حزب الله يكشف للإسرائيليين بعضًا ممّا يعرف
رسائل مهمة، وذات أبعاد أمنيّة رادعة، مرّرتها المقاومة عبر مقطع بثّه إعلامها الحربي، بعد يوم من ردّ السيد حسن نصرالله على تهديدات رئيس أركان جيش العدو أفيف كوخافي وتوعده باستهداف المدن والمستوطنات الإسرائيلية مقابل أيّ استهداف لمناطق مدنيّة في لبنان.
يظهر المقطع المصوّر إحداثيات دقيقة، بعضها مبنيّة على معلومات استخباراتية، لمواقع وقواعد ومصانع ونقاط قيادة وسيطرة ملاصقة أو مقامة داخل مستوطنات ومدن.
من بين النقاط التي كشف عنها، وكان لها دلالاتها الأمنيّة البحتة هي نقطة القيادة والسيطرة العسكرية المشيّدة فوق سطح مبنى جامعة حيفا. الكشف عن هذه النقطة تحديدًا سيشغل بال المؤسستين الأمنية والعسكرية في “تل أبيب”، والسؤال الذي سيطرح نفسه في “الكرياه” هو: إن كان حزب الله علم بنقطة قيادة وسيطرة فوق جامعة حيفا وكشفها لنا، فما الذي يعلمه وهو أكثر سريّة ولم يكشفه؟.
يتضح من خلال المقطع المصوّر المليء بالرسائل، أنّ المقاومة جمعت في عملها بين المسح الجوّي والعمل الاستخباري، لتحديد نقاط العدو الحسّاسة، العلنيّة منها والخفيّة، وبالتالي فإنّ ما قاله السيد نصرالله منذ مدّة حول أهميّة ما تعرفه المقاومة عن الإسرائيليين، يفسر بعض منه في “مقطع الإحداثيات”. ومن المؤكّد أنّ العدو تلقّف الرسائل، وسيتوقّف مليًّا عند كلّ إشارة خرجت وستخرج منذ لبنان، فهو بات معنيًّا بضبط خطابه وخفض سقف تهديداته، كي لا تبقى الخيبة تلاحق قادته وخططه.
في البعد الآخر، يأتي تحديد مواقع عسكريّة إسرائيلية داخل المستوطنات والمدن أو عند أطرافها في سياق الرد على المزاعم الإسرائيلية التي تتحدّث عن مواقع للمقاومة داخل المناطق المأهولة، وتتّخذ من ذلك حجّة لتسويق سياساتها العدوانية في الأمم المتحدة أو من خلال المؤتمرات الصحافية التي يعقدها قادة الكيان عند كل مفصل دون أدلّة. ما كشف سيحرج الإسرائيليين في أيّ موقف يُتخذ بعد اليوم.
ومن الرسائل المتعلّقة بالداخل الإسرائيلي، فالواضح أنّ المقاومة خاطبت المستوطنين بطريقة غير مباشرة، للتنبّه لتصرفات جيشهم الذي يعرّضهم للخطر عبر انشاءاته العسكرية داخل المناطق المدنية. في هذه النقطة يجب استحضار ما قاله السيد نصرالله العام الماضي في إحدى مقابلاته ممازحًا: إنّه من مصلحة الإسرائيليين أن يكون لدينا صواريخ دقيقة لأنّها لن تخطئ الهدف. ويتضح أنّ هذه “المزحة” كانت مقصودة ومسندة.
في المحصلة، كشف بضعة أهداف ونقاط داخل الكيان كفيل بضرب “معادلة” إسرائيلية قد تكون جزءًا من مخطّطات حربية في حال تدهور الأوضاع واندلاع مواجهة مع لبنان. لكن لا بد من الإشارة إلى أنّ ما كُشف بالأمس هو جزء من سلسلة معادلات بدأت المقاومة فرضها بمواجهة الكيان منذ عقد ونيّف من الزمن ولن تنتهي عند هذا الحدّ.
خليل نصر الله