فيديو/كريستينا فقدت والدتها وتوجّه مناشدة عبر “أحوال”: قتلها خطأ طبي وليس كورونا
حبّة مهدّىء في مستشفى رزق كانت كافية لتسريع وفاة مريضة كورونا بحسب ابنتها
لا ينتهي سيناريو الأخطاء الطبّية في لبنان، بل هو واقع قائم قبل وصول جائحة “كورونا”، التي أنهكت القطاع الطبّي والتمريضي، فباتت الأخطاء تقع وليس ثمّة من يحاسب، بحجّة أنّ الكل منهك. لكن عندما تكون حياة المواطنين على المحك، يصبح الحديث عن طمس الأخطاء استمراراً لجريمة جديدة قد ترتكب وليس ثمّة من يحاسب.
اليوم يلعب القطاع الطبي والتمريضي دوراً مشرفاً، لكن ثمّة أخطاء فرديّة تتسبّب في خسارة حياة.
كريستينا مواطنة توجّهت إلى “أحوال” لتطلق صرخة تناشد من خلالها المسؤولين، بعد وفاة والدتها مريضة كورونا بسبب خطأ طبي كما تقول، داخل مستشفى رزق، طالبةً من وزير الصحة حمد حسن متابعة هذه القضية، وتضعها برسم المعنيين.
لم يمرّ سوى سنوات قليلة على فقدان الشابة كريستينا لشقيقتها، التي كان تبلغ حين توفيت 29 عاماً، بسبب خطأ طبي حصل في مستشفى الجامعة الأميركية، ليتوفى بعدها والدها حسرةً عليها. وها هي كريستينا تستعيد أحزانها وتفقد والدتها منذ أيام بعد إصابتها بـ”كورونا”، خلال تلقيها العلاج في مستشفى رزق.
تقول كريستينا إنّ والدتها مصابة بسرطان الرئة، رغم ذلك لا تقتنع أنّها توفيت بسبب المرض الخبيث، بل ” بسبب إهمال الأطباء في المستشفى”. تبلغ والدتها من العمر 69 عاماً، وهي تتلقى علاجها عادة ً في مستشفى كليمنصو الذي لا يستقبل مرضى كورونا، ما استدعى نقل المريضة الى “رزق”، ” من بعد 100 واسطة”، بحسب تعبير كريستينا.
30 مليون ليرة للعناية المركزة وتم وضعها في قسم آخر
لم تستقبل “رزق “المريضة قبل استلام مبلغ قدره 30 مليون ليرة لبنانيّة، وهي تكلفة العلاج في العناية المركّزة. ورغم وضعها الصحّي الذي يستدعي مراقبة ومتابعة خاصّة، لم يتم نقلها الى العناية المركّزة، بل إلى الطّابق المتخصّص بمرضى كورونا، بحسب كريستينا.
كانت الوالدة بكامل وعيها، ولأنّ جميع أفراد عائلتها اصيبوا بالفايروس، لم يتمكّن أحد منهم من مرافقتها. بقيت المريضة في الطابق المخصّص في كورونا رغم حجزهم مكاناً لها في العناية المركزة ودفع التكلفة سلفاً، كما تقول كريستينا، الذي لم يكن أمامها سوى التواصل مع أحد الممرضين بواسطة الهاتف، للاطمئنان على صحّة والدتها.
تؤكّد كريستينا “أنّ الممرض اتصل بها أكثر من 10 مرات في اليوم ليقنعها بأنّ والدتها “تحتاج لدواء تكلفته 21 مليون ليرة لبنانية”. ورغم محاولة كريستينا إقناعه أنّ ” لوالدتها وضع خاص لا يسمح لها بتناول أي دواء من دون مراجعة طبيبها ، إلاّ أنّ الأخير ” مصرّ يبيع “، بحسب قولها.
هنا لم تشعر بالاطمئنان تجاه إصرار الممرض. فطلبت حينها ممرضاً خاصاً مقابل أجرةً يومية، وبعدما طلبت من الممرضين متابعة الأمر مع طبيب والدتها ، كان الجواب، ” نحنا مش فاضيين كل شوي ندق لحكيمها “، بحسب تعبير كريستينا. وبعد شعورها بعدم جدّية التعاطي معها من قبل الممرضين ، قرّرت كسر حجرها والتوجّه الى المستشفى.
عند وصولها إلى المستشفى مُنعت من الدخول. غافلت الحارس واستخدمت السلالم حتى وصلت إلى الطابق حيث تمكث والدتها. هناك، شاهدت فريقاً طبياً في حالة هلع، وسمعت أصوات الإنذارات التي تشير عادةً إلى حالة وفاة. سألت عن مصدرالأصوات، لم تحصل على الإجابة. عرّفت عن نفسها بأنها ابنة المريضة فلانة ، فطلبوا منها مغادرة المكان فوراً، لتكتشف بعد دقائق أنّ والدتها قد فارقت الحياة…
بعد ساعة من اكتشافها بالصّدفة وفاة والدتها، تلقّت اتصالاً من أحد الممرّضين في المستشفى لإخبارها بالأمر. حينها لم تتمكّن من تماسك نفسها وانهارت قبل أن تصبّ جمّ غضبها على المستشفى واتّهامها بقتل والدتها ” لعدم نقلها الى العناية المركّزة”. وبعد التحدّث مع الممرّضين المشرفين ومحاولة فهمها سبب تدهور حالة والدتها، علمت أنّ أحدهم أعطاها حبّة مهدّىء للأعصاب، ” وهو الدّواء الذي قد يكون قد تسبّب بوفاتها بسرعة”، وفق رأي طبيب المريضة.
وبعد معرفتها بالمهدّىء، اكتشفت كريستينا أيضاً أنّ المستشفى لم تحضر الممرض الخاص، وجاء تبريرها لذلك “تأخر ليجي”. ثم طلبت مشاهدة فيديو التسجيل داخل غرفة المستشفى، لترى والدتها قبل وفاتها بحالة عصبيّة، ما دفع بالممرّض إلى اعطائها المهدّىء.
اليوم فقدت كريستينا والدتها ولا يمكن تعويض خسارتها. أعلنت أن أمّها انضمت الى لائحة ضحايا الأخطاء الطبيّة بعد شقيقتها وضحايا آخرين. تقول كريستينا “امي تتحدّى السرطان منذ سنوات، واستطاعت محاربته . لم يقتلها كورونا، بل أنهت حياتها مستشفى رزق”.
مونتاج: غادة مسلم