت في آب 2019، وقد استحسناها، لكن اختلفنا حول مداخيل النقابة، وأقررناها، لكن أجلنّا الموضوع بسبب الحراك الشعبي. واليوم تم إعادة طرحها من قبل النقيب، وتم البحث عن مداخيل إضافية للطبيب ولصندوق التقاعد، وخاصة بعد الكورونا والأزمة الإقتصادية، والتي أصابت الأطباء بضرر كبير من ناحية المداخيل المستحقة لهم من الجهات الضامنة والمستشفيات”.

ويفسّر الخنسا المسألة بالقول “ليس مقابل كل اتصال يستحق الطبيب مبلغ 7500، بل عن أول إتصال من المريض بالطبيب، تأتيه رسالة تُعلِمُهُ بأنه سيتم إقتطع مبلغ مالي عن خدمة الإستشارات طيلة شهر كامل ولمرة واحدة، ومن بعدها يمكن الإتصال بأي طبيب خلال هذا الشهر من دون مقابل”.

قسمة غير عادلة

وبرأيه، “إنها غير عادلة من ناحية توزيع المداخيل بين الشركة والنقابة، وبين الأطباء والصندوق. وقد تم تقدير عدد المتصلين بحوالي مليون اتصال سنوياً، فتربح الشركة ثلاثة مليارات وسبعمائة وخمسين مليون ليرة بالتقاسم مع الدولة، وإذا قسمنا النصف الآخر على الأطباء المنتسبين، أي حوالي ثمانين إتصال لكل طبيب، وعليه يستفيد الطبيب بمبلغ زهيد يقدر 270 ألف ليرة سنوياً”.

 

الإلزامية

ويُضيف الخنسا بالقول “تم إقرار المشروع على ثلاث مراحل، الأولى هو الموافقة المبدئية، والثانية الموافقة على العقد، والثالثة توقيت الإطلاق، وهي إلزامية للأطباء؛ لكن هناك رفض في مجلس النقابة حول الإلزامية، لأن الشركة إشترطت على أنّ ٧٠٪ كحد أدنى من الأطباء يجب أن يكونوا مشتركين في الخدمة، التي سوف تتعدل بسبب خصوصية وحرية الطبيب، مع العلم أننا لم نطلع بعد كأعضاء على العقد، ولم يتم تسجيله في أمانة السِر”.

ويتابع الخنسا “بحسب النقيب، يعتبر قرار المجلس تفويضا له، وهنا الإختلاف معه في هذه المسألة”. أما القول إن الدافع وراء إقرار هذه التعرفة هو الحد من موجة هجرة الأطباء فبرأي الخنسا “نسبة الهجرة غير معروفة الحجم، لأن نقابة أطباء فرنسا فقط هي التي تشترط على الطبيب اللبناني شطب اسمه من نقابة بلده لتسمح له بالانتساب لنقابة أطباء فرنسا. لذا لا إمكانية لمعرفة عدد الأطباء المهاجرين إلى البلاد الأخرى، وخاصة إلى دول الخليج العربي”. ويختم د. الخنسا ” سيشهد لبنان تدنٍ في مستوى التعليم في كليات الطب بلبنان بسبب الهجرة”.

آراء الناس

وفي استطلاع حول المشروع، قال أحد خبراء الإدارة الصحية لـ”أحوال” ردا على سؤالنا “طبعا لا أوافق لعدة اعتبارات: أولها أن المعاينة على الهاتف ليست طريقة مهنية، إذ ستكون المقاربة للتشخيص غير تامة وستؤثر على العلاج. ثانياً: قد  يؤدي التواصل هاتفياً إلى نتائج عكسية، فالمعاينة السريرية مهمة جدا لدرجة قد تحسم وبشكل واضح التشخيص، وبالتالي يصبح موضوع العلاج أفضل. إضافة إلى أن الـ٧٥٠٠ ليرة تشكّل عبئًا على كاهل المريض”.

أما (إيمان.ق)، أم لأربعة أولاد، فقالت “نعم، أراها مناسبة، مش غلط، خاصة مع وباء كورونا، فالمريض لا يذهب إلى العيادة، ويتواصل مع الطبيب عبر التلفون. أنا مثلاً، أستشير الطبيب بخصوص أطفالي عبر الهاتف”.

سلوى فاضل

 

سلوى فاضل

صحافية لبنانية، تحمل شهادة الدراسات العليا في الفلسفة من الجامعة اللبنانية، تهتم بقضايا حقوق النساء والفتيات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى