منوعات

البث في قرار نقل أسانج إلى أميركا اليوم وما علاقته بنصرالله؟

سيقرّر القضاء البريطاني اليوم الإثنين ما إذا كان يمكن تسليم جوليان أسانج مؤسس ويكيليكس إلى الولايات المتحدة، لمواجهة تهم تجسس بسبب نشر الموقع لوثائق عسكرية أميركية سرّية. فماذا كشفت الصحف العالمية اليوم عن القرار؟ وما علاقة محاكمة أسانج بالمقابلة التي أجراها في برنامجه مع السيد حسن نصرالله؟ وكيف دعم أسانج دونالد ترامب في الانتخابات الأميركية لعام 2016؟  

قرار التسليم في تجاذب سياسي

وجّه المدعون الأميركيون لائحة اتهام إلى أسانج في 17 تهمة تجسس وتهمة واحدة تتعلّق بإساءة استخدام الكمبيوتر. وتصل العقوبة القصوى لهذه التهم إلى السجن 175 عامًا. فيما يجادل محامو الأسترالي بأنّه كان يعمل كصحفي، ويحقّ له الحصول على حماية التعديل الأول لحرية التعبير لنشره وثائق مسرّبة كشفت عن مخالفات عسكرية أميركية في العراق وأفغانستان.

ومن المقرّر أن تصدر قاضية المقاطعة فانيسا باريتسر، حكمها في المحكمة الجنائية المركزية بلندن، بعد جلسة استماع استمرت ثلاثة أسابيع في الخريف.

واتهم الفريق القانوني لأسانج الولايات المتحدة بملاحقة قضائية “غير عادية وغير مسبوقة ومسيّسة” سعت إلى “تجريم الحصول على ونشر المعلومات المتعلقة بالأمن القومي”.

وجادل الدفاع بأنّ تسليم المجرمين يهدّد حقوق الإنسان لأسانج لأنه يخاطر “بعقوبة غير متناسبة بشكل صارخ” والاحتجاز في “ظروف قاسية وغير إنسانية” من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم اكتئابه الشديد ومشاكله الصحة العقلية الأخرى.

جوليان أسانج: قديس أم خاطئ؟

عنونت مجلة Der Spiegel الألمانية مقالها منذ يومين بـ: جوليان قديس أم خاطىء؟ وكتبت، يعتبر الكثيرون جوليان أسانج بطلاً كشف النقاب عن جرائم الحرب والفساد، وهو أب الصحافة الاستقصائية الحديثة، بعد أن تعامل مع كميّات هائلة من البيانات المسرّبة؛ لكن آخرون يرونه خائنًا، أو عدوًا للدولة، أو شريكًا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وربما الرجل المسؤول عن انتخاب دونالد ترامب عام 2016 كرئيس للولايات المتحدة – أو كل ما سبق.

موظفه السابق “الساخط” دانيال دومشايت بيرج” وصف أسانج ذات مرة بأنه “ذكي ومصاب بجنون العظمة، ومهووس بالسلطة”؛ واتهمه بتحويل ويكيليكس إلى “رحلة غرور” كان قد “ربطها بنفسه وشخصيته العدوانية”.

ونقلت مجلة Der Spiegel عن أسانج قوله “عندما تكون أذكى بكثير من الأشخاص من حولك، فإنك تكتسب “الأنا” الهائلة – وتشعر أنّ أيّ مشكلة يمكن حلّها إذا ركزت على ذلك”.

وفي المقابل، ثبت أنّ جنون الشك المزعوم لدى أسانج مبرر. فمنذ عام 2010، كان على قائمة المطاردين لوكالات المخابرات الأمريكية، حسب ما أفاد موقع Intercept، نقلاً عن وثائق سرية مسرّبة. وهدفت العمليات الاستخباراتية المكثفة آنذاك من التحقيق في موقع ويكيليكس إلى إيقافه أو إلحاق الضرر به على الأقل.

شريكة أسانج: التسليم مهزلة

شريكة جوليان أسانج ستيلا موريس اعتبرت عشية حكم القضاء، أنّ قرار تسليم المؤسس المشارك لموقع ويكيليكس إلى الولايات المتحدة سيكون “كارثيًا سياسياً وقانونياً على المملكة المتحدة”.

وقالت موريس، التي لديها طفلان من أسانج، إنّ قرار السماح بالتسليم لن يكون فقط “مهزلة لا يمكن تصورّها” لشريكها، بل سيضرّ بالحريات البريطانية المقدسة”.

وكتبت موريس في صحيفة “Mail on Sunday”، إنّ قرار التسليم سيعيد كتابة قواعد ما يجوز نشره هنا”.  وأردفت، “يمكن للدول الأجنبية ببساطة إصدار طلب تسليم يقول إنّ الصحفيين في المملكة المتحدة، أو مستخدمي فيسبوك، قد انتهكوا قوانين الرقابة الخاصة بهم.  إنّ حريات الصحافة التي نعتز بها في بريطانيا لا معنى لها إذا كان من الممكن تجريمها وقمعها من قبل الأنظمة في روسيا أو أنقرة أو من قبل المدعين العامين في فيرجينيا “.

اتهامات أسانج الـ 18

يواجه أسانج، 49 عامًا، لائحة اتهام من 18 تهمة، تزعم وجود مؤامرة لاختراق أجهزة الكمبيوتر ومؤامرة للحصول على معلومات الدفاع الوطني والكشف عنها في قضية انتقدها النقاد باعتبارها هجومًا خطيرًا على حرية الصحافة. ويقول محاموه إنّه يواجه عقوبة تصل إلى 175 عامًا في السجن إذا أُدين. وتقول الحكومة الأمريكية إنّ العقوبة من المحتمل أن تتراوح بين أربع وستة سنوات.

كما تتعلّق القضية المرفوعة ضد أسانج بنشر ويكيليكس لمئات الآلاف من الوثائق المسرّبة حول حربي أفغانستان والعراق، بالإضافة إلى البرقيات الدبلوماسية، في عامي 2010 و 2011.

ويقول ممثلو الادعاء إنّ أسانج ساعد محلّل الدفاع الأمريكي تشيلسي مانينغ في خرق قانون التجسس، وكان متواطئًا في القرصنة من قبل آخرين ونشر معلومات سرية عرضت المخبرين الأميركيين للخطر.

فيما ينفي أسانج التآمر مع مانينج لاختراق كلمة مرور مشفرة على أجهزة كمبيوتر وزارة الدفاع الأمريكية، ويقول إنّه لا يوجد دليل على تعرّض سلامة أي شخص للخطر.

ويجادل محاموه بأنّ الادعاء له دوافع سياسية، وأنه يتم ملاحقته لأن ويكيليكس نشر وثائق حكومية أمريكية كشفت عن أدلة على جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان.

ونشرت صحيفة The Guardians نقلاً عن كريستين هرافنسون، رئيسة تحرير ويكيليكس قولها: “إنّ مجرد حقيقة أن هذه القضية قد رفعت إلى المحكمة، ناهيك عن استمرارها لفترة طويلة، هو هجوم تاريخي واسع النطاق على حرية التعبير”. وأضافت، “يجب على حكومة الولايات المتحدة أن تستمع إلى موجة الدعم الوافرة من افتتاحيات وسائل الإعلام الرئيسية والمنظمات غير الحكومية في جميع أنحاء العالم مثل منظمة العفو الدولية ومراسلون بلا حدود والأمم المتحدة الذين يطالبون جميعًا بإسقاط هذه التهم”.

إتهامات بالإغتصاب

عندما كان أسانج في قمة شهرته، تضرّرت سمعته بشكل كبير لأول مرة. كان ذلك في صيف عام 2010، وكان إصدار فيديو “القتل الجماعي” قد جعل ويكيليكس اسمًا مألوفًا في جميع أنحاء العالم. مع “يوميات الحرب الأفغانية”، أصبح أسانج شخصية معترفاً بها في الصحافة.

في 21 أغسطس 2010، ذكرت صحيفة التابلويد السويدية Expressen أنّ أسانج كان موضوع مزاعم اغتصاب. أصبح حينها هذا أساس التحقيق الذي يستمر لسنوات – على الرغم من عدم توجيه أي اتهامات رسمية ضده.

وبحسب Deutsche Welle، جاء الاتهام من امرأتين دخلا مركز شرطة ستوكهولم. وذكرت السيدتان أنّ أسانج مارس الجنس مع كليهما خلال زيارة إلى ستوكهولم في أغسطس 2010. وكشفت إحداهما عن شذوذ جنسي مارسه أسانج، بينما اتهمته الأخرى بممارسة الجنس معها أثناء نومها.

في المقلب الآخر، قال أسانج إنّه غير قلق بشأن أي إجراءات في السويد، لكنّه يعتقد أنّ المزاعم السويدية كانت تهدف إلى تشويه سمعته وكانت ذريعة لتسليمه من السويد إلى الولايات المتحدة. فيما لفت جونتر والراف، الصحفي الاستقصائي الألماني الشهير، لـ DW إلى “اغتيال شخصي” ضد جوليان أسانج.

وقال: “لقد اتُهم بأسوأ شيء يمكن أن تتهم به شخصاً ما في مجتمع متنوّر: الاغتصاب”. يعتقد والراف، نقلاً عن بحث أجراه المقرّر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب، نيلز ميلتسر، أنّ الاتهامات الموجهة لأسانج كانت مفتعلة للرجل الذي كشف النقاب عن الكثير من الأشخاص.

إلى ذلك، تمكّن ميلتسر، أستاذ سويسري في القانون الدولي، من فحص مجموعة كبيرة من المستندات الأصلية. في مقابلة مع المجلة السويسرية Republik، أثار ميلتسر اتهامات ضد السلطات السويدية في أوائل عام 2020 للمرة الأولى، بحجة أن الأدلة قد تم التلاعب بها لأسباب سياسية.

المتحدث باسم بوتين؟

ظهرت انتقادات لصلات مفترضة مع موسكو لأول مرة في عام 2012؛ حين كان جوليان أسانج  يواصل عمله الصحفي، في البداية تحت الإقامة الجبرية، ثم كلاجئ سياسي في سفارة الإكوادور في لندن بسبب طلب التسليم السويدي الذي تم تقديمه لاحقًا. وأنتج حينها برنامجًا حواريًا سياسيًا بعنوان “The World Tomorrow” مع شركته الخاصة Quick Roll Productions.  فيما كان الضيف الأول السيد حسن نصر الله، عبر رابط فيديو. كانت هذه أول مقابلة دولية مع زعيم حزب الله المثير للجدل منذ ست سنوات بحسب DW.

وتعرّضت المقابلة إلى وابل من الإنتقادات سيّما في ألمانيا؛ وكان النقد الرئيسي الذي وُجه لأسانج أنه لم ينتقد نصر الله بشكل فاضح.

كما انتقدته صحيفتا نيويورك تايمز والغارديان اللتان وصفه مراسلهما السابق في موسكو لوك هاردينغ بأنه “أحمق مفيد” لآلة الدعاية الروسية. بدورها، ركزت بي بي سي على عروض الوساطة التي قدمها نصر الله للحرب الأهلية السورية.

دعم ترامب في الانتخابات

في منتصف الحملة الرئاسية الأمريكية لعام 2016، نشر موقع ويكيليكس عشرات الآلاف من رسائل البريد الإلكتروني من الديمقراطيين، بما في ذلك مرشحتهم الرئاسية هيلاري كلينتون. لم يضرّ ذلك بحملة كلينتون الانتخابية ضد دونالد ترامب فحسب، بل أضر أيضًا بسمعة جوليان أسانج، وفقًا للمراسل الاستقصائي والراف.

في هذه الحالة، كان الاهتمام العام بالمعلومات ذا صلة، حيث أظهر بعض التأثير غير المنتظم لقيادة الحزب الديمقراطي لصالح هيلاري كلينتون على حساب بيرني ساندرز في الانتخابات التمهيدية.

تجدر الإشارة إلى أنّ أسانج محتجز في سجن بلمارش شديد الحراسة منذ أن أخرجته الشرطة من السفارة الإكوادورية في لندن، حيث لجأ إلى سبع سنوات، واعتقلته لخرقه شروط الكفالة.

وقال المقرّر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب، البروفيسور نيلز ميلتسر، الذي زاره في بلمارش، إن أسانج يظهر جميع الأعراض المرتبطة بالتعرّض المطوّل للتعذيب النفسي ويجب عدم تسليمه. واستمعت المحكمة إلى أنه تم تشخيصه بمتلازمة أسبرجر،( إحدى اضطرابات طيف التوحد، ويُظهر المصابون بهذه المتلازمة صعوبات كبيرة في تفاعلهم الاجتماعي مع الآخرين، مع رغبات وأنماط سلوكية مقيدة ومكررة). وقال الأطباء النفسيون للدفاع إنّه يعاني من اكتئاب حاد وكان عرضة لخطر الانتحار.

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى