جمود التأليف تخرقه اتهامات متبادلة بين “التيارَين”
لا جديد في ملف تشكيل الحكومة، سوى الردود والاتهامات المتبادلة بين فريق رئيس الجمهورية ميشال عون و”التيار الوطني الحر” من جهة، وفريق رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري و”تيار المستقبل” من جهة ثانية.
كل طرف يتّهم الطرف الآخر بعرقلة عملية التشكيل، بينما يرزح لبنان تحت أزمات متعدّدة تزداد وطأتها يومًا بعد يوم، في ظل تقاعس المسؤولين عن التحرّك بشكل جدّي لإنهاء هذه “المهزلة” الحاصلة، والتوصّل إلى حلّ ينتشل البلد من أزماته، بعيدًا عن المصالح الشخصية والسياسية والطائفية.
مصادر “تيار المستقبل” التي تُحمّل رئيس الجمهورية و”التيار الوطني الحر” ومعهما “حزب الله” مسؤولية عدم تشكيل الحكومة، ترى في حديث لـ”أحوال” أن الحل بسيط والكرة في ملعب رئيس الجمهورية، إذ عليه أن يقبل أو يرفض “رسميًا” التشكيلة الحكومية التي قدّمها الرئيس الحريري له.
هذه التشكيلة، بحسب المصادر، “ملتزمة بالميثاقية والدستور”، وقد وعد الرئيس عون بدراستها وإعطاء ملاحظاته حولها، “إلا أن الحريري حتى الساعة لم يتلقَّ أي جواب رسمي من رئيس الجمهورية في هذا الخصوص، لذا فالرئيس عون يتحمّل مسؤولية التأخير في عملية تشكيل الحكومة”، تقول مصادر “المستقبل”.
من جهتها، ترى منسقة لجنة الإعلام المركزية في “التيار الوطني الحر”، رندلى جبور، في حديث لـ”أحوال”، أن هناك “لعبة مكشوفة” اعتمدها كل من الرئيس المكلّف سعد الحريري و”تيار المستقبل”، بشكل مستمر ولفترة طويلة، تمثّلت ببثّ أجواء “إيجابية” ومن ثمّ تحميل مسؤولية التعطيل والتأخير في عملية تشكيل الحكومة للرئيس عون أو لـ”التيار الوطني الحر” أو حتى “حزب الله”، علمًا أن “التيار والحزب لم يتدخّلا منذ البداية بعملية التأليف ولا يتحملان أي مسؤولية في هذا الخصوص”، بحسب قولها.
أما المشكلة، بحسب جبور، فهي أن “الرئيس الحريري لا يلتزم بالدستور الذي ينصّ على شراكة حقيقية لرئيس الجمهورية في عملية تشكيل الحكومة، كما أنه لم يقدّم تشكيلة “واقعية وعادلة”، ليُقال إنه قام بواجبه فعليًا والكرة باتت لدى رئيس الجمهورية”، موضحة في حديث لموقعنا أن التشكيلة التي قدّمها الرئيس الحريري لرئيس الجمهورية تتألّف من 18 وزيرًا، ولا تتضمّن معايير موحّدة أو “توزيعًا طائفيًا منطقيًا وعادلًا”، ومثال على ذلك، تتابع جبور، “عمد الحريري إلى إعطاء “الدروز” حقيبة سيادية وهي “وزارة الخارجية”، في حين أن الائفة الكاثوليكية والتي تملك نفس التمثيل الطائفي كالطائفة الدرزية، لم يعطها الحريري أي حقيبة سيادية، الأمر الذي قد يخلق إشكالية لدى الكاثوليك من ناحية توزيع الحقائب”.
وتشير منسقة لجنة الإعلام المركزية في “التيار الوطني الحر” لـ”أحوال”، إلى أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد في توزيع الحقائب، إذ أعطى الحريري حقيبة واحدة لـ”الدروز”، ما يعني أن “رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط سيحصل على حقيبة سيادية، بينما “رئيس الحزب الديمقراطي” طلال أرسلان لن يكون له أي حقيبة في التشكيلة الحكومية الجديدة، ما سيؤدي إلى مشكلة أخرى، مؤكّدة أن التوزيع غير العادل وغير المنطقي للحقائب هو الذي يعرقل تشكيل الحكومة وليس “الثلث المعطّل” كما يُشاع، أو حتى أي قرارات أخرى، نافية وجود تدخلات من قبل رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في عملية القبول أو الرفض للتشكيلة، إذ “لدى رئيس الجمهورية تاريخ من القرارات والسيادة والرؤية، ولا يمكن لأحد أن يملي عليه أي موقف”، وفقًا لـ”جبور”، خاتمة كلامها لموقعنا بالقول: “الكرة الآن في ملعب الرئيس الحريري لإيجاد الحل المناسب للأزمة الراهنة، ونحن بانتظار أن يزور بعبدا ويقدّم تشكيلة جديدة فيها تمثيل عادل، وهو بالطبع لا يحتاج لأي دعوة لزيارة بعبدا”.
بدورها، تعتبر مصادر “حزب الله” أن اتهام الحزب في عرقلة تشكيل الحكومة “أمر مضحك”، إذ شدّدت في حديث لـ”أحوال” أن “حزب الله” هو أكثر من يطالب بتشكيل الحكومة في أسرع وقت وقدّم تنازلات عديدة لتسهيل عملية التأليف، “لأن الوضع العام في لبنان لا يحتمل المزيد من التأخير، فالبلد على كفّ عفريت من كافة النواحي الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، ويجب أن يتم تشكيل الحكومة اليوم قبل الغد”، بحسب قولها.
إذًا، أزمة تأليف الحكومة تراوح مكانها، ولا يبدو هناك أي “بوادر أمل” تلوح في الأفق، فـ”العناد” و”التشبّث بالرأي” سيّد الموقف لدى الجهات السياسية المعنية، أما دول الخارج فبالطبع لا تضع لبنان وأزماته على سلّم أولوياتها كما يُعتقد، إلا أن المطلوب هو وعي وإدراك المعنيين لصعوبة الوضع الحالي في البلد، لأن الأخير لم يعد يحتمل المزيد من الأزمات.
ياسمين بوذياب